هل مسيّرات حزب الله تحمي وتبني أم تعيد وضع لبنان على خط النار؟ | أخبار اليوم

هل مسيّرات حزب الله تحمي وتبني أم تعيد وضع لبنان على خط النار؟

| الأحد 20 فبراير 2022

تطيير مسيّرات في الوقت الذي يغطي فيه الحزب التفاوض مع إسرائيل على الترسيم

سعد الياس - القدس العربي
 لم يمض شهر بعد على الورقة الكويتية التي وانطلاقاً من سعيها إلى رأب الصدع في العلاقات الخليجية اللبنانية وإعادة بناء جسور الثقة، طالبت لبنان بوقف تدخل حزب الله في الشؤون الخليجية بشكل خاص والشؤون العربية بشكل عام والتعهد بملاحقة أي طرف لبناني يشترك في أعمال عدائية ضد دول مجلس التعاون وملاحقة كل من يحاول التحريض على العنف أو يشارك فيه من المواطنين أو المقيمين في لبنان ضد حكومات مجلس التعاون الخليجي.

غير أن حزب الله الذي أكد بعد أيام على الورقة الكويتية التزامه «وثيقة الوفاق الوطني دون أي زيادة أو نقصان» ونبّه «إلى مخاطر أي خروج ولو تحايلي على هذه الوثيقة» لم يلتزم بسياسة النأي بالنفس لا قولاً ولا فعلاً بل عاد إلى احتضان أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون، حتى أن أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله اعتبر أن استضافة هذه الأنشطة هو للحفاظ على «هوية لبنان التي هي هوية حريات في ظل من يريد تحويل لبنان إلى بلد القمع».
وبدت الدولة اللبنانية عاجزة أمام هذا التحدّي الواضح من قبل الحزب لقراراتها وخصوصاً لقرارات وزير الداخلية بسام مولوي الذي أقصى ما قام به رداً على الندوتين للمعارضة البحرينية اللتين انعقدتا في قاعة «رسالات» في الغبيري في الضاحية الجنوبية هو كتاب إلى النيابة العامة التمييزية، طالباً «إجراء اللازم تبعاً للنصوص القانونية لناحية ملاحقة المنظمين والمتكلمين في الندوتين اللتين تعرّضتا إلى السلطات البحرينية الرسمية بشكل خاص ولدول الخليج العربي بشكل عام، وذلك لعدم استحصالهما على الموافقة الإدارية الرسمية المسبقة وفق الأصول القانونية، ولعرقلتهما المهمة الرسمية اللبنانية من أجل تعزيز العلاقات مع دول الخليج العربي، واستناداً إلى نصوص قانون العقوبات المتعلقة بالجرائم الماسة بالقانون الدولي».
أكثر من ذلك، فإن نصرالله وفي إطلالته الأخيرة التي رفع فيها شعار حملة الحزب الانتخابية «باقون نحمي ونبني» تباهى بالبدء بتصنيع مسيّرات في لبنان وبالقدرة على تحويل صواريخه إلى صواريخ دقيقة. وما كاد نصرالله يعلن عن تصنيع المسيّرات حتى أطلق الحزب مسيّرتين في اتجاه شمال فلسطين المحتلة إحداها تمكّن الجيش الإسرائيلي من إسقاطها والثانية اعترضها ولكنها أكملت مهمتها الاستطلاعية وعادت إلى لبنان «سالمة» بحسب بيان لحزب الله. وأعقب ذلك تنفيذ الطيران الحربي الإسرائيلي مناورة فوق بيروت والضاحية الجنوبية في رسالة ترهيبية للحزب لعدم اللعب بالنار ولقدرة العدو على الردع في العمق اللبناني. ولئن كان من البديهي أن خطاب نصرالله حول المسيّرات وترسانته الصاروخية موجّه إلى العدو الإسرائيلي إلا أنه في الوقت ذاته موجّه للداخل اللبناني من خلال إظهار فائض القوة لدى الحزب وحجم ترسانته العسكرية التي تفوق قدرات الجيش اللبناني والقوى الأمنية مجتمعة. وجاء كلام نصرالله بعد أقل من شهر على الورقة الكويتية التي كانت طالبت بوضع إطار زمني محدّد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الرقم 1559 الصادر عام 2004 والخاص بنزع سلاح الميليشيات في لبنان، والقرار رقم 1680 الصادر عام 2006 بشأن دعم سيادة واستقلال لبنان، والقرار 1701 الصادر عام 2006 الخاص بسلاح حزب الله ومنطقة الجنوب اللبناني وفق المبدأ الأساسي في سيطرة الدولة على وجود السلاح خارج سلطة الحكومة اللبنانية. وكأن أمين عام حزب الله يقول «لكم ورقتكم ولي أجندتي» في وقت التزمت السلطات الرسمية اللبنانية الصمت حيال الأمر.
وهكذا فإن تطيير الحزب في اليومين الماضيين مسيّرات في اتجاه الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة في الوقت ذاته الذي يغطي فيه التفاوض مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية يحمل أكثر من مغزى. وإذا كانت هذه الخطوة في نظر «اليونيفيل» والمجتمع الدولي تشكّل انتهاكاً للقرار 1701 يوازي انتهاكات العدو الإسرائيلي للسيادة اللبنانية، فإن استخدام المسيّرات في هذا الوقت يطرح أكثر من سؤال حول مدى علاقته بترسيم الحدود البحرية أو بتطورات الملف النووي الإيراني؟ فيما البعض لا يستبعد أن يكون في نية حزب الله ملاقاة فريق العهد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره البرتقالي في توتير الأجواء إلى درجة تصعيد كبير بما يمهّد لتطيير الانتخابات النيابية على الرغم من كل المواقف العلنية المؤكدة على إجراء هذا الاستحقاق في موعده.
فليست مصادفة تغطية العهد للقاضية المحسوبة عليه غادة عون لمطاردة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ثم الادعاء على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بما يمثّل الأول على صعيد الاستقرار المالي الهشّ أصلاً وبما يمثّل الثاني على الصعيد الأمني وعلى صعيد «تيار المستقبل» الذي انتفض رفضاً لاستهدافه، الأمر الذي أعاد رفع المتاريس السياسية بين المقار الرسمية والحزبية في وقت أكد الرئيس سعد الحريري على قرار تعليق عمله السياسي وعزوفه عن خوض الانتخابات، وهو ما يكون العهد وجد فيه فرصة للتخلّص ممّن يعتبرهم «بقايا الحريرية السياسية». وفي حال استمر العهد وفريقه في فتح المعارك التي يعتقد أنها تكسبه شعبية ولم يأخذ بالنصائح للتروّي وتخفيف اندفاعته الشعبوية، فإن هذه السياسة تُنبئ بأننا أمام مرحلة من التصعيد نعرف بدايتها ولا نعرف نهايتها، ولاسيما أن حجم الاتهامات المتبادلة سيترك تداعياته الكبيرة على عمل الحكومة وما كانت بصدده من خطة للتعافي الاقتصادي والمالي.
يُضاف إلى ذلك، عودة رئيس الجمهورية وتياره إلى إثارة قضية «الميغاسنتر» من أجل تسهيل عملية الاقتراع للناخبين في أماكن سكنهم بدلاً من تكبّدهم كلفة الانتقال إلى دائرتهم الانتخابية. وإذا كان هذا الاقتراح يُعتبر إصلاحياً من الدرجة الأولى ويعزّز حرية الناخب ويرفع نسبة المشاركة في الانتخابات ويخفّف من تأثير المال السياسي، غير أن كثيرين يرون فيه في هذا التوقيت «مطلب حق يُراد به باطل» قبل 3 أشهر على موعد الانتخابات في 15 أيار/مايو.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار