الحياد وتطبيق الطائف منطلقات الراعي المتجدّدة | أخبار اليوم

الحياد وتطبيق الطائف منطلقات الراعي المتجدّدة

| الأربعاء 23 مارس 2022

 المساعي المطالبة بالحياد ممتازة لكنها لا تزال تحتاج إلى نضوج ظروف دولية مؤاتية ومساعدة

"النهار"- مجد بو مجاهد

يتظهّر عنوان الحلّ اللبنانيّ المبنيّ ما بين سطور مواقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعظاته، والمتمثّل بضرورة إعلان حياد لبنان دولياً، كمعطى أساسيّ يتداول به على طاولة اللقاءات التي يعقدها خلال زيارته إلى القاهرة واجتماعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وتتمحور النقاط الأساسية التي تحيط بالصورة التي ينقلها البطريرك الراعي في توصيفه للواقع العاصف على مساحة لبنان الكيان، بثلاثة منطلقات تشخيصيّة بملامح الوجه اللبنانيّ النحيل، المريض، خائر القوّة والمحتاج إلى استعادة عافيته من خلال العودة إلى بنود دستوره عبر ورشة عمل على تطبيق روحيّة اتفاق الطائف ونصوصه.

وتمثّلت النقطة الثانية التي وضعها الراعي على حروف مقاربته، في الإشارة إلى سلاح "حزب الله" الذي تحوّل إلى قضية اقليمية خارجة عن يد اللبنانيين. وبرزت مؤشرات التعويل المتجدّد على استحقاق الانتخابات كنقطة ثالثة في التأكيد على اعتبارها موجباً دستورياً، حيث لا بدّ من اتجاه اللبنانيين نحو المشاركة في عملية الاقتراع بكثافة وثقة.

ويقارن مراقبون في معالم التاريخ اللبناني القديم والحديث ما بين زيارة البطريرك الراعي إلى القاهرة وعناوينها البارزة، والدور الذي كان اضطلع به القسّ بطرس الخويري الذي كان يعيش في مصر وانتدبه المطران يوسف دريان إلى جبل لبنان باعتباره متمتّعاً بمعايير الثقة، لاستطلاع واقع المتصرفية المعيشي والسياسي خلال مرحلة الحرب العالمية الأولى.

وقد نزل القسّ الخويري شواطئ بيروت تحت جنح الليل حينذاك واستطلع واقع البلاد ووجوه اللبنانيين الخائرة في ظلّ الجوع المدقع، قبل أن يعود إلى القاهرة ليؤكد على حقيقة خطر المجاعة التي يعانيها السكان والعمل على إنهاء نظام المتصرفية من قبل العثمانيين. وعقد اجتماع حينذاك بين اللبنانيين المقيمين في القاهرة في دارة المطرانية المارونية ووجّهوا النداءات لإنقاذ لبنان من وضعه المعيشي والسياسي، بحيث شكّل ذلك اللقاء بمثابة الصافرة الأساسية التي أعلت الصوت منادية دول العالم في سبيل إنقاذ لبنان. وتتشابه الأحداث التاريخية في مضمونها، وفق المراقبين، مع فحوى زيارة البطريرك الراعي التي حملت في استنتاجها العام نداءً على مشارف مرحلة صعبة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في لبنان، كما لجهة الهواجس المحدقة بهوية لبنان العربية ونظامه السياسي.

وتؤكّد مصادر مواكبة للحراك البطريركيّ ومقرّبة منه على "الدور الطليعي والمتقدّم الذي يضطلع به الصرح البطريركيّ في المراحل المفصلية، بحكم مسيرته التاريخية ودوره التأسيسي لقيام دولة لبنان الكبير التي ولدت على يد المكرّم البطريرك الياس الحويك. وإذ أتت زيارة البطريرك الراعي إلى القاهرة في إطار رعويّ من المتعارف عليه القيام بها كلّ 5 سنوات لأبرشياته، يطلب البطريرك مواعيد رئاسية بصفته مرجعية كنسية ووطنية لبنانية في الدول التي يزورها. ومن هنا كان اللقاء البروتوكولي مع الرئيس السيسي".

وعن مسار مبادرة الراعي لناحية المطالبة باعتماد نظام الحياد الناشط، تلفت المصادر عبر "النهار" إلى أن "المساعي المطالبة بالحياد ممتازة لكنها لا تزال تحتاج إلى نضوج ظروف دولية مؤاتية ومساعدة، مع الإشارة إلى أن ركائز المبادرة استعرضت خلال اللقاء الروحي الذي عقد على نية لبنان في الفاتيكان. وتحدّث البطريرك الراعي عن السلاح يومذاك رغم معارضة بعض من واكب زيارته على صعيد الوفد المرافق"، مشيرةً إلى أنه "ورغم أهمية المساعي الناشطة التي يقوم بها البطريرك لجهة الوصول إلى اعتماد الحياد، إلا أن انضاج نتائج هذا الحراك المستمرّ يتطلّب توقيتاً دولياً يترجم هذه الصيغة. نحن لا نقرّر على نطاق واسع، بل نطرح أفكاراً عسى أن تسلك مسارها التطبيقيّ بمساعدة دولية".

وتركّز المصادر على الإضاءة على مقاربة الفاتيكان "الذي يهتمّ بالحفاظ على دور لبنان كبلد الرسالة والسلام وعدم زواله، مع الاشارة إلى أهمية الوحدة الوطنية الداخلية والتفاهم المسيحي الاسلامي في لبنان. كما التأكيد على ضرورة العبور إلى توافق داخلي. ولا يتدخل الحبر الأعظم في الظروف الخاصة والشؤون الداخلية اللبنانية لئلا يتحول إلى طرف. ويحرص على ضرورة حماية الوجود المسيحي في لبنان، في ظلّ واقع الهجرة المتصاعد مع هواجس داخلية وخارجية من أن يحمل المسيحيون حقائبهم ويرحلون.

كما رحلوا من بلاد مجاورة". وتستعيد المصادر مرحلة 1992 في المقارنة مع مسار الأوضاع الحالية في ظلّ واقع يشوبه تساؤلات من مقاطعة سنية للانتخابات. وانطلاقاً من تجربة الأحزاب المسيحية والبطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، تروي أن "العميد ريمون ادّه كان كلّف يومذاك الوزير السابق وديع الخارن رئيس مجلس حزب الكتلة الوطنية ومفوض الداخلية، للعمل على مقاطعة الانتخابات.

وقد اشترك حينذاك حزب الوطنيين الأحرار ممثَّلاً بالياس بوعاصي، و"القوات الللنانية" التي تمثلت بفؤاد مالك و"تيار العماد عون" عبر فاروق أبي اللمع، والكتائب من خلال كريم بقرادوني. سار الجميع حينذاك في مقاطعة الانتخابات. ولم يشارك في الاستحقاق سوى 12.62% من المسيحيين في كلّ لبنان. وقد فازت مها الخوري أسعد بعد نيلها 34 صوتاً فحسب في جبيل". وتتجدّد علامات الاستفهام اليوم على المقلب السنيّ في ظلّ تساؤلات حول طبيعة المرحلة المقبلة لبنانياً وانعطافاتها الظاهرية التي تؤشر لإحباط جديد ولا تشير إلى تصوّرات مريحة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار