فرنسا لتعاملٍ مع "القويّ" في لبنان توفيراً لاستقراره! | أخبار اليوم

فرنسا لتعاملٍ مع "القويّ" في لبنان توفيراً لاستقراره!

| الأربعاء 13 أبريل 2022

هل من خطة جاهزة أو شبه جاهزة لحل مقترح؟

 "النهار"- سركيس نعوم

الوعد الأخير الذي قدّمه الثنائي أميركا فرنسا، ولكن بواسطة رئيس الأخيرة ماكرون، الى نجيب ميقاتي قبل تأليفه الحكومة وبعد بدئها العمل، كان استعدادهما لتكوين رصيد عربي له ولا سيما عند دول الخليج العربية، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية ودولتا الكويت وقطر ولا سيما بعدما كانت يئست من لبنان و"رئاسته المثلثة" ومن حكوماته ومجلس نوابه ومن قوى الأمر الواقع على أرضه وفي مقدّمها "حزب الله" المسلح حتى الأسنان وصاحب الدور السياسي والأمني والعسكري الفاعل في لبنان وفي الوقت نفسه صاحب الدور الأمني والعسكري في الإقليم. وقد دفعها يأسها الى سحب سفرائها منه. وما عودة سفيري المملكة والكويت أواخر الأسبوع الماضي وليد البخاري وعبد العال القناعي واقتراب موعد وصول السفير الجديد لدولة قطر الى بيروت إلا دليل ساطع على "صدق" وعود واشنطن وباريس وسرعتهما في تنفيذها.

ما هو الأكثر أهمية في "الانخراط" الجديد للعاصمتين الفاعلتين المؤثّرتين الواجب العمل لتحقيقه في لبنان كي يعود الى الوقوف على رجليه، طبعاً بعد بدء عملية إعادة بناء فعلية وجدّية لدولته بمؤسساتها المنهارة كلياً باستثناء الجيش اللبناني، وإعادة بناء الوحدة الوطنية لشعبها الذي حوّلته الأديان والطوائف والمذاهب أو بالأحرى مدّعو النطق باسمها وتالياً باسم الله الذين حوّلوا الجميع شعوباً متناحرة. وهي اختلفت بعد 15 سنة من استقلال لبنان، ثم تقاتلت 15 سنة بين 1975 و1990 بـ"رعاية" أشقاء مظلومين هم الفلسطينيون وأشقاء ظالمين يعرفهم اللبنانيون من دون ذكرهم، كما برعاية "أعداء موصوفين" استوطنوا في المنطقة وهم من خارجها واستعدوا شعوبها ولا يزالون مصرّين على التعامل معها بالقوة العسكرية لا بحسن الجوار وبإعادة الحقوق التي سلبوها الى أصحابها الأصليين أو بعضها.

الأكثر أهمية في رأي جهات سياسية محلية وأخرى ديبلوماسية غربية، الذي بدأت واشنطن على نحو غير مباشر وفرنسا مباشرة إعداد اللبنانيين له وفي مقدمهم رئيس حكومته نجيب ميقاتي هو تعليم المعنيّين جميعهم بل تدريبهم على أفضل طريقة لإعادة الاستقرار الى لبنان، وتفضيله أي ميقاتي على غيره من الشخصيات الحكومية والسياسية قد يعود الى اليأس من بعضها ولا سيما التي منها علّق عليها اللبنانيون كلهم الآمال في الماضي وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري، الذي يُجمع كل من تعاطى معه من داخل ومن خارج أنه ذو قلب طيّب مثل والده الشهيد. وهذه صفة لا تكفي إن لم تواكبها صفات أخرى. الدليل الأبرز على ذلك نجاح تجربة والده الشهيد الطيّب القلب جداً ولكن العارف البشر جيداً والعارف ما يريد تحقيقه وكيف والمتمتّع بجرأة التعلّم بعد الاعتراف بجهل معيّن ما وبقدرة الوصول الى الدول الكبرى والصغرى ورؤسائه وجرأة التعاطي معها على نحو ندّي. قد يكون ذلك أحد أسباب "استشهاده" بعد مسيرتين من العمل السياسي والوطني والإعماري في لبنان، بدأت الأولى عام 1983 وكانت غير رسمية. أما الثانية الرسمية فبدأت عام 1992 بدخوله مجلس النواب ثم بترأسه حكومات إعادة البناء والإعمار.

السؤال الذي يُطرح هنا هو: كيف يمكن لفرنسا ماكرون، بدعم أميركي، مساعدة الرئيس ميقاتي لتنفيذ طموحاته كما طموحاتها اللبنانية البحتة؟ الجواب الذي تقدّمه الجهات السياسية المحلية والديبلوماسية الغربية نفسها هو: التعامل مع "القوي" في لبنان أو بالأحرى الفريق الأقوى، ومن دون ذلك لا يمكن توفير الاستقرار للبلاد ثم الانطلاق لإعادة بناء دولة تحل مكان التي فشلت منذ عقود ومؤسساتها الدستورية والإدارية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والمصرفية والمالية، لكن بعد انتزاعها من أمراء الطوائف والمذاهب والأديان والعشائر والقبائل والأحزاب العقائدية – الدينية والأخرى الشخصية والإقطاعية والعائلية. هذا القوي هو "حزب الله" باعتراف أنصاره ومحبّيه ومريديه كما أخصامه وأعداؤه ولا سيما بعدما نجحت مقاومته في تحرير جنوب لبنان من إسرائيل بدعم كبير إيديولوجي وسياسي ومالي وعسكري من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

يعني ذلك الى حد ما تكرار تجربة الاعتماد على سوريا الأسدين الأب ثم الابن منذ "اتفاق الطائف" الذي صار دستور لبنان وميثاقه عام 1989 وبمساعدة مباشرة أميركية وعربية وتحديداً سعودية وبإشراف سوري من بعيد. هذا الاتفاق سلّم لبنان الى سوريا وهي حكمته بواسطة زعماء شعوبه وطوائفه ومذاهبه و"عسكره" وأحزابه كما بواسطة جيشها الذي كان موجوداً على أرضه بطلب عربي وموافقة أميركية لإنهاء الحروب فيه و"حل الميليشيات" وتطبيق الطائف... وقد قبل اللبنانيون ذلك لأنهم اشتاقوا الى السلام وظنّوا في البداية، برغم شكوك الكثيرين منهم، في الأهداف اللبنانية لسوريا، أنها ستقيم دولة وطنية موحّدة ومدنية صديقة لها ومتعاونة معها بقرار منها ولكن مستقلة. لكن سوريا لم تفعل ذلك. 

هذا الواقع الثابت يدفع ثلاثةً من شعوب لبنان الأربعة أو الغالبيات الكبيرة فيها الى الحذر من تكرار تجربة "الاستقرار" الذي فرضته سوريا في لبنان والذي رافقته عواصف وأنواء مدمّرة داخله. أما الشعب الرابع وهو الأقوى ومنذ سنوات بـ"حزب الله" الذي صار قوة إقليمية مهمة وبـ"الثنائية" الشيعية التي يقودها بالتعاون مع "حركة أمل" فهو حليف ثابت لسوريا. وهو مع شعبه مدينان لها منذ 1989 إذ أفسحت لهما في مجال نشر النفوذ وتسلّم المواقع الأساسية في البلاد. لكنه لبناني وبصفته هذه عليه أن يعمل لتوفير الاستقرار ولفتح باب التعاون مع الشعوب اللبنانية الأخرى من أجل إعادة بناء البلاد ولتفادي عودة سوريا الى لبنان رغم أن عودة العلاقة بينهما ضرورية لأنهما شقيقتان. علماً بأنهما ليسا شعباً واحداً في دولتين وهذا أمرٌ ضروري وملحّ ويجب أخذه في الاعتبار.

هل ينجح ذلك؟ وهل من خطة جاهزة أو شبه جاهزة لهذا الحل المقترح؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار