لبنان لم يكن جاهزاً لعدم انتخاب ماكرون | أخبار اليوم

لبنان لم يكن جاهزاً لعدم انتخاب ماكرون

| الثلاثاء 26 أبريل 2022

واقع الازمة وزيادة وطأتها قد تطلق موجة جديدة من الهجرة غير شرعية لبنانية

 "النهار"- روزانا بومنصف

تشاء المصادفة وحدها انه فيما كان لبنان ينتظر يوم الانتخابات الفرنسية في دورتها الثانية في ظل رهانات ورغبة غير خافية لافرقاء سياسيين بدعم اعادة انتخاب الرئيس ايمانويل ماكرون لولاية رئاسية ثانية، اضطر الجيش اللبناني الى خوض غمار منع زورق من الهجرة غير الشرعية من الابحار الى الشواطىء الاوروبية.

يكتسب الدور الذي يقوم به لبنان على هذا الصعيد اهمية مضاعفة لدى فرنسا والدول الاوروبية الحساسة جدا على موضوع الهجرة غير الشرعية واللجوء على رغم المأساة التي يمثلها مسعى هروب جماعي تم تحييد الانظار فيه حول القاء المسؤوليات عن غرق المركب بدلا من السؤال الكبير لماذا يلجأ هؤلاء الى الهجرة غير الشرعية وكيف السبيل الى الحد من ذلك اجتماعيا واقتصاديا. فلبنان الملتزم محاربة الهجرة غير الشرعية سواء للبنانيين او سوريين او فلسطينيين من اراضيه سيجد طريقه عبر ذلك ليبقى يحظى بالاهتمام في المقابل في هذا الموضوع كما في موضوع استمرار استقباله اللاجئين السوريين الذين لا يتحمس الخارج لاعادتهم في غياب حل سلمي في سوريا . لا يمكن ان يسجل ذلك في اطار الجهد غير المباشر الذي كان يمكن ان يخدم توجهات مارين لوبين في سياستها الحادة ازاء الهجرة غير الشرعية، بل لان اوروبا باسرها لا يمكن ان تتساهل لا سيما في مرحلة استقبالها الملايين من الشعب الاوكراني والخلل في التوازنات السياسية والديموغرافية التي تسببت بها موجات الهجرة الى جانب التداعيات الاخرى. هذا الاهتمام اللبناني يبدو مضاعفا لا سيما مع اعادة انتخاب الرئيس ماكرون الذي اولى اهتماما للبنان كان سيصعب على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبين مجاراته في مرحلة اشد ما يبقى فيها لبنان في حاجة الى المتابعة الفرنسية عن كثب ولا يستطيع انتظار ان ترتب لوبين اوراقها وحكمها للالتفات الى لبنان والمنطقة في ظل التسليم جدلا بان هناك استمرارية في السياسة الفرنسية ازاء لبنان والمرشحين الاساسيين للرئاسة الفرنسية في دورتيها لم يغفلوا الاشارة الى لبنان. ماكرون في المقابل اظهر لا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 ان لبنان في صلب المصلحة الفرنسية ونقطة اهتمام حملها الى كل محطاته على سبيل التحدي الشخصي الذي لا يحتمل التراجع فيه والخسارة اقله وفق ما كان قبل الانتخابات الفرنسية الاخيرة. فالانظار اللبنانية خلال الاسابيع الاخيرة انشدت الى هذه الانتخابات ليس من باب المشهد الديموقراطي الحضاري الذي يتوق اليه اللبنانيون من غير السياسيين والتعبير الحر واحترام الرأي الاخر بل من زاوية القلق على انعكاسات التغيير المحتمل في الادارة الفرنسية في اوروبا اولا وعلى المنطقة ولبنان خصوصا.

تظهر ارقام التصويت للبنانيين الفرنسيين في السفارة الفرنسية وقد بلغت نسبتهم 79 في المئة لمصلحة ماكرون في مقابل 21 في المئة لمصلحة لوبين مع نسبة اقتراع بلغت 41,24 في المئة، مدى التعويل والرهان على عودة ماكرون الذي تعاطف مع اللبنانيين كما لم يفعل مسؤول لبناني او خارجي معهم على اثر انفجار المرفأ في شكل خاص فيما تقدر الطبقة السياسية اهمية بقاء ماكرون من زاوية ادراكها ان فرنسا قد تكون الدولة الوحيدة التي لا تزال تملك مقاربة للبنان على المديين القريب والبعيد ووحدها تتحدث مع جميع الافرقاءالى حد اتهامها ببيع لبنان الى ايران في التواصل الفرنسي الايراني من اجل لبنان لا سيما بعد قمة الامن الاقليمي التي عقدت في بغداد في 28 آب من العام الماضي وكان ماكرون الرئيس الغربي الوحيد الذي شارك فيها، علما ان معلومات ديبلوماسية اشارت الى غياب موضوع لبنان عن التواصل مع ايران انذاك المنشغلة بموضوع وحيد هو ملفها النووي .

وهذا لم يمنع محادثات جانبية اجراها ماكرون على الهامش وتناولت لبنان الذي لم يكن وضعه مطروحا على نطاق البحث كما انه لم يكن مشاركا ولكنه ورد مع الوفود العربية المشاركة وفي مقدمها المملكة السعودية الى درجة انتقال الكلام لاحقا عن زخم سعودي للرئيس الفرنسي في انتخاباته وبيعه ورقة العودة الديبلوماسية الخليجية الى لبنان وحتى العودة السعودية من باب الدعم الانساني الحياتي السعودي الفرنسي المشترك. وحتى الان وبغض النظر عن اخفاقات للمقاربة الفرنسية التي قادها ماكرون في العامين الماضيين فيما كثر يمكنهم تعداد ثغراتها، فان لبنان الرسمي على الاقل تنفس الصعداء فيما انه لبنان الرسمي والى حد كبير الشعبي تمثل له فرنسا ماكرون طوق نجاة من خلال التزام الاخير رؤية استراتيجية حول مساعدة لبنان على الاستقرار اقتصاديا وماليا اولا والضغوط على صندوق النقد الدولي مع ضرورة بقائه من ضمن محيطه العربي ، مع الامل بتصحيح الاخفاقات على قاعدة الاستفادة من التجربة الفاشلة سابقا .

فجميع السياسيين ابلغوا حتما بانه وفي الوقت الذي سعى الرئيس الفرنسي بوضع لبنان على طاولة البحث في محطات عدة ووجه برفض قاطع من محاوريه في المقابل للحديث عن لبنان الذي فقد اهتمام العالم به. اما ان العلاقات بين الدول مصالح وليست عواطف، فان الموضوع بين اللبنانيين وفرنسا متداخل الى حد كبير في الواقع من دون امكان تجاهل ان لفرنسا ايا يكن من يرأسها مصالح حيوية كبيرة في لبنان بتعدديته ببعده المتوسطي ومرتبطة بتاريخها الانتدابي له.

الاشكالية في كسب الرهان على ماكرون تكمن في ان اهل السلطة والقوى السياسية قد تفشل في ان تكون على مستوى التعويم الفرنسي وغير الفرنسي الذي حصل لها لا سيما مع الفشل في اقرار مطالب الصندوق الذي وقع مع لبنان اتفاقا مبدئيا فيما ان عامل الوقت يلعب بقوة ضد لبنان وهو على مشارف فراغ في السلطة التنفيذية قد يطول. اضف الى ذلك ان واقع الازمة وزيادة وطأتها قد تطلق موجة جديدة من الهجرة غير شرعية لبنانية وليس فقط سورية او فلسطينية بحيث قد تتكرر مأساة الزورق في طرابلس مع بدء فصل الصيف. وهذا العامل سيكون استكمالا للفشل الرسمي في بدء مسار المعالجة ومنع التدهور.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار