إيجابيات تخفي خوفاً كبيراً ممّا بعد الانتخابات | أخبار اليوم

إيجابيات تخفي خوفاً كبيراً ممّا بعد الانتخابات

| السبت 09 أبريل 2022

 رغبة ماكرون في تسجيل مكسب له قبل أيام قليلة من موعد الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية

"النهار"- روزانا بومنصف

تطوي المؤشرات الإيجابية التي توالت في الايام القليلة الماضية، من حسم البابا فرنسيس زيارة له للبنان في حزيران المقبل، الى عودة سفراء دول الخليج الى لبنان التي صادف إعلانها فور الإعلان عن اتفاق مبدئي بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، "رعباً" حقيقياً خارجياً على لبنان في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية والتسارع المحتمل نحو الارتطام الكبير ولا سيما إذا أعاد أهل السلطة استنساخ أنفسهم وتثبيت شرعيتهم وفق ما هو متوقع، إذ ثمّة خوف كبير من المرحلة المقبلة وتداعياتها الخطيرة علماً بأن الحكومة تجاهد لتقطيع مرحلة ما قبل الانتخابات وهناك أموال من الاحتياط لدى المصرف المركزي تضخ من أجل هذه المرحلة، فيما الأمور ستتغير حكماً ما بعدها، اللهم ما قد يفرضه استمرار التماسك المضبوط حتى ما بعد زيارة البابا.

ولا يغفل مراقبون ديبلوماسيون تسجيل جملة عوامل خارجية مساهمة، من بينها رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تسجيل مكسب له قبل أيام قليلة من موعد الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية بحيث إن الدفع نحو هذا المكسب في لبنان لجهة عودة سفراء المملكة السعودية والكويت واليمن كذلك في هذا التوقيت أو لجهة الاتفاق المبدئي مع الصندوق على قاعدة أنها جزرة إضافية للبنان تشجيعاً له على الإصلاح. وكذلك الأمر بالنسبة الى التفاعل الاستباقي أو المرافق لتقدم المفاوضات في فيينا للعودة الى العمل بالاتفاق النووي واشتراط واشنطن التزاماً إيرانياً بتخفيف التوتر إقليمياً قياساً الى ما يجري من هدنة في اليمن وإعلان مجلس قيادي رئاسي وما يمكن أن يستدرج ذلك من مؤشرات إقليمية أخرى.

إلا أنه لا أوهام استباقية إزاء مفاعيل ذلك على خلفية أن هذه العناصر قد تسهم في إراحة الأجواء في لبنان فيما الحلول تكمن أساساً في أيدي اللبنانيين من أجل تنفيذ ما يتعيّن على أهل السلطة تنفيذه بعد الانتخابات خشية انعكاسات كارثية عليهم قبلها. ومبادرة كل من رئيسي الجمهورية والحكومة بالاضافة الى رئيس مجلس النواب لتنفيذ الإصلاحات في المرحلة المقبلة تلاقي ما نُقل عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من أن وفد الصندوق طلب تعهدات خطية من الرؤساء الثلاثة بالتزام الإصلاحات وتنفيذها. ولم يتضح إذا قدّم الرؤساء هذه التعهدات خطياً أو استُعيض بها بهذه الالتزامات العلنية، ولكن السوابق لا تشجّع ولا تشكل ضمانات فعلية، إذ إن هناك عنصرين مؤثرين أحدهما هو "حزب الله"، والآخر هو رئيس التيار العوني الذي غالباً ما نقض مواقف اتخذها رئيس الجمهورية. وكان آخر ممارساته المناقضة لتوجّه صندوق النقد الدولي استمرار المراوحة في تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء والاستمرار في الإصرار على إنشاء معمل في سلعاتا لا يحظى بأي موافقة داخلية أو خارجية دولية.

يروي ديبلوماسيون أنه في الأزمة المالية التي واجهتها اليونان في 2011 ضيّق الأوروبيون على اليونانيين من أجل الإفراج عن الرزمة الثانية من القروض خلال حكومة باباندريو في ذلك العام، إذ إن رزمة القروض والمساعدات الثانية من دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي الى اليونان بتاريخ 26 تموز 2011 كانت مجزأة الى دفعات وارتبط تقديمها بالتأكد من تنفيذ تدابير التقشف والإصلاح. وكانت اعتمدت خطة أولى ثم خطة ثانية هي التي اعتمدت. والتضييق الأوروبي حصل بعدما لاحظت الدول الأوروبية تلكؤاً في تنفيذ الإصلاحات التي التزمها اليونانيون للاستفادة من رزمة القروض الأولى، فوضعوا شروطاً مالية قاسية وأخرى سياسية تتمثل بطلب تعهدات خطية من اليونانيين وفق الآتي:

تعهدات يقدّمها كل من رئيسي الحزبين الرئيسيين، "باسوك" الاشتراكي برئاسة جورج باباندريو، والديموقراطية الجديدة المعارض برئاسة أنتونيس سامارس الى دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، اللذين شاركا بعد استقالة باباندريو وعبر ممثلين عنهما في الحكومة الائتلافية التي ألّفها التكنوقراطي لوكاس باباديموس في 11/11/2011.

وافق مجلس النواب اليوناني على خطة القروض الثانية بعد ثلاثة أشهر وما فيها من تدابير صارمة مع حصول مواجهات عنيفة بين المتظاهرين ورجال الأمن خلال شهر شباط ٢٠١٢.
هذا للقول إن صندوق النقد الدولي يحتاج الى توقيع كل القوى السياسية في السلطة كما في المعارضة على الإصلاحات الواجب اتخاذها كما من مجلس النواب العتيد، من أجل تأمين موافقة الجميع على هذه الاصلاحات ومنع المزايدات الشعبوية والسياسية.

التزام قادة اليونان الصارم أخرجها من أزمتها الخطيرة. وتعتقد مصادر معنية أن وفد الصندوق يكتفي بالتعهد المعلن من الرؤساء الثلاثة باعتبار أن الأمر يكفي وهم يعبّرون عن طوائفهم، لكن الثقة معدومة بأهل السلطة في لبنان من جانب اللبنانيين على الاقل، وهذا ما وصلت أصداؤه الى الصندوق الذي لا يخفي مسؤولوه أنهم يطّلعون على كل تفصيل يرد في أي صحيفة محلية أو عالمية تتناول الملف قيد البحث في أيديهم.

افتقاد أهل السلطة عامل الثقة بإدارتهم للإصلاح وكف أيديهم عن الهدر والفساد وأكثر، يرسم شكوكاً كبيرة إزاء صدقية هذا الالتزام ما بعد الانتخابات. ومشكلة الثقة أكثر ما تواجهه السلطة الحالية ولا سيما في ظل سعيها الى الحصول على بضعة مليارات من الصندوق أهدرت أضعافها مراراً منذ ما بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 من دون أن يرفّ لها جفن.
أما عن استدراج الاتفاق النهائي مع الصندوق الثقة الخارجية من الدول والمؤسسات الدولية، فالمسار طويل ويخشى ألا يكون متوقفاً على اعتبارات تقنية مالية أو نقدية وإصلاحات تطاولهم بمقدار ما ترتبط باعتبارات سياسية يخشى أنها ستودي بلبنان الى قعر القعر إذا استمرت الهيمنة السياسية نفسها.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار