إقرار خطة التعافي: بروباغندا انتخابية ام مسار إصلاحي؟ | أخبار اليوم

إقرار خطة التعافي: بروباغندا انتخابية ام مسار إصلاحي؟

| الأربعاء 13 أبريل 2022

الإتفاق مع "الصندوق" يفتح الأبواب لتمويل أكبر للبنان...

"النهار"- موريس متى

من المنتظر ان تصادق الحكومة على الاتفاق الاوّلي الذي توصلت اليه السلطات اللبنانية مع صندوق النقد الدولي لتتجه الانظار في ما بعد الى إقرار خطة التعافي قبل الانتخابات النيابية منتصف أيار المقبل بالتوازي مع إرسال مشاريع القوانين المطلوبة ضمن الاتفاق الى المجلس النيابي لإقرارها، فيما ترجح المصادر ان يقر المجلس في جلسته المقبلة مشروع قانون "الكابيتال كونترول" بصيغته النهائية المعدلة، اضافة الى مشروع قانون موازنة العام 2022. وتشير المعلومات الى ان وفد صندوق النقد يصر على إقرار مشروع قانون "الكابيتال كونترول" كما هو رغم العديد من الشوائب التي يتضمّنها، خصوصا لناحية التعاطي مع الاموال الجديدة والقيود المفروضة على تحويل الاموال، كما يصر الصندوق على إقرار مشروع الموازنة رغم وصفها بـ"غير المثالية".

أما قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي فيرجح ان يستغرق أشهرا طويلة لكي يُقر، مع الاشارة الى إعادة التقييم والتدقيق في أكبر 14 مصرفا في لبنان تشكل أكثر من 80% من القطاع المصرفي، ما قد يعيد النظر بحجم الخسائر التي قدّرتها الحكومة في خطتها بنحو 73 مليار دولار. ومن هنا سيكون على عاتق مؤسسة دولية التدقيق في الميزانيات المختلفة للمصارف.

يُعتبر الاتفاق بين السلطات اللبنانية وخبراء صندوق النقد خطوة مهمة طال انتظارها، في وقت يُتوقع ان يزداد الوضع سوءاً في حال عدم تطبيق البرنامج التصحيحي بعد الانتخابات النيابية، لاسيما ان كلفة التأجيل كبيرة جدا والمسعى حاليا هو للخروج من حالة الانكماش الذي يشهده الاقتصاد اللبناني والانتقال الى مرحلة من الاحتواء التدريجي للمخاطر وصولا الى سلوك طريق النهوض على المديين المتوسط والطويل. توقيع الاتفاق مع صندوق النقد يؤسس لفرض رقابة على تطبيق الاصلاحات في لبنان بعد فشل المسؤولين اللبنانيين في تنفيذ ايّ من الاصلاحات والوعود التي قطعها لبنان خلال المؤتمرات السابقة أمام الدول والجهات المانحة.

وتشير المعلومات الى ان سقف الـ 3 مليارات دولار التي لحظها الاتفاق الاولي مع الصندوق على 4 سنوات ليس بالسقف النهائي بل يمكن ان يرتفع اكثر عند توقيع الاتفاق النهائي، وهذا رهن إظهار السلطات اللبنانية مدى التزامها بدء تنفيذ الاصلاحات وإقرار القوانين اللازمة.

ويساعد هذا الاتفاق على تحرير جزء كبير من اموال مشاريع "سيدر" التي وصلت يومها الى 11 مليار دولار ولم يتبقَّ منها سوى ما يقارب 5 الى 6 مليارات دولار تنتظر سلوك لبنان طريق الاصلاحات لكي يتم تحريرها على مراحل. كما يُعدّ توقيع الاتفاق مع الصندوق كوثيقة تعيد بناء جزء من الثقة مع المجتمعين الدولي والعربي لتأكيد ان لبنان التزم فعلا سلوك طريق الاصلاحات، وبالتالي يمهد لتوقيع اتفاقات مِنح وقروض ميسرة مع مؤسسات دولية وعربية أخرى، خصوصا ان المشهد الاخير يظهر عودة خليجية الى لبنان واستعدادا للمساعدة على النهوض من جديد مع عودة السفيرين السعودي والكويتي الى بيروت.

وتتجه الانظار حاليا الى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد على الاتفاق الاوّلي مع السلطات اللبنانية بالتوازي مع ضرورة إقرار تشريعات أساسية في لبنان مواكبة للإتفاق وخطة التعافي، ومنها ما يتعلق بمسار إعادة هيكلة القطاع المصرفي وقانون "الكابيتال كونترول" وتعديل السرية المصرفية والتدقيق في الوضعية الخارجية لمصرف لبنان، وصولا الى وضع آلية لتوحيد سعر الصرف ضمن شطور محددة يجب على المصرف المركزي العمل على وضعها للإنتهاء من ظاهرة وجود ستة أسعار صرف مختلفة معتمدة في لبنان.

ويطرح الخبير في الشؤون الاقتصادية المهندس إدمون الشماس السؤال الآتي: "ماذا تغيّر في الطبقة السياسية الحاكمة بين 6 نيسان 2018 واليوم؟ وقتها كان لبنان على مشارف انتخابات نيابية عندما انعقد مؤتمر "سيدر" في باريس وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحافي في ختام المؤتمر لدعم الاقتصاد اللبناني، عن جمع نحو 11 مليار دولار من المنح والقروض لتعزيز الاقتصاد والاستقرار في لبنان مقابل سلة من الإصلاحات شبيهة بما يطالب به صندوق النقد الدولي لبنان اليوم، وآنذاك اضاعت الطبقة السياسية الحاكمة نفسها هذه الفرصة الذهبية لمنع الانهيار المالي والإقتصادي الذي حصل بعد 17 تشرين 2019، لكنها استفادت من هذا الإعلان الكبير لتعزيز مواقعها في السلطة عشية الانتخابات بوعود كاذبة للمجتمع الدولي والشعب اللبناني".

ويتساءل ايضا: "هل تغيرت فعلا الطبقة السياسية الحاكمة وأصبحت أكثر إنسانية ووطنية مما كانت عليه حيال الإلتزام بتنفيذ برنامج إصلاحي، أم أن المصلحة الإنتخابية مجددا تتطلب منها تقديم تنازلات ظرفية نظرية مع صندوق النقد والتحايل عليه لتعزيز حظوظها في الإنتخابات النيابية وتمرير الوقت الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟".

ويضيف شماس: "المؤسف في الأمر ان لبنان اليوم بحاجة الى نحو 20 مليار دولار لتنفيذ برنامج إصلاحي كامل وخطة إنقاذ اقتصادية للتعافي، وأموال صندوق النقد هي 3 مليارات دولار إنْ وصلت لن تكون كافية ولن تفي بالغرض المطلوب، خصوصا ان السلطة السياسية الحاكمة ومصرف لبنان اضاعا فرصة ذهبية في نهاية 2019 لتنفيذ الإصلاحات ومنع الانهيار الكبير حيث تبخرت الودائع في مصرف لبنان وفي المصارف التجارية اللبنانية، ولم يكن لبنان بحاجة إلى مساعدة صندوق النقد الآن، إنما آثروا الذهاب الى انهيار كامل للاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي ومصرف لبنان وانهيار كامل لمؤسسات الدولة في اكبر عملية سوء ادارة وهدر واحتيال في التاريخ".

ويسأل أيضا: "هل يعقل ان يكون دعم صندوق النقد لقرض بقيمة 3 مليارات دولار لمدة أربع سنوات بينما أهدرت السلطات اللبنانية ومصرف لبنان حوالى ملياري دولار منذ كانون الاول 2021 على التعميم 161 لضخ دولارات من دون سقف عبر المصارف من خلال منصة صيرفة معظمها ذهب الى التجار لدعم الاستيراد؟".

ويختم شماس متسائلا عن "المصالح الاقليمية والدولية لمساعدة السلطة في لبنان على تخطي عملية الانتخابات بأقل كلفة سياسية من اجل استكمال تفاهمات معينة على ترسيم الحدود البحرية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون توافقيا من خلال ترتيبات اقليمية بدأت معالمها بالظهور بعودة سفيري المملكة العربية السعودية والكويت الى لبنان؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار