أيهما أفضل للبنان: ماكرون الانفتاح أم لوبن حليفة الأسد؟ | أخبار اليوم

أيهما أفضل للبنان: ماكرون الانفتاح أم لوبن حليفة الأسد؟

| الجمعة 08 أبريل 2022

 "النهار" - سمير تويني

عشية الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، يبدو واضحا ان نتائج الانتخابات ستؤدي في حال نجاح مارين لوبن الى تعديل جذري في السياسة الخارجية الفرنسية حيال لبنان في شكل خاص. فلوبن تؤيد سياسة "تحالف الاقليات" في المنطقة، في حين ان الرئيس ايمانويل ماكرون يدعو الى الحوار في الداخل والانفتاح اقليميا.

يتميز المرشحان الاوفر حظا لخوض الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لوبن عن اليمين المتطرف والرئيس ماكرون عن الوسط ويمين الوسط، بمواقف مختلفة وحتى متضاربة حول السياسة الخارجية الفرنسية، على رغم ان مرشحة اليمين المتطرف تحدثت خلال المعركة الانتخابية بخطاب اقل تطرفا من المرشح الآخر اليميني المتطرف ايريك زيمور.

للمرشحين مواقف متناقضة من الازمات الحالية واهمها اليوم الحرب الروسية – الاوكرانية. فلوبن تؤيد الموقف الروسي وترى ان الاطراف الغربية لم تتفاوض بجدية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يدعم ترشيحها بشكل غير رسمي طبعا. اما الرئيس ماكرون فيعتبر انه قام ولا يزال باتصالات ومحادثات عدة مع الرئيس الروسي الذي لم يتجاوب مع الاوروبيين بل خذلهم.

أما بشأن الملفات الاوروبية عموما فالرئيس الفرنسي مؤمن بالاتحاد الاوروبي الذي يعتبره التحالف الوحيد القادر على جبه العملاقين الاقتصاديين الولايات المتحدة والصين. كما انه يعتبر ان العملة الاوروبية الموحدة اليورو شكلت العنصر الاساسي لحماية اوروبا امام جائحة كورونا التي ما زالت تهدد الاقتصاد العالمي، فيما لوبن تطالب بسياسة تقوقع قومية، وقد عدّلت موقفها الذي كان معارضا للعملة الموحدة، و لم تعد تعارضها لكن من دون اقتناع، وتطالب رغم تعديل بعض مواقفها بمنع الاتحاد من التدخل بالشؤون الوطنية، علما ان الملفات الوطنية والاوروبية اصبحت مرتبطة بعضها ببعض. وهي مواقف ذات ميول شعبوية غير قابلة للتطبيق.

وأما بالنسبة الى الازمات الاقليمية، فالمرشحان لديهما مواقف مختلفة قد يكون لها تأثير على الوضع الاقليمي واللبناني خصوصا نظرا الي ان تحالفات المرشحَين مختلفة تماما ولكل منهما نظرته المغايرة لحل مشاكل العالم والتحديات التي يمكن ان تواجهها فرنسا خلال الاعوام المقبلة.

لوبن مرشحة انعزالية تطالب الاتحاد الاوروبي باحترام حرية الدول الاعضاء، ومن خلاله تؤمن بنظرية تحالف الاقليات المسيحية في الشرق الاوسط، وهي في موقفها هذا قريبة من الرئيسين اللبناني ميشال عون والسوري بشار الاسد. كما انها حليفة موسكو وتؤيد المواقف السياسية لبوتين. وتشكل محاربة الارهاب والتطرف هدفها الاساسي، اذ ترى فيهما تهديدا يطمح الى وضع اليد على قسم من العالم من خلال ايديولوجية شمولية، والقضاء على المسيحيين واليهود في الشرق.

وتعتبر، على سبيل المثال، ان في سوريا طرفين فقط: أحدهما يطمح الى نظام شمولي اسلامي، والآخر الذي تؤيده اي نظام الاسد والتدخل الروسي في سوريا، وقد دعت الى اعادة فتح السفارة الفرنسية في دمشق لاستمرار التواصل مع النظام. وكذلك انتقدت سياسة التقارب مع الدول الخليجية، وهي تتودد لعلاقة مع زعيم الكرملين وتشيد بمواقفه وتعتبر ان لا مفر من التعامل مع موسكو، ليس فقط لمحاربة الارهاب، بل لتعزيز التعاون مع اوروبا وروسيا لمواجهة الصين.

لكن يبدو ان الحرب الاوكرانية - الروسية ثبّطت عزيمتها في الدفاع عن بوتين.

اما الرئيس ماكرون فسار كما اظهرت السنوات الخمس الماضية على خطى الرؤساء الفرنسيين السابقين في سياسة خارجية تيمناً بالرئيسين ديغول وميتيران. وهو من الداعمين للتعاون الثنائي والسياسة المتعددة الطرف ومدافع عن القضايا الانسانية، وخير دليل على ذلك الدور الذي لعبه من اجل الدعم الانساني للبنان بعد انفجار المرفأ، كما انه اوروبي عن اقتناع ويطالب بتعزيز التعاون الالماني - الفرنسي الذي يشكل المحرك لبناء اوروبا، وهو من انصار الاندماج الاوروبي في مواجهة معسكر التقوقع والقومية والعودة الى الماضي.

والرئيس الفرنسي هو ايضا من الداعمين للتعاون الاطلسي، اي تأكيد القيم المشتركة للديموقراطية وحقوق الانسان ضمن حرية تامة للتحرك الديبلوماسي بالنسبة الى حلفاء فرنسا وعلى رأسهم واشنطن. ويرى ان الحوار مع موسكو لا يمكن ان يعني الاصطفاف الى جانب روسيا والدفاع عن مواقفها في محاربة الارهاب. كما انه يعتبر ان العالم في مأزق ولا يمكن التنازل عن عدم المطالبة بالعدالة للشعب السوري وتعديل النظام ليضم جميع اطياف الشعب السوري رغم ان الاولوية ما زالت لمحاربة الارهاب في انحاء المنطقة والعالم.

ويدعم الرئيس ماكرون الحوار بين الافرقاء اللبنانيين ويطالبهم باجراء الاصلاحات الضرورية لانقاذ البلد، ويدعو الى وحدة النسيج اللبناني، كما انه مؤمن بلبنان الذي يحتاج الى اصلاحات بنيوية لاعادة نموه.

وماكرون من الداعمين لتعزيز العلاقات مع دول الخليج العربي التي تربطها بفرنسا علاقات اقتصادية وامنية منذ عهود طويلة، وهو رغم انفتاحه على ايران ينتقد السياسة التوسعية الايرانية وتدخلها في سوريا ولبنان والعراق ودول عربية اخرى.

وبشكل عام يعتبر ان الحوار مع موسكو ضروري، ويطالب بوقف الحرب الباردة والحقيقية التي تدور حاليا في اوكرانيا، وهو يقوم بجهد لايجاد الحلول لها، وبدعو روسيا الى احترام القرارات الدولية والى فرض عقوبات على موسكو لا يمكن رفعها قبل عودة السلام الى اوكرانيا. ويقيم ماكرون علاقة وطيدة مع الادارة الاميركية الجديدة مبنية على التعاون في العديد من الملفات.

نتائج الانتخابات الرئاسية في الجولة الاولى مساء الاحد المقبل قد تشكل مؤشرا الى ما ستكون عليه السياسة الخارجية الفرنسية خلال السنوات الخمس المقبلة. فهل سنشهد تغييرا جذريا في هذه السياسة خلال الاشهر المقبلة بعد احتدام المعركة بين ماكرون ولوبن وتضاؤل الفارق في استطلاعات الرأي؟ الجولة الحاسمة في 24 نيسان ستعلن الفائز بالرئاسة الفرنسية.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار