الترسيم البحري وحاويات المرفأ.. تحوّل استراتيجي في سلوك حزب الله | أخبار اليوم

الترسيم البحري وحاويات المرفأ.. تحوّل استراتيجي في سلوك حزب الله

| السبت 19 فبراير 2022

الترسيم البحري وحاويات المرفأ.. تحوّل استراتيجي في سلوك حزب الله
مكوكية هوكشتين أنتجت تجاوزاً إيجابياً لاتفاق الإطار وخط هوف


أنطوان الأسمر- "اللواء"


تكاد الدينامية اللبنانية لا تهدأ هذه الأيام. ومعها تُسجّل اختراقات لافتة، منها إثنان تحقّقا أخيرا، لحزب الله فيهما حصة وازنة، تحملان مؤشرات الى تحوّل إستراتيجي في سلوك الحزب وعلاقاته الخارجية، وفهمه للواقع الإقتصادي المهترئ الذي بلغه لبنان.


1- في الحدود البحرية، تبلّغ الموفد الأميركي، كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي آموس هوكشتين، أن قيادة حزب الله «صادقت لحكومة لبنان للتقدم في المفاوضات، التي وصلت إلى مرحلة متقدمة، والطرفان مستعدان للموافقة عليها مع وضع بضعة شروط». وهذه الرسالة التي نقلها هوكشتين الى تل أبيب في أعقاب زيارته الأخيرة لبيروت، أتت تتويجا لمشاورات واسعة أجراها الموفد الاميركي في عدد من عواصم المنطقة، كانت للبنان حصة وافية منها.


ولا يُخفى أن الديبلوماسية المكوكية التي اعتمدها هوكشتين في الأسابيع الأخيرة، متنقلا بين بيروت وتل أبيب، تماما كما بين عواصم عربية وأوروبية، أثمرت مجموعة تفاهمات أولية بدّدتْ عثرات وبنتْ أسسا متينة يعوّل عليها لتوقيع إتفاق نهائي لتقاسم الغاز في المنطقة المتنازع عليها جنوبا، منطلقه الخط 23 (كامل مساحة الـ860 كيلومترا مربعا المتنازع عليها). ويعني هذا التطور تجاوزا فعليا إيجابيا لاتفاق الإطار الذي سبق أن أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأساسه خط فريدريك هوف الذي اقترح منح لبنان 60% من الـ860 كيلومترا مربعا.


ما يعني لبنان في مجمل هذه المسألة أن يحصّل أكبر قدر ممكن من المكامن الغازية المكتشفة وكذلك أي مكامن محتملة قد تُتكتشف تباعا مع بدء عمليات الإستكشاف. وفي هذا تحديدا تسقط المزايدات التي رافقت النقاشات التخوينية في موضوع الخط 29 الذي أقرّ من وضعه أنه خط تفاوضي ولم يكن يوما خطا نهائيا. وهو أبلغ هذا الموقف الى هوكشتين والسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا قبل نحو 3 أشهر، حتى قبل إبلاغه الى المسؤولين اللبنانيين الذين فوجئوا بأن واشنطن هي من أبلغتهم بهذه الواقعة.


ولا يسقط من البال، في هذا السياق، أن الخط 23 وضعته حكومة الرئيس ميقاتي في الـ2011، وأتى تحديده خاطئا مما أضعف موقف لبنان في التفاوض على المنطقة الخالصة، تماما كما أن تحديد الخط 29 اعتمد على اجتهادات لا على قوانين دولية ثابتة. الى جانب أن المنطقة الخالصة ليست سيادية ولا قانون دوليا واضحا لتحديدها.
 


2- في العلاقة بين باريس وحزب الله، كرّس منح شركة CMA CGM عقدا لإدارة رصيف الحاويات في مرفأ بيروت، التطور الكبير في التواصل بينهما.

لم يأت مفاجئا فوز الشركة الفرنسية التي يرأسها اللبناني – الفرنسي رودولف سعادة المقرّب من الرئيس إيمانويل ماكرون، وتُعتبر شركته أحد الأذرع الإقتصادية البارزة للدولة الفرنسية، مثلها مثل شركة توتال. وجاء هذا الفوز ترجمة أمينة للتفاهم الذي حصل في أعقاب تزخيم الحوار الفرنسي مع حزب الله، بعيد انفجار الرابع من آب، والمتوّج في زيارة ماكرون الى بيروت في 1 أيلول 2020. يومها اختلى الرئيس الفرنسي برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في سياق سياسة البراغماتية التي ينتهجها الإليزيه. ويدرك ماكرون، الذي عبّر تكرارا عن امتعاضه من الخذلان الذي حصده من مبادرته اللبنانية، وخصوصا من جانب الرئيس سعد الحريري (وهو خذلان سياسي واقتصادي – استثماري على حد سواء)، أن حزب الله بما له من نفوذ ودالة هو ضمانته إلى الاستثمارات اللبنانية.


ويُفهم في هذا السياق، اصرار الحزب على نيل وزارة الأشغال الوصية على المرفأ، وتوليتها الى علي حمية، حامل الجنسية الفرنسية، تمهيداً لمرحلة إعادة الإعمار.


ولا تخفي شركة CMA CGM رغبتها في الإستحصال على هذا العقد، لذا تعاطت مع مناقصة الحاويات على أنها جسّ نبض لثبات الاتفاق بين الحزب وباريس، وتمهيد الى ضمّ المرفأ الى محفظتها الاستثمارية العالمية. وهي، بلا أدنى شك، تحتاط لاشتداد المنافسة المتوقّعة بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة والصين وتركيا، وكلها أبدت رغبة معلنة بحجز مكان لها في مستقبل مرفأ بيروت.


وكانت مناقصة محطة الحاويات اختبارا جديا لمدى إلتزام الحزب بالاتفاق مع باريس. ويحكى في هذا السياق ان مرجعا كبيرا أوعز الى أحد المقرّبين منه الطلب من شركة أوروبية متخصصة المشاركة المناقصة، لكن اليد العليا للحزب ظلّت هي الطاغية على القرار.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار