خيبة أمل من تقدّم لبناني في الإصلاحات | أخبار اليوم

خيبة أمل من تقدّم لبناني في الإصلاحات

| الإثنين 02 مايو 2022

الحزب لا يحتاج الى صندوق النقد لأن دولته لها خصوصياتها

من مالية واقتصاد وطاقة وجيش وصحّة وتعليم 


 "النهار"- رندة تقي الدين 
ثلاثة أسابيع مرّت على الاتفاق الأوّلي للرؤساء الثلاثة في لبنان مع خبراء صندوق النقد الدولي بشأن إصلاحات وسياسات اقتصادية تمثل خريطة طريق للبنان كي يستفيد من "تسهيلات صندوق النقد للخروج من أزمته الكارثية"، ولم يحدث أي تقدم بحجة الانتخابات وما الى هنالك من أسباب غير مقنعة سوى العجز السائد على مستوى القيادات في لبنان. هللت الأسرة الدولية لتوافق رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة اللبنانية على الخطة الاقتصادية التي توصّلت إليها الحكومة مع خبراء الصندوق لأن مثل هذا التوافق قلما حدث بين القادة اللبنانيين، علماً بأن البطء عنوان المرحلة عندما يغيب التعطيل على صعيد الدولة اللبنانية. فالوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان مأسوي والجميع في الداخل والخارج يعرف ما المطلوب لإخراج لبنان من نفق جهنمي انتهجته قيادة البلد. والشعب اللبناني يتألم ويعاني من غياب وفساد دولة تقضي على بلد كان بإمكانه أن يكون جنّة لمواطنيه، وقياداته حوّلته الى جهنم.

 

 الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الذي تم في ٧ نيسان كان حسب بيان الصندوق على "وضع برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي يهدف الى إعادة بناء الاقتصاد واستعادة الاستدامة المالية وتعزيز الحوكمة والشفافية وإزالة العقبات أمام النموّ المنشئ للوظائف وزيادة الإنفاق الاجتماعي والإنفاق على إعادة الاعمار".

 
يُفهم أن هذا الاتفاق الاولي يخضع لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق وإدارته العليا بعد تنفيذ كل الإجراءات المطلوبة للاستفادة من موارد مالية قيمتها ٣ مليارات دولار أميركي. ثم يتيح ذلك دعم لبنان من شركاء دوليين مثلما حصل في مؤتمر سيدر الذي نظمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ٢٠١٨.

السؤال اليوم، هل يتحول الاتفاق الاولي مع صندوق النقد الدولي الى ما حصل مع مؤتمر سيدر، أي التزامات من الحكومة اللبنانية كالعادة لا تُنفذ ويستمرّ قادة البلد في خنقه في النفق الذي أدخلوه فيه والذي يزيد تراجعاً يوماً بعد يوم؟ حتى اليوم حسب مصادر دولية متابعة للوضع اللبناني لم يتم تنفيذ أي إصلاح مطلوب من لبنان حتى ولو أن ثلاثة أسابيع فقط هي فترة زمنية قصيرة، ولكن الضرورة وخطورة الازمة كانت تفرض الإسراع في التحرّك رغم أنها فترة قصيرة. والواقع أنه ليس هناك حتى بداية إصلاح وقد دخل البلد في فترة الشهر بعد الاتفاق مع الصندوق.

 
ترى مصادر دولية متابعة للوضع اللبناني أن الخطر كبير وموجود ألا يُنفّذ أي شيء وأن يختبئ القادة وراء حجة انتظار وإعداد الانتخابات التشريعية. يظهر أن القدرة على تحرّكهم لجهة تنفيذ أي خطوة اتفقوا عليها أبطأ من الالتزام الذي اتخذوه مع الصندوق. فلم يظهر المسؤولون أنهم مدركون لضرورة الإسراع في الإقلاع بالتنفيذ، وانتظار الانتخابات التشريعية وتأجيل الخطوات الى ما بعدها يحمل في طيّاته خطر التأجيل الى ما لا نهاية، ويعني عدم التنفيذ. فبعد الانتخابات ستكون حجة انتظار تأليف حكومة جديدة وهذا قد يأخذ أشهراً، وبعد ذلك انتخابات رئاسية قد تكون أيضاً موعداً طويل الأمد نظراً للوضع السياسي اللبناني المتدهور.

وميزان القوى في لبنان لمصلحة "حزب الله" ويتوقع أن يبقى كذلك بعد الانتخابات. فالحزب لا يحتاج الى صندوق النقد الدولي لأن دولته لها خصوصياتها من مالية واقتصاد وطاقة وجيش وصحّة وتعليم خارج الدولة. فللحزب جبايته ومكاسبه من مرافئ الدولة والتهريب وعائدات النفط الإيراني. فأركان الحزب لا يبالون بما يسمّى "إصلاحات".

كيف إذن تنفّذ أي حكومة  إصلاحات لا تناسب "حزب الله" وحلفاءه لأنها مطلوبة من صندوق النقد الدولي حيث الإدارة الاميركية هي أكبر مموّل في مجلس إدارته. فالخطر كبير من أن الالتزام اللبناني مع صندوق النقد لن يُنفّذ علماً بأن لبنان لم يصل بعد الى نهاية المرحلة مع الصندوق. فترى مصادر دولية متابعة  للوضع اللبناني أن البلد بحاجة الىتسويات سياسية داخلية بين قادته وطوائفه حول ثلاث مشاكل أساسية في لبنان.

أولى المشاكل هي  أن يبقى القطاع المصرفي اللبناني فعّالاً لأنه لا يمكن للبنان أن يكون من دون قطاع مصرفي، ولكن من جهة أخرى يجب توزيع خسارته بطريقة عادلة أي أن تكون الخسائر متناسبة مع حجم أصحاب الودائع أي تحمّل خسارات أكبر لمن لديه حجم ودائع أكبر، وفي الوقت نفسه الحرص على عدم إفلاس البلد وحماية قدرة إعادة إقلاع البلد، فهذه النقطة خلافية حالياً في لبنان. وهناك من يقول إن على مجموعة  أصحاب المصارف أن تتحمّل الخسائر. والبعض يختلف في الرأي ويرى أنه في غياب رأس مال كبار المصرفيين لا يمكن إعادة دفع عجلة اقتصاد البلد. فالمطلوب تسوية سياسية داخلية بين المصارف والدولة مع تسوية طائفية لكون المصارف لمختلف الطوائف. فلأصحاب البنوك حجة أنهم قدّموا للدولة قروضاً والدولة هدرتها ولم تنجز شيئاً. فالكهرباء ما زالت غير موجودة والعجز في ميزانية الدولة مستمرّ. إذن يجب على القيادة اللبنانية أن تقدّم تسويات داخلية مع المصارف لأن القضيّة ليست تقنية بحتة.

 
الأمر الأساسي الآخر أنّ الوضع المعيشي للشعب اللبناني تدهور الى درجة يتطلّب في أول ثلاث أو خمس سنوات من الخطة مع صندوق الدولي توزيع الجزء الأكبر من مصروف الدولة لدعم القطاع الاجتماعي من التعليم والصحّة الخ... كما لا يمكن البقاء دون حلّ مشكلة الكهرباء. فكل ذلك يحتاج الىتسوية داخلية سياسية.

لقد أقر لبنان البرنامج ولا حلّ دونه، ولكن الشكوك سائدة بالنسبة الى تنفيذ الإصلاحات. فلا ثقة لأحد بالقادة اللبنانيين، وإن لم ينفذوا الإصلاحات المطلوبة فلا أمل في إنقاذ لبنان لا مع صندوق النقد ولا من فرنسا والسعودية والولايات المتحدة. فالإسراع في الإصلاحات أهم من انتظار الانتخابات.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار