بين استقلالية القضاء و"بهدلة" الرواتب... هذا ما يقترحه القضاة | أخبار اليوم

بين استقلالية القضاء و"بهدلة" الرواتب... هذا ما يقترحه القضاة

عمر الراسي | الإثنين 28 فبراير 2022

مشروع واحد لا يحتاج الى الدرس بل الى النية!

عمر الراسي - "أخبار اليوم"
ليست المرة الاولى التي يسجل فيها قضاة لبنان اعتراضهم على الاجحاف اللاحق بهم، وليست المرة الاولى التي يتلقون فيها فقط الوعود والتي كما درجت العادة لا تتحقق.
واذا كان القضاء اساس الملك والقاضي يحكم باسم الشعب، الا يفترض بهذا الاخير ان يشعر بالراحة والانصاف ليستطيع تطبيق هذين المبدئين الاساسيين؟
فقد قرر قضاة لبنان، منذ ايام، الاضراب المفتوح لـ"تحقيق الأهداف المرجوة، واهمها اقرار قانون استقلالية السلطة القضائية وفق التعديلات المقررة منهم، وذلك بعد سحب المشروع المعدل من الكتل والذي كان امام المجلس النيابي (خلال جلسته التي عقدت الاسبوع الفائت وتم استرداده) لانه يهتك حرمة الهدف المنشود ولا يحفظ الاستقلالية المنشودة بل يبقى القضاء تابع للسلطة السياسية". اضراب لم يدم طويلا، قبل ان يعود القضاة الى مزاولة اعمالهم كي لا تشل العدلية التي اساسا "تقف على رجل واحدة".
يشدد مصدر قضائي رفيع، عبر وكالة "أخبار اليوم" على ان "الاهم من الاستقلالية السياسية" هو "المعاناة المادية"، قائلا: اذا كان السؤال عن نزاهة القضاء، اليس من الاجدى ان يكون السؤال: هل يقوم القاضي باعمال اخرى كي يوفر سبل عيشه؟ اذ كيف يمكن لقاض ان يعيش بـ200$ شهريا - بعدما انخفضت الرواتب بشكل حاد نتيجة تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية- في حين ان مستلزمات الحد الادنى من الحياة تفوق هذا المبلغ بكثير، فعلى سبيل المثال كيف يتدبر القاضي نفسه من اجل توفير فقط ثمن المحروقات لسيارته من اجل التنقل من بيته الى مقر عمله، وماذا عن اشتراك المولد، وسندات شراء المنزل وتقسيط السيارة، او اقساط المدارس حيث البعض منها يتقاضى الدولار "الفرش".
ويوضح ان اضراب القضاة كان من اجل توجيه رسالة الى السلطة مفادها:"لم يعد لدينا المال اصبحنا فقراء"، حيث ان مجموعة من نادي قضاة لبنان مع عدد من المستشارين القضائيين جالوا على رئيس مجلس القضاء ووزير العدل هنري خوري، وكانت الخلاصة العدوة عن الاعتكاف كخطوة اولى لمعاجة المطالب.
واذ يلفت الى ان الموضوع يتعلق بالدرجة الاولى بمعدل ميزانية القضاء العدلي في الموازنة العامة والذي لا يتخطى الـ 2%، قال: بدل ان يتسابق النواب للكلام عن استقلالية القضاء الاجدى بهم سنّ قانون ينتشل القضاة من حالة الفقر.
وردا على السؤال، يقول المصدر القضائي: القضاة ليسوا من فئة "المشكلجية"، وتوقفهم عن العمل كان لاعلاء الصوت، لكن المستغرب ان اول اعتراض جاء من نقابة المحامين التي هي نفسها شلت العدلية لاكثر من 3 اشهر خلال الصيف الفائت، وكانت الحجة ان "القضاء رسالة".
وهنا توجه المصدر الى الشعب اللبناني الذي يحكم القاضي باسمه والى المحامين الذين ينتظرون عدالة من القضاء، سائلا: كيف يمكن لقضاء ان يرفع الظلم عن الناس وهو مظلوم؟ واضاف: بدل ان تقوم نقابتا المحامين في بيروت والشمال على رأس وفد بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري ولجنة الادارة العدل برئاسة النائب جورج عدوان وطلب منهم عاجلا وفورا رفع ميزانية القضاء العدلي لحل الازمة بدأوا بالتهجم على القضاة.
وبالعودة الى قانون استقلالية السلطة القضائية، سأل المصدر: كيف يبحث في قانون استقلالية السلطة القضائية والقاضي غير مستقل ماديا اصلا، حيث ينطبق على النواب آية الانجيل: " مرتا، مرتا، تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد!.
واذ يعتبر ان هناك الكثير من الاجراءات يجب اخذها بالاعتبار في هذا المجال، منها ان القاضي الجزائي لا يتغير بشكل مستمر، القاضي المقيم في بيروت لا يكون مقر عمله في طرابلس... فهذا "عذاب جسدي ومعنوي" يتحمله القاضي ويخالف الاصول.
ولفت المصدر ان السلطة في لبنان تريد دائما ان يكون لها يدّ في القضاء، وفي كل الاقتراحات التي تعالج هذه المعضلة تضع السلطة يدها من خلال تعيين رئيس مجلس القضاء الاعلى ومدعي عام التمييز ورئيس التفتيش. في حين ان هذا الامر مرفوض، اذ يجب ان يكون المسار القضائي على غرار قضاة فرنسا، حيث القضاة ينتخبون من هو في السلطة الاعلى وكل من يريد على سبيل المثال ان يكون رئيسا للمجلس الاعلى عليه ان يترشح وفق برنامج يتضمن عمل القضاة، كذلك بالنسبة الى مدعي عام التمييز ورئيس التفتيش.
ويقول: اذا اردنا احترام موضوع الطائفية، فما هو سائد اليوم ايضا لا يحترم الاصول، حيث ان رئيس مجلس القضاء الاعلى ماروني ومدعي عام التمييز سني ورئيس التفتيش سني ايضا في حين هذا الاخير يجب ان يكون شيعيا. ويضيف: اذا فعلا السياسة تريد رفع يدها عن القضاء ، فلتوضع الطائفية جانبا وعلى كل قاضي الترشح للانتخابات وفق برنامج عمل يفيد القضاة ووزارة العدل ويصب في مصلحة القانون، وليس من خلال خلق تركيبة تجعل القضاء كله بيد 3 اشخاص.
ويتابع: هذا هو قانون استقلالية السلطة القضائية، لا يحتاج الى الكثير من الدرس بل الى توفر النية، كما يمكن ترجمة اي قانون معتمد في فرنسا والمانيا وسويسرا والسويد.... حيث كل القضاة ينتخبون القضاة في المناصب العليا.
واذ يخلص الى القول: في لبنان، دائما هناك من يقوم بالحسابات السياسية حتى يبقي القضاء تحت رحمته، يختم المصدر القضائي: الخطوة الاولى للعدالة تكون برفع رواتب القضاة لا تركهم تحت رحمة هذه "البهدلة" .

#إقرأ ايضا: براميل متفجّرة وعمليات انتحارية... أسلحة ستدمّر الكرملين على رأس بوتين!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة