"ليالي الأنس" النووي في فيينا لن ينعم بمثلها لبنان! | أخبار اليوم

"ليالي الأنس" النووي في فيينا لن ينعم بمثلها لبنان!

| الخميس 13 يناير 2022

كيف كانت الارتدادات الداخلية لصعود نصرالله إلى أعلى شجرة تصعيد ضدّ السعودية؟

"النهار"- أحمد عياش

التغيير في مجرى الحرب في اليمن لم يكن نبأ سعيداً، هبط على "حزب الله" في الأيام الماضية. كما أنّ الكلام عن التغيير الإيجابي في مناخات المفاوضات النووية الجارية بين طهران والغرب لم يكن أيضاً بالأمر السارّ في الضاحية الجنوبية لبيروت، وصولاً إلى الحديث القائم عن احتمال استئناف المفاوضات الإيرانية - السعودية في جولة جديدة، فهو بدوره يندرج في سياق ما يمكن وصفه بـ"الأنباء غير المرغوب في سماعها".


 

كيف اتّفق أن تتوالى هذه الأحداث في وقت واحد، في وقت كان فيه الأمين العام للحزب السيد #حسن نصرالله ذاهباً إلى الحرب، فيما كان الناس، ولو ظاهرياً، عائدين منها في المنطقة والعالم؟

ربما ينطوي هذا الكلام على مبالغات سواء في التوصيف أو في الوقائع. حسناً، قد يكون هذا الأمر على هذا النحو. لكنّ المعطيات تشير إلى أنّ نصرالله قد صعد إلى أعلى شجرة في الغابة، تمثّلت بالهجوم غير المسبوق على المملكة العربية السعودية. وها هو حالياً يلوّح من أعلى هذه الشجرة من خلال ما سُمّي "لقاء المعارضة في الجزيرة العربية".

إنّها أزمة كلّ من يكون في موقع المطالب بتنفيذ أجندات لا صناعتها، فيكون كمن يمثّل دور الاستطلاع ولو بالنار، من دون أن يعلم مآل ما يفعله باعتبار أنّ القرار ليس بيده.

كيف كانت الارتدادات الداخلية لصعود نصرالله إلى أعلى شجرة تصعيد ضدّ السعودية؟

لم يكن هناك صوت واحد خارج الدائرة المباشرة لـ"حزب الله" من جاراه ولو مسايرة في تصعيده. وربما كان رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي مضطراً لأن يكون أكثر وضوحاً في البيان الذي ردّ فيه على خطاب نصرالله الأخير ممّا فعله رئيس الجمهورية #ميشال عون الذي مارس ضربة على الحافر ثم ضربة على المسمار. وعلى ذمّة من يَصِفون أنفسهم بـ"أصدقاء مشتركين"، فإنّ قناة الاتّصال الدائمة بين الرئيس ميقاتي والحزب، التي يتولّاها الحاج حسين الخليل، المعاون السياسي للأمين العام للحزب، معلّقة في الوقت الراهن. وكان لا بدّ من اللجوء إلى قناة الاحتياط في هذه الاتصالات، ألا وهي رئيس مجلس النواب نبيه بري، للحفاظ على شعرة "دقيقة جدّاً" في علاقات ميقاتي والحزب.


من أدوات البقاء فوق الشجرة، التحرّك السريع الذي قام به "حزب الله" بشخص نائب الأمين الشيخ نعيم قاسم، لإعادة ضخّ الدماء في شرايين العلاقات بين الحلفاء اللدودين، كما هو معلن بلا مواربة، أي بين "التيار الوطني الحر" وحركة "أمل". كما شملت مساعي إعادة رأب الصدع كلّاً من "المردة" و"التيار الوطني الحر". وهذا ما يفسّر قبول زعيم "المردة" سليمان فرنجية الصعود إلى قصر بعبدا لملاقاة دعوة الرئيس عون إلى طاولة الحوار التي لن تنعقد. لكن فرنجية عاد إلى قواعد الاشتباك مع "التيار" مصرّحاً بما لم يسرّ خاطر دعوة رئيس الجمهورية إلى الحوار، كما لا يسرّ خاطر رئيس "التيّار" جبران باسيل، سائلاً الأخير عمّا إن كان يرضى بمحاورة "الفاسدين"، وهذه إشارة يفهمها باسيل جيدّاً.

هل تكفي هذه الخطوات، لإعادة إصلاح ما كسره نصرالله في الستاتيكو الداخلي الهشّ؟

ليس من داعٍ للتردّد في الإجابة سلباً. ففي عزّ مسعى "حزب الله" لإعادة لمّ شمل بيت الحلفاء، أوردت قناة "التيّار الحرّ" التلفزيونية قبل أيام في مقدمة نشرتها الإخبارية المسائية الرئيسية الآتي: "في موضوع العلاقة مع رئيس مجلس النواب، رأى رئيس الجمهورية أنّ الأخير متّهم بالتعطيل في مكامن كثيرة، مؤكداً أنّ معارضته ألحقت الضرر بالبلد، مذكّراً بأنّ الرئيس نبيه بري أبلغه صراحة أنّه سيكون معارضاً لوصوله إلى سدّة الرئاسة الأولى، ولافتاً إلى أنّ المعارضة استمرّت وظهرت في أكثر من مناسبة...".

أمّا نجل زعيم "المردة" النائب طوني فرنجية، فلفت إلى أنّ علاقة التيار الذي يرأسه والده "برئيس الجمهورية منفصلة عن علاقته السياسية مع التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب جبران باسيل. أمّا بالنسبة للأخير، فبدا بعد مؤتمره الصحافي الأخير، وكأنه قد دخل في نفق الصمت، لكن اللقاءات بينه وبين الحاج وفيق صفا مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" لم تتوقف حتى الآن.

تلك عيّنة من غرفة الخزف الداخلي التي دخلها الفيل (حزب الله) فأحدث فيها ولا يزال قرقعة تحطّم الأواني. لكن ذلك لن يغيّر حرفاً في الكتاب الذي يقرأه "حزب الله" وهو أنّه غير معنيّ بتغيير المعادلات الإقليمية والدولية. لا بل إنّ دوائر الحزب تعتبر أنّه في زمن الرئيس الأميركي جو بايدن لن يكون هناك تغيير في قواعد اللعبة، وإنما هناك فقط سعي للعودة إلى "بيت الطاعة" في هذه اللعبة كما ظهر أخيراً في حرب اليمن، وسط ثقة بأن تجربة العراق لن تتكرّر في لبنان، أي تراجع قبضة حلفاء طهران لمصلحة من هم في خط من يقولون إن الشيعة هناك عراقيون وعرب قبل أيّ انتماء آخر.

وفي الخلاصة، إنّ ما يبدو هو أنّ أمامنا "ليالي أنس" نووي في فيينا، على رغم الصعود والهبوط في التوقعات في شأنها يومياً. لكن، لسوء الحظ، لن ينعم لبنان بهذه الليالي، أقلّه في المدى المنظور.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار