سلَّم هوكشتاين رسالة "ترسيميّة" لعون... ولم يتلقَّ جواباً! | أخبار اليوم

سلَّم هوكشتاين رسالة "ترسيميّة" لعون... ولم يتلقَّ جواباً!

| الخميس 07 أبريل 2022

هل من جديد عن مساعي بين لبنان وإسرائيل التي ظنّ اللبنانيّون قبل أشهرٍ قليلة أنّها ستتكلّل بالنجاح

"النهار"- سركيس نعوم

اللبنانيّون مشغولون كثيراً هذه الأيّام بتأمين معيشتهم وعائلاتهم في ظلّ انهيار الدولة وإفلاسها كما يعتقد البعض، أو عدم توافر الملاءة والسيولة الماليّة لها كما يعتقد البعض الآخر. وكأنّ الفرق كبيرٌ بين هذين التوصيفين. فودائعهم محجوزة في المصارف، صغيرةً كانت أو متوسّطة أو كبيرة. وسعر العملة الوطنيّة يستمرّ مُترجّحاً بين 20.000 ليرة لكلّ دولار أميركي وبين 24.000. ولا أحد يعرف تماماً أسباب هذا "الاستقرار" المُرتفع والمُكلف. لكن ما يعرفه المواطنون ولا سيّما الذين أُخرجوا من الطبقة الوسطى وضُمّوا إلى الفقراء كما الذين صاروا تحت عتبة الفقر، هو أنّ "الاستقرار" المذكور موقّت، وأن استمرار الإجهاز على الدولة ومؤسّساتها مع الانقسام السياسي – الطائفي – المذهبي الحادّ في ما بينهم سيرفع سعر الدولار أكثر وأكثر بالليرة اللبنانيّة. من شأن ذلك أن يُشرّع الباب أمام فوضى اجتماعيّة – اقتصاديّة – أمنيّة لا يستطيع أحد ضبطها ولا سيّما في ظلّ استغلال الأطراف السياسيّين لها لتصفية الحسابات الكثيرة بينهم. ونتائج ذلك خطيرة ومتنوّعة إذ تنعكس على أهمّ استحقاقين رسميّين وشعبيّين، الأوّل الانتخابات النيابيّة بعد أسابيع قليلة، والثاني الانتخابات الرئاسيّة في المهلة الدستوريّة أي قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون في الثلث الأخير من شهر تشرين الأول المقبل.

طبعاً ظنّ اللبنانيّون أنّ المنظومات السياسيّة المتنوّعة الحاكمة لهم والمُقتسمة إيّاهم سواء كانت في موقع المعارضة أو الموالاة لها كما للقوى الإقليميّة والدوليّة المتنوّعة المُستندة إليها ستبذل أقصى جهدٍ ممكنٍ للتخفيف عنهم. وذلك ممكن من خلال إجماعها الموثّق علميّاً وبعد دراسات واختبارات جيولوجيّة بريّة وبحريّة على وجود ثروة نفطيّة وغازيّة كبيرة في المياه الإقليميّة الخالصة للبنان كما في برّه، وتالياً على وضع خلافاتها وتنافساتها جانباً والعمل جديّاً على تذليل الصعوبات وفكّ العقد التي لا تزال تحول دون الاتفاق مع الدولتين "الشريكتين" في هذه الثروة أو المُحاذيتين لها أو الطامعتين فيها، أي سوريا الشقيقة وإسرائيل العدوّة، على أُسس ترسيم جدّي وعادل للحدود البحريّة بين كلٍّ منهما ولبنان.

ظنّ اللبنانيّون أنّ هذا الأمر صار مُتيسّراً بعد "الاتفاق الإطار" الذي وقّعه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي السنة الماضية مع الولايات المتّحدة التي تعمل وسيطاً بين دولتهم وإسرائيل، والذي نصّ على معاودة المفاوضات غير المباشرة بينهما في الناقورة بإشراف أميركا وتحت علم الأمم المتّحدة. وقد عزّز ظنَّهم الموقف الثابت الذي أعلنه "حزب الله" من زمان وهو أنّه وراء الدولة وموقفها من هذا الموضوع. لكنّ القلق بدأ يساورهم في الأشهر القليلة الأخيرة بعد تخلّي لبنان عن خطّ الترسيم 29 وتمسّكه بخط 23 ثمّ اعتباره الأوّل خطّ تفاوض، ولا سيّما عندما رفعت قيادات مهمّة في "الحزب" المذكور الصوت، أبرزها على الإطلاق أمينه العام السيد حسن نصرالله، وبدأت التشكيك في ما يجري ثمّ أعلنت ما معناه "إمّا نستخرج نفطنا وغازنا بكلّ حريّة ومن دون تنازلات وإمّا نُبقيه مدفوناً في مياه البحر".

لعلّ السبب الأبرز للموقف المذكور شكُّ "حزب الله" في أن يكون للاتفاق الترسيمي الذي يعمل له آموس هوكشتاين الديبلوماسي الأميركي المُكلّف من بلاده التوسّط لحلّ هذه القضيّة جوانب "تطبيعيّة" مع إسرائيل. وما زاد في هذا التخوّف التطبيع العربي المتنوّع الرسمي وغير الرسمي وغير المباشر الذي بدأ بين إسرائيل ودولٍ عربيّة عدّة برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

هل من جديد عن مساعي هوكشتاين بين لبنان وإسرائيل التي ظنّ اللبنانيّون قبل أشهرٍ قليلة أنّها ستتكلّل بالنجاح، وأنّ ثروتهم من النفط والغاز لن يطول أمد استخراجها، ولا بدّ أن تُساعدهم في إعادة ترتيب أوضاعهم الماليّة والمصرفيّة والاقتصاديّة؟ وهل تُساعد أزمة النفط والغاز العالميّة التي تسبّبت بها روسيا من جرّاء خلافها المُزمن والمُستحكم مع جارتها بل شقيقتها "الإمبراطوريّة" سابقاً و"السوفياتيّة" لاحقاً الذي دفعها قبل أقل من شهرين إلى شنّ حربٍ شرسة عليها مُتشعّبة الأهداف، هل تُساعد في حلّ مشكلات الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل من جرّاء حاجة الغربين الأميركي والأوروبي بل العالم كله إلى الغاز والنفط؟ الجواب عن السؤالين ليس سهلاً. علماً بأن استخراج النفط وبيعه يحتاج إلى سنوات سبعٍ على ما قيل سابقاً. لكنّ قرب المسافة بين لبنان وأوروبا وحاجة الأخيرة إلى النفط والغاز قد يُسرّعان الاستخراج وربّما الاستثمار، وقد تُستنبط وسائل عدّة لشحنهما إليها ريثما يُمدُّ أنبوبٌ خاصٌّ بهذا الأمر، كما النجاح في "بيع الدبّ قبل اصطياده"، لكن ذلك كلّه، يُبقي بعض الأمل في نفوس اللبنانيّين. فالجواب غير السهل المُشار إليه يرتبط بمساعي هوكشتاين الذي يبدو أنّه جمَّد تحرّكه بين لبنان وإسرائيل ولأسباب لا يعرفها اللبنانيّون وتعرفها قلّة من كبارهم في السياسة والمسؤوليّة والعمل الحزبي.

المعروف في هذا المجال أنّ هوكشتاين كان قد اتّفق مع الرئيس اللبناني عون في أثناء اجتماعه به في آخر زيارة له لبيروت على أن يوجّه إليه الثاني بعد زيارته إسرائيل وتفاوضه مع حكومتها رسالة رسميّة تتضمّن المقترحات النهائيّة للترسيم. وفعل هوكشتاين ذلك، إذ سلّم الرسالة المطلوبة إلى سيّد قصر بعبدا قبل أسابيع. لكن ما أزعجه هو أنّ ردّاً عليها منه لم يصله بعد. وهو لا يزال ينتظر ويتساءل عن سبب التأخير أو أسبابه، وهو تساؤلٌ يشاركه فيه اللبنانيّون. ما الأسباب؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار