كيف ولماذا تبدّل التأييد الخليجي والفرنسي لسعد الحريري؟ | أخبار اليوم

كيف ولماذا تبدّل التأييد الخليجي والفرنسي لسعد الحريري؟

| الخميس 27 يناير 2022

هل ستتشرذم الطائفة السنية سياسيا بعدما فقدت زعيمها؟ وما هي أبعاد هذا القرار ؟

"النهار"- سمير تويني

اعتزل الرئيس سعد الحريري العمل السياسي في لبنان بعد اعلانه الاثنين الماضي "تعليق نشاطه ونشاط تياره"، وعدم مشاركتهما في الانتخابات النيابية المقبلة. فما هي الاسباب الحقيقية التي جعلت الحريري يتخذ هذا القرار، وما هي نتائج هذا القرار عليه شخصيا وعلى تياره السياسي، وفي السياق على الطائفة السنّية التي فقدت احد كبار زعمائها؟

يقول مصدر مقرب من الرئيس الحريري ان هناك العديد من العوامل التي ادت الى تعليقه نشاطه السياسي.

اولا، وكما اعلن الحريري في كلمته الوداعية، فانه رفض المشاركة في اي فتنة سنية - شيعية في لبنان. وهو وفريقه السياسي ضد اراقة نقطة دم لبنانية في حرب اهلية قد تؤدي الى خراب لبنان. ويستشهد باعتداله وانفتاحه على جميع الافرقاء السياسيين رغم انه لم يبادَل بالمثل من لاعبين على الساحة الداخلية كان هدفهم دائما الغاءه. وهو لاحظ خلال الاشهر الاخيرة تصعيدا متبادلا بين العرب عموما وايران و"حزب الله" خصوصا. وفي هذا السياق، كانت الدول الداعمة له تسعى الى شخصية سنية باستطاعتها مواجهة "حزب الله" والسياسة الايرانية في لبنان، فرفعت سقف مطالبها تجاه لبنان.

ويضيف المصدر "ان بعض الحلفاء اللبنانيين للحريري كانوا يحرضون عليه في دول خليجية ولم يساندوه عندما كان في صدد تشكيل الحكومة، بل وضعوا العصي في الدواليب، لتباينات بينهم وبينه حول المواقف وانفتاحه على الحزب". كما ان الحريري، وفق المصدر نفسه، "شعر بعدما تخلت السعودية عن دعمه ان رؤساء دول عربية كانوا مقربين منه ابتعدوا عنه لعدم مواجهته "حزب الله" بحزم، ودوليا لعدم تمكنه من تنفيذ بعض وعوده. فباريس ماكرون ليست باريس شيراك، ولم يعد الرئيس ايمانويل ماكرون يعتبره وتياره حليف باريس الاول، ففضل التعاون مع الحزب المقرر في السياسة الداخلية اللبنانية. وحتى مصر التي كانت تؤيده تخلت عنه. فبعد خسارته صداقاته الدولية وتراجع الرعاية الدولية شعر الحريري ان المطلوب عزله سياسيا. ويمكن اعتبار ان المطالب التي اعلنها وزير الخارجية الكويتي خلال زيارته الاخيرة للبنان هي دليل كاف على رفع العرب سقف مطالبهم كالدعوة الى تطبيق القرارات الدولية، وخصوصا القرار 1559. وسلك العرب والخليجيون بشكل خاص سياسة مناقضة لسياسة الحريري".

واخيرا اتخذ الحريري قرارا شخصيا بالاقامة في الامارات لمتابعة اعماله، وأراد الانصراف التام لها بعدما خذلته السياسة و"افقدته ثروته" كما يقول.

هذه العوامل جعلت الحريري بعدما فقد القدرة على تشكيل حكومته الاخيرة في العام الماضي، يعتزل العمل السياسي، ويمكن القول إنه عُزل عن العمل السياسي من اللاعبين الاقليميين والدوليين. فباريس لم تستجب لمطالبه حين قرر بعد 15 يوما من تعيينه رئيسا مكلفا الاستقالة لعدم قدرته على تشكيل حكومة، فخسر صداقاته الدولية وتراجعت الرعاية الدولية له.

هل ستتشرذم الطائفة السنية سياسيا بعدما فقدت زعيمها؟ وما هي أبعاد هذا القرار ؟

قد يشكل اعتزال الحريري في الفترة الاولى تشرذما، كما ان ثمة خلافات داخل البيت السني لاسباب عديدة، اولا لان الحريري باعتزاله قرر اعتزال تياره السياسة، وهذا ما يعارضه بعض المقربين. وهي عملية ليست بهذه السهولة لان العديد من النواب المنتمين الى تياره والذين يتمتعون بحضور في مناطقهم بمعزل عنه سيشاركون في الانتخابات النيابية. وفراغ القيادة سيؤدي حتما الى خلافات داخل التيار حول الوريث او حول من يمكنه تسلم التيار خلال الفترة الانتقالية. ويبدو ان عدم ايمان الحريري بعدد من الطامحين لخلافته ادى الى عدم طرحه هذا الموضوع، بانتظار ما ستؤول اليه الاوضاع. وعدم مشاركة فريق سني كـ"تيار المستقبل" في الانتخابات لن يشكل تعديا على الميثاقية لان مرشحين من مختلف الاطياف سيشاركون فيها وسيمثلون بيئتهم.

ويشير المصدر نفسه الى ان نتائج الانتخابات النيابية المقبلة لا تعني اي شيء في ظل التعطيل الذي يقوم به "حزب الله" بواسطة سلاحه، فالاكثرية لم تعد تعني شيئا لان الحزب باستطاعته فرض شروطه على المسرح السياسي اللبناني. ويعود الى الاطراف اللبنانيين الذين يودون العودة الى توافق داخلي ضمن المعادلات السياسية، المطالبة بتطبيق القرار الدولي 1559 الذي يعيد السيادة الى الدولة اللبنانية. والقرار بحد ذاته ليس مشروع فتنة داخلية كما يتخوف البعض. وينوّه المصدر بان العرب الذين يطالبون بحماية مطالب الطائفة السنية لن يخوضوا اي صراع للمحافظة على هذه الحقوق، وهذا ما حصل أخيرا في سوريا حيث تُرك اكثر من 10 ملايين سوري لمصيرهم. والبحث اليوم عن بديل من الحريري لمواجهة "حزب الله" وحلفائه قد يشكل مشروع فتنة داخلية بحسب البعض، ولكن حتى اليوم لا يمكن القول ان هناك مقومات قد تؤدي الى فتنة داخلية لانه لا يوجد طرف مسلح باستطاعته جبه الحزب عسكريا. والمواجهة ستكون سياسية فقط.

ويشير المصدر الى ان الحزب بعد اعتزال الحريري لن يسمح بصعود شخصية سنية تتوحد حولها الطائفة. والسؤال المطروح هو: هل سيشهد لبنان بعد سقوط الاعتدال السني صعود تطرف سني، وهل سيسمح هذا التطرف بعودة الحريري عن قرار اعتزاله؟ وهل هذا يعني انتهاء "الحريرية السياسية" رغم ان المؤيدين للرئيس الحريري ما زالوا على تأييدهم له رغم الموقف السعودي من سياسته؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار