"حزب الله"... اتفاق مع عون لإنقاذ باسيل والظفر بكتلة سنّية وازنة | أخبار اليوم

"حزب الله"... اتفاق مع عون لإنقاذ باسيل والظفر بكتلة سنّية وازنة

| الإثنين 21 فبراير 2022

المعادلة : الاستعراض إقليمياً والهيمنة داخلياً 


"النهار"- ابراهيم حيدر

تشير التطورات السياسية الاخيرة في لبنان على مشارف الانتخابات، إلى أن المرحلة المقبلة أو الأشهر الثلاثة الفاصلة، ستشهد معارك قاسية على مختلف المحاور. بدأت المواجهات الداخلية تأخذ أبعاداً جديدة بالعلاقة مع ما سينتج عن المفاوضات النووية في فيينا، واحتمال الوصول الى اتفاق ينعكس على لبنان.

الأبرز في هذا المجال هو الوجهة التي أعلنها "حزب الله" على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، ليس للداخل اللبناني فحسب أنما في المواجهة مع إسرائيل، أولاً بإعلانه السعي للاحتفاظ بالأكثرية النيابية، وإعلانه أيضاً امتلاك مسيّرات، تصب في إطار عرض القوة الإيراني في إطار التصعيد المرتبط بالمفاوضات، وتحويل البلد إلى مصنع للصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة.
ترافق اعلان نصرالله مع وجهة تصعيدية لرئيس الجمهورية ميشال عون، لا بل معارك مفتوحة في محاولة للإمساك بالاوراق كلها، من الانتخابات إلى الترسيم، والقضاء، ثم الضغط على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمدير العام لقوى الامن الداخلي عماد عثمان وصولاً إلى التعيينات في مجلس الوزراء.

ويبدو أن محاولات عون لن تتوقف خصوصاً أن المرجعية السنية اليوم في حالة تفكك، فيما رئاسة الحكومة تشكل الحلقة الأضعف في التوازنات الداخلية. لذا الفرصة، مواتية لعون، لتحسين أوضاع تياره قبل الانتخابات أو على الأقل إعادة تعويمه في الوسط المسيحي، أولاً في مواجهة "القوات اللبنانية" وثانياً بالتصويب على كل الأفرقاء لتحميلهم مسؤولية الفساد والانهيار، وفي الوقت نفسه يحيّد "حزب الله" عن المعركة لضمان دعمه إذا سارت الأمور نحو التوتر أو الإنفجار ويصبح تأجيل الانتخابات أمراً واقعاً، يفتح على التمديد.
لا يستطيع رئيس الجمهورية تحقيق ما يسعى إليه من دون "حزب الله"، والذي قدم نفسه أنه المقرر في الشأنين الداخلي والخارجي. فقد كان نصرالله واضحاً في كلامه الاخير أنه صاحب القرار في الحرب وأيضاً المحور في المسائل الداخلية خصوصاً الانتخابات ، واي تأجيل لها سيكون بسبب توتر الأجواء الداخلية أو احتمال تصعيد بين لبنان وإسرائيل بوادره في تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق العاصمة بيروت في مقابل اختراق مسيّرة "حزب الله" عمق الأراضي الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومعها يستثمر قوته لحسابات المصلحة الإيرانية معرّضاً البلد إلى مزيد من الضغوط.

الوجهة الجديدة لـ"حزب الله" هي الحصول على الاكثرية النيابية، إذا جرت الانتخابات، وهو اتخذ قراراً، وفق مصدر سياسي متابع، بخوض المعركة على كل الجبهات لتأمين فوز حلفائه، وعلى هذا سيسعى بكل قوته إلى تأمين مقعد جبران باسيل في البترون.
تنطلق حسابات "حزب الله" في وجهته الجديدة، من احتمال توقيع اتفاق نووي جديد، وهو ما يرتب من توازنات مختلفة في المنطقة على مستوى النفوذ، لكن انعاكس أي اتفاق على لبنان يستلزم بعض الوقت قد يتخطى موعد الانتخابات النيابية. لذا هو يصعّد داخلياً وخارجياً لإثبات قوته وقدرته على الامساك بكل الأوراق أيضاً، وأن يكون صاحب القرار بالأكثرية في البلد.

أما في حال فشل المفاوضات النووية، فيكون مهيأً للمواجهة الكبرى. لا يعني ذلك أن الحزب يريد تكريس الوضع الذي كان سائداً في لبنان منذ تسوية انتخاب ميشال عون رئيساً، فالأوضاع تغيّرت عن العام 2016 وكذلك عن توازنات انتخابات 2018، رغم أن "حزب الله" كان الأقوى في السلطة بالتحالف مع ميشال عون. أما اليوم، فخروج سعد الحريري وتفكك البيئة السنية، إلى ضعف حليفه التيار الوطني الحر، سيرتب مسؤوليات مختلفة، لعل أهمها أن يكون حاكماً في شكل مباشر الامر الذي يرتب انعكاسات خطيرة على البلد كله.
بالتوازي مع ملف الانتخابات، صعّد "حزب الله" باستعراض القوة، قبل الوصول إلى لحظة الاستحقاقات المحلية اللبنانية والدولية. رفع منسوب التصعيد والتحدي العسكري مع إسرائيل، من خلال إعلانه البدء بتصنيع الصواريخ الدقيقة والمسيّرة داخل لبنان، وهو تصعيد يُنذر بأيام ساخنة قد تشهدها المنطقة خصوصاً لبنان الذي يشكل فيه "حزب الله" الذراع الإيرانية الأقوى، فإلى حين إبرام الاتفاق أو انفراط عقد المفاوضات، سيبقى لبنان في دائرة الخطر، خصوصاً وأن أي اتفاق لن ينعكس مباشرة تسوية داخلية، وقد يكون لبنان آخر الملفات، طالما أن طهران تعتبره الورقة الأقوى ولا تفرط به حتى لو كان الاتفاق النووي لمصلحتها. وإلى أن تحين لحظة التسوية، سيشهد لبنان الكثير من المحطات الصعبة.
في هذه المرحلة الدقيقة في المنطقة، قرر "حزب الله" أن يفرض سلطته ويعززها بقوة سلاحه. هو يُدرك اليوم أن حلفاءه في موقع ضعيف، فأعلن عن قوته الجديدة وأسلحته، ورفع من شأن قدراته العسكرية واستعرضها جواً بهدف انتاج معادلة تكرّس وزنه الداخلي، وتوفر الأهداف التي يسعى إليها، ومن ضمنها أيضاً كلمة الفصل الاخيرة في ملف ترسيم الحدود البحرية، ويكرسها أي اتفاق خارجي يقوم هو بترجمتها في الداخل اللبناني. وفي المقابل يعتبر أن القوى التي تعارضه ليست قادرة على احداث تغيير فعلي على الأرض يمكّنها مثلاً من انتزاع الأكثرية النيابية وتعديل موازين القوى.


يسعى "حزب الله" بالتوازي مع استعراض قوته، إلى حسم الأكثرية النيابية، فهو سيمنع أي خرق في بيئته الشيعية، ويدعم شخصيات حليفة في البيئة السنية بعد عزوف تيار المستقبل عن المشاركة، وتوزيع الأصوات التفضيلية في بيروت والبقاع وجبل لبنان والشمال، والعمل أيضاً على تأمين الفوز لحلفائه المسيحيين خصوصاً العونيين، إذ يعتبر أن سقوط التيار سيضرب كل ما حققه منذ عام 2016، فيما سيعمل على احتضان جبران باسيل، وهو أمر حُسم بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وفق المصدر السياسي، خصوصاً وأنه لا يزال يراهن على دور له في المرحلة المقبلة، وهو يعرف أن التيار تراجع كثيراً في مناطق عدة لـ"حزب الله" صوت مؤثر فيها، من بعبدا إلى جزين وفي البترون أو دائرة الشمال الثالثة التي يعاني فيها رئيس التيار الوطني الحر.
سيبقى لبنان يعيش ضمن التصعيد الداخلي والإقليمي في سباق مع الوقت، بين الوصول إلى اتفاق في فيينا ينعكس داخلياً تهدئة مرحلية أو تسوية أو تغييراً بموازين القوى، وإما ينزلق أكثر نحو الانهيار، فيتولى "حزب الله" الطرف الأقوى وصاحب فائض القوة، الامور التي قد تأخذ البلد إلى حروب بالوكالة خطيرة ومدمرة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار