ماكرون٢: هل من تغيير في سياسته اللبنانية؟ | أخبار اليوم

ماكرون٢: هل من تغيير في سياسته اللبنانية؟

| السبت 30 أبريل 2022

 "النهار"- علي حمادة

يوم الأحد الماضي توجّه العديد من اللبنانيين من حاملي الجنسية الفرنسية الى صناديق الاقتراع في فرنسا ولبنان للتصويت لأحد المرشحين، الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيسة حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرّف مارين لوبان. كان بين هؤلاء كثرة من اللبنانيين الذين كانوا تأمّلوا خيراً من اهتمام الرئيس إيمانويل ماكرون بلبنان مع اشتعال الأزمة المالية – الاقتصادية في خريف ٢٠١٩، ثمّ في أعقاب تفجير مرفأ بيروت في آب ٢٠٢٠، حيث زار بيروت المضرّجة بالدماء بعد أقل من يومين من التفجير، قابل خلالها آلاف اللبنانيين في الشارع، في تناقض واضح مع سلوك الرئيس اللبناني ميشال عون المستهجن الذي اكتفى بزيارة موقع التفجير من الطريق العام المحاذي للمرفأ، وقد بدت علامات غربته التامّة عن الفاجعة التي أصابت أهالي بيروت، وانفصاله العاطفي والوجداني عن فداحة الحدث. حتى في الشكل طغت صورة الرئيس اللبناني الذي وقف متفرّجاً فيما يداه في جيب بنطاله كسائح يتفرّج من بعيد.

تأمّل اللبنانيون من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الكثير. ولحظة أحسوا بأنّ الرئيس البعيد أقرب الى قلوبهم من الرئيس القريب. وقد حفلت الشاشات بمشاهد معبّرة من جولة ماكرون في شوارع بيروت المدمّرة. غادر ماكرون واعداً اللبنانيين بإطلاق مبادرة لمساعدتهم على الخروج من "جهنّم" التي وقعوا فيها. كان الموعد في الأول من أيلول على هامش الاحتفال بمئوية الكيان اللبناني. ومع عودته جمع الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر أركان الطاقم الحاكم الذين كانوا في تلك المرحلة يعانون من صدمة الرفض الشعبي العارم لهم. أطلق ماكرون مبادرته في لقاء جمع رؤساء القوى السياسية الرئيسية المشاركة في مجلس النواب، وقدّم لهم مبادرة من حوالي أربعين نقطة، شدّدت على ضروة تشكيل حكومة جديدة، مؤلفة من تكنوقراط مستقلين وأصحاب كفاءة ونزاهة، طالباً من القوى السياسية التنحّي جانباً وتسهيل مهمّة الحكومة في مجلس النواب للإسراع في إنقاذ البلاد المنكوبة. ويومها أسقط ممثّل "حزب الله" حول طاولة اللقاء فكرة طُرحت في المبادرة الأولى للرئيس الفرنسي قضت بتنظم انتخابات نيابية مبكرة لإعادة تشكيل السلطة والشرعية في البلاد. غادر ماكرون الى باريس، ثمّ جرى اختيار السفير اللبناني في برلين مصطفى أديب لتشكيل الحكومة...

منذ ذلك الوقت اشتعلت المناورات الداخلية حول مهمّة الرئيس المكلف، وواكبتها التراجعات الفرنسية عن الضغط في سبيل المحافظة على روح المبادرة وانخرطت باريس في البازار اللبناني. يومها قيل لممثلي القوى التغييرية ما مفاده: "أنتم انتخبتموهم لا نحن"! وفي ما بعد اتّسمت سياسة الرئيس الفرنسي حيال لبنان بتعاظم حجم البراغماتية في المقاربة على حساب العديد من الوعود، والخطاب المثقل بالمثل العليا. وحتى آخر يوم قبل الانتخابات الرئاسية سارت السياسة الفرنسية بالأسلوب ذاته، وقد افترقت كثيراً عن المبادرة التي سمعها اللبنانيون في شوارع الأشرفية والجمّيزة ومار مخايل، وعادت للتعامل مع الأمر الواقع، والأهم أنها وسّعت من نطاق التعامل مع قوى الأمر الواقع، وهنا نتحدّث عن "حزب الله". فالجميع يتذكّر أن الحكومة الحالية برئيسها وتكوينها وليدة التفاهمات مع الإيرانيين.

ذهب معظم اللبنانيين الفرنسيين الى صندوقة الاقتراع مستائين ممّا آلت إليه سياسة الرئيس ماكرون، لكنّهم صوّتوا له بغالبية ساحقة لقناعتهم بأن البديل سيّئ.لكنهم ينتظرون منه أن يعود الى روح مبادرته لا أكثر ولا أقل. فهل يعود الى المسار؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار