تصعيد "حزب الله" يرهن البلد للمواجهة الإقليمية؟ | أخبار اليوم

تصعيد "حزب الله" يرهن البلد للمواجهة الإقليمية؟

| الإثنين 10 يناير 2022

حوار عون يتحول ثنائياً وحكومة ميقاتي تنازع...
 "النهار"- ابراهيم حيدر


أقفلت أبواب الحوار في لبنان مع ازدياد العجز السياسي لدى كل الأفرقاء، وافتقارهم إلى رؤية واضحة لمشاريع تطال السلطة الراهنة وبنية النظام. كل الاطراف السياسية تنشغل اليوم بالانتخابات النيابية، وترتد إلى بيئاتها، فيما الانهيار يطيح بكل أسس الدولة ويفجّرأزمات سياسية وبنيوية. حتى الخرق الاخير الذي حاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استثماره بالدعوة لعقد جلسة للحكومة وبنى عليه آمالاً كبرى، سقط، ليس بسبب تشبث القوى بشروطها، خصوصاً "حزب الله" واستطراداً الثنائي الشيعي، بل لأن الحكومة باتت غير قادرة على معالجة الازمات ومواكبتها. فالخلاف بلغ ذروته على كل المستويات، حتى دعوة الرئيس ميشال عون لطاولة حوار تناقش ملفات الاستراتيجية الدفاعية واللامركزية، فشلت ولم يعد أمام اللبنانيين إلا انتظار الفرج للتخفيف من آثار الجحيم الذي انزلق البلد إليه.

فشل دعوة الحوار ليس سببها فقط رفض أطراف أساسية المشاركة، بل لأنها تحمل في طياتها عناصر فشلها، خصوصاً باختلاف الرؤى السياسية وارتداد الجميع إلى الاصطفاف الطائفي، فيما يواصل "حزب الله" تولي مهمات داخلية وخارجية وهو غير قادر على بلورة رؤية جديدة وتغليب الداخل على الخارج ويستعد لأدوار أكبر في المرحلة المقبلة، حيث تتولد قناعة لدى مختلف الأطراف بأن الحوار لن يصل إلى نتيجة مع "الحزب"، وكذلك في دفع الرئيس عون إلى بلورة سياسة وطنية تعيد الاعتبار للعلاقة بالمحيط العربي وتكسر حال القطيعة القائمة مع الدول الخليجية.

النقطة المفصلية هي أن الحوار بالنسبة إلى القوى الرافضة يغطي على العجز، ويعوّم "حزب الله" وكذلك يعطي قوة دفع لرئيس الجمهورية الطامح لحسم ملف الانتخابات الرئاسية، كما أنه يعطّل المؤسسات الدستورية ويلغي موقع رئاسة الحكومة، ويقدم الطاولة بديلاً عنها، تماماً كما كانت الدعوات تجري لعقد المجلس الاعلى للدفاع الذي يتخذ قرارات للتنفيذ، فيما الحكومة معطلة، ولا يوقع عون القرارات الاستثنائية للجنة الوزارية. يعني ذلك وفق مصدر سياسي أن عون يريد أن يستخدم كل أوراقه خلال المدة المتبقية من العهد لتكريس صلاحيات جديدة، وانتزاع تعهد من الأفرقاء لما بعد انتهاء ولايته حول اسم جبران باسيل للرئاسة، وهو أمر لا يستقيم إلا بفرض شروط والتمسك بكل مكسب تكرّس خلال السنوات السابقة، حتى في إدارة الجلسات الحكومية. لكن بعض أوراق عون كادت تحترق سريعاً، فاضطر إلى توقيع عقد الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، خصوصاً بعدما تحضّر الرئيس #نبيه برّي لجمع تواقيع نواب الأكثرية، كذلك كانت الموافقة لقطع الطريق على "#القوات اللبنانية"، كي لا تصبح صاحبة الكلمة الفصل.

يسعى عون إلى إبقاء دعوته مفتوحة، إنما بطريقة مختلفة، عبر لقاءات ثنائية. يلتقي هذا الاسبوع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وهذا اللقاءان يصبان في مصلحة عون وتياره السياسي، ويخففان وفق مصدر سياسي العزلة عنه، فلقاء فرنجية مثلاً لم يكن ممكناً من دون رعاية "حزب الله"، وجزء من هدفه مواجهة "القوات"، اما مشاركة جنبلاط فلها حسابات داخلية من موقعه في المعادلة. كما يلتقي كتلة "حزب الله". لكن الهدف الاكبر لعون يكمن في حسم مسألة الرئاسة، إضافة إلى فرض تغييرات تتعلق باتفاق الطائف. أي أنه يريد تحقيق انجاز ملموس خلال الأشهر المقبلة ، كي لا يبقى فارغ اليدين.

وإذا كان عون يبحث عن تسوية سياسية جديدة، إلا أنه ينطلق من نقاط خلافية، فالبحث يفترض أن يبدأ بإعادة عمل الحكومة، وهو الامر الذي فشل مع حركة ميقاتي الاخيرة بعقد جلسة لإقرار الموازنة، فيما تبدو الأزمة أعمق بكثير. فعقد جلسة للحكومة بات شبه مستحيل، وإذا أجاز الثنائي الشيعي عقدها لإمرار مشروع الموازنة، فهي لن تقدم شيئاً في ما يتعلق بالملفات الأخرى. أما معالجة الوضع القائم، فكان يفرض على عون إيجاد تسوية للحكومة، لكنه لم يعطها الأولوية حتى بعلاقته بـ"حزب الله". ويتبين أن عودة الحكومة فيها الكثير من التعقيدات، إذ أن محاولة ميقاتي سحب فتائل التفجير لم تنجح، بما فيها الأزمة مع السعودية. فإذا كان رئيس الحكومة يسعى إلى تفعيلها لإقرار خطط مالية ولحسم مسألة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ثم إصدار قرارات لإجراء الانتخابات النيابية، إلا أن ذلك يصطدم بملفات أكبر، من بينها التحقيق في انفجار المرفأ والعلاقات اللبنانية - الخليجية، ثم دور "حزب الله" في المنطقة، وزاد عليها رئيس الجمهورية، الاستراتيجية الدفاعية واللامركزية المالية والادارية، وبذلك توقفت الحكومة عند النقطة التي طرحها ميقاتي حول الموازنة، من دون ان يحقق شيئاً. ووفق المصدر أبلغ "حزب الله" الجميع عبر قنوات مختلفة، أن لا عودة للحكومة من دون تنحية القاضي طارق البيطار عن تحقيقات انفجار المرفأ، في وقت يستعد لتصعيد أكبر كان بدأه أمينه العام السيد #حسن نصرالله بالهجوم على السعودية ودول الخليج، ما يعني أن الحكومة ستبقى معلقة إلى أن تُحسم ملفات إقليمية ودولية تنعكس على لبنان وتكرّس النفوذ فيه.

سقطت دعوة عون وفشلت تسوية ميقاتي، أمام الخلافات وايضاً التحديات التي يواجهها لبنان، فليس هناك من اتفاق سياسي يلبي شروط الثنائي الشيعي لإعادة إحياء عمل مجلس الوزراء. ولم يعد أمام ميقاتي خيارات كثيرة، فهو استنفد كل ما لديه، ليس فقط حكومياً، إنما لتعويم موقعه ضمن البيئة السنية. ويراهن ميقاتي على تغيير في موقف "حزب الله" صاحب الحسابات الأوسع ووظيفته المستندة إلى الدعم من مرجعيته الإيرانية. ويدرك ميقاتي أن الامور كلها مرتبطة بـ"حزب الله"، إذ أن حسابات رئيس الجمهورية معروفة، وجزء منها يستند إلى ممانعة الحزب، أما هذا الاخير الذي بات يعتبر معركته وجودية مع الدول الخليجية، فيبدو أنه مستمر بالتصعيد إلى حين ظهور نتائج في التفاوض الأميركي – الإيراني غير المباشر، وهذا التصعيد الذي عبر عنه نصرالله بنقل معركته الى الخارج، يضغط على ميقاتي ويضعه في موقف حرج، فهو يتمسك بحكومته، ويدين التعرض للسعودية ويؤكد في الوقت نفسه أن الحزب هو جزء من البنيان اللبناني. لذا المسالة تبدو برمتها عند "حزب الله" الذي رفع شعار مواجهة "العدو الجديد" فيما الأمور واضحة وهي أن له دوراً أساسياً في الاستراتيجية الإيرانية للتفاوض مع الاميركيين وأيضاً مع السعوديين، ولبنان يبقى رهينة لها.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار