"أكثرية الثلثين" لتنصيب باسيل رئيساً أو الفراغ! | أخبار اليوم

"أكثرية الثلثين" لتنصيب باسيل رئيساً أو الفراغ!

| الأحد 27 مارس 2022

معادلة "حزب الله" - عون: تعديل الدستور وتغيير النظام ... 


"النهار"-  ابراهيم حيدر

 تشتد الازمة الداخلية في لبنان على وقع الصراع المستمر بين القوى السياسية، وعجز الحكومة عن التقدم في مشاريعها ومعالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، ووقف الانهيار.  وبينما تتحضر القوى للانتخابات النيابية وتعتبرها استحقاقا مهما يحدد ملامح المرحلة المقبلة وتوازناتها، على الرغم من ارتباط لبنان بالوضع الإقليمي والمفاوضات حول الملف النووي، يُفصح "حزب الله" أكثر عن مشروعه وما يريده للنظام اللبناني مستقبلاً، فهو ينتقل إلى مرحلة جديدة حيث ستكون الأشهر المقبلة فترة تهيئة للإمساك بكل مفاصل السلطة، فيخوص معركة الانتخابات مع حليفه التيار الوطني ورئيس الجمهورية ميشال عون لفرض أمر واقع جديد متسلحاً بقوته وبالدعم الإيراني اللامتناهي بالمال والسلاح.

 
إفصاح الحزب عن مشروعه السياسي العلني قدمه أمينه العام السيد حسن نصرالله، خلال لقائه الماكينات الانتخابية أخيراً، مشدداً على العمل مع الحلفاء لنيل أغلبية حاسمة، أولاً بإيصال كل النواب الشيعة إلى البرلمان، والدخول إلى مؤسسات الدولة. النقطة الأساسية التي أخفاها نصرالله هي أن الإمساك بأكثرية وازنة تساهم مع النفوذ الإقليمي للحزب وقوة السلاح بتغيير وجه لبنان وصيغته، وتفرض واقعاً جديداً، إذ أن"حزب الله" بدأ وفق سياسي لبناني مطلّع، بهجوم مضاد لتثبيت ما انجزه خلال السنوات الماضية وترسيخ مواقع نفوذه، وهو يسعى مع حلفائه، ليس للحصول على الأكثرية فحسب، إنما يطمح إلى الحصول على الثلثين في الانتخابات النيابية، ما يسمح له بالتحكم بكل الاستحقاقات، خصوصاً تعديل الدستور، وانتخاب رئيس للجمهورية مقيّد بمشروعه، وهذا يعني أن الحزب إذا ساعدته الظروف سيتخطى "المثالثة" إلى تغيير يشمل عناوين دستورية لتكريسها أيضاً بقوته الإقليمية.

المواجهة التي يخوضها "حزب الله" ويصف الانتخابات بالمعركة السياسية الأولى، يسوّغ أسبابها نصرالله، بأنه حان الوقت لبناء دولة مختلفة وإن كان ذلك يقتضي الامساك بكل المؤسسات، فلا يكفي أن يكون المقرر حالياً لدى المنظومة الحاكمة، بل مد نفوذه إلى كل المؤسسات. وهو لم يخف ذلك، إذ ذكر وفق كلامه بما طرحه "الفرنسي قبل العام 2005 وبعد العام 2005 لإشراك "حزب الله" بالسلطة، عندما عرضوا علينا بشكل صريح وواضح أخذ رئاسة مجلس النواب وكل حصة الشيعة الوزارية والنيابية وفي الإدارة. لكن نحن رفضنا وقلنا إن هناك ممثلًا شيعياً آخر هو حركة أمل"، معتبراً أن "المطلوب كان الدخول إلى السلطة وبيع المقاومة وضرب وحدة الصف الشيعي". اليوم تختلف الأمور، فقد آن الاوان للامساك بالسلطة وفرض التغيير. هذه الوجهة الجديدة للحزب قد لا تكتمل، ويلزمها قوة دفع إقليمي مرتبطة في شكل رئيسي بالمفاوضات النووية وما يمكن أن تحمله من توزيع لمناطق النفوذ في المنطقة بما فيه البنان.

جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الأخيرة إلى بيروت، لتعزز هذه الوجهة ونفوذ "حزب الله" وفرض أجندته، في كل الملفات الشائكة والأساسية. لينتقل إلى مرحلة جديدة معتبراً أنه انتصر في معركة ما يسميه "كسرالحصار" الأميركي على لبنان، ويريد التقدم خطوات أكبر للإمساك بمفاصل الدولة كلها. وبما أن لبنان يمر في مرحلة حرجة على وقع تطورات عالمية طبعتها الحرب الروسية - الأوكرانية، بات في الإمكان الاطباق عليه، طالما أن الأميركيين اليوم لا يركزون على المنطقة، انما يهتمون بمواجهة الروس، وفي الوقت نفسه العمل لإنجاز الاتفاق النووي مع إيران.

أرسل عبد اللهيان خلال زيارته رسائل واضحة إلى السعودية. يتبين من تصريحاته أن العلاقات بين إيران والسعودية لا تزال متوترة، والمحادثات السابقة بين الدولتين لم تشمل لبنان. لذا كانت الرسالة واضحة وفق السياسي اللبناني في أن اي مفاوضات حول لبنان التعاطي مباشرة مع "حزب الله" كأمر واقع، له كلمة الفصل واعتبار لبنان خط أحمر إيراني.

الواضح أن محور الممانعة بقيادة "حزب الله" يطبق على البلد واستحقاق الانتخابات. الرعاية الإيرانية واضحة، فالحزب يدير التوازنات في غياب المحور الآخر وتشتته، إذ أن السعودية مثلاً لم تحسم في دعم أفرقاء سياسيين في مواجهة الحزب، ولا تزال ممتنعة عن الاهتمام بالوضع اللبناني على الرغم من اتصالات الفرنسيين وحضها على عدم ترك لبنان لسيطرة "حزب الله". وانطلاقاً من ذلك يسعى الحزب إلى تكريس وضعه في الداخل اللبناني وفي بنية النظام، وهذا الأمر واضح من خلال تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية التي تصب في مصلحته، حيث بات اي نقاش في المسألة اللبنانية يتركز حول وضعه في المعادلة القائمة. وتتضح أيضاً متانة التحالف بين الحزب ورئيس الجمهورية ميشال عون، وهذا الأخير منح مجدداً الشرعية للسلاح في الخارج من بوابة الفاتيكان، خصوصاً وأن هناك كلاماً عن أن الشروط الإيرانية لتوقيع الاتفاق النووي تشمل رفع اسم "حزب الله" عن لائحة الإرهاب.

من الرعاية الإيرانية، انطلق "حزب الله" في مرحلة جديدة من مشروعه. الثقة بفوزه بأكثرية وازنة في الانتخابات أساس للسيطرة، ثم التفكير لما بعد الاستحقاق، مترقباً ما ستؤول إليه مفاوضات النووي وتوقيع الاتفاق مع الأميركيين الذي سيكون له ارتدادات على لبنان ويصب في مصلحة الحزب. أما المفاوضات حول المنطقة بعد الاتفاق، إذا حصل، فتُفسر في الوضع اللبناني عزوف قيادات السنية السياسية عن المشاركة في الانتخابات، وكأن ذلك يظهر تسليمهم بأن السيطرة باتت للحزب وبالتالي لا يمكنهم أن يكونوا شهوداً على تفاوض يحسم أمور البلد لمصلحته ويؤدي إلى تغيير في النظام وحتى الدستور.

إذا سارت الامور وفق سيناريو توقيع الاتفاق ستكون المعادلة اللبنانية لمصلحة الحزب. هذا افتراض أول، يشير السياسي، أما إذا تعقدت، فالتصعيد سيكون عنوان المرحلة المقبلة، وهذا افتراضاً أن السعودية ودول عربية وغربية أخرى قررت العودة إلى الساحة اللبنانية. أما المعركة ما بعد الانتخابات، فستتركز على تشكيل الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية، فإذا تمكن الحزب من فرض الأكثرية انطلاقاً من هجومه الجديد مع حلفائه ومشروعه، سيحسم بانتخاب جبران باسيل للرئاسة، وهذا اتفاق تبلور مع الرئيس ميشال عون، خصوصاً إذا لم يتمكن المحور الآخر من تحقيق التوازن. وإذا تعقدت إقليمياً ولم تتحقق الأكثرية للحزب، فسنذهب إلى الفراغ، اي عدم تشكيل حكومة وأيضاً عدم انتخاب الرئيس الجديد إلى حين تبلور معطيات إقليمية ودولية جديدة تسمح بتسوية للوضع اللبناني وفق توازنات جديدة. وفي الحالتين لا يبدو أن العرب والخليجيين مستعدون لدعم لبنان طالما السيطرة بائنة لـ"حزب الله"، لأنها ستثبت الخلل السياسي القائم ونفوذ قوى الممانعة على كل مفاصل الدولة بما يفتح على مزيد من الانهيار والاشتباكات والفوضى والاطباق على البلد.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار