التغيير الذي لن تترجمه السلطة | أخبار اليوم

التغيير الذي لن تترجمه السلطة

| الثلاثاء 10 مايو 2022

يقر سياسيون ان انتفاضة ١٩ تشرين وان فشلت في ترجمة نفسها وتحقيق اهدافها

 "النهار"- روزانا بومنصف

ثمة خشية كبيرة من ان تكون أصوات المغتربين ونسبة اقتراعهم الكبيرة التي شكلت اضعافا عن المقترعين في العام ٢٠١٨ هي ارقام تدرج او تستخدم كأنها وجهة نظر وليست معبرة تقنيا عن حال رفض وتغيير لم يرغب اهل السلطة رؤيتها بعد انتفاضة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ وما تعنيه واستمروا في رفضها حتى الان ولا يعتقد انهم قد يقرأوا في تصويت المغتربين العلني على الاقل عبر الاعلام والذي كان في مجمله كصوت لبناني شيابي صارخ في اتجاه التغيير، ما يدفعهم إلى ذلك مع اعلان نهاية يوم الانتخاب الطويل في فرنسا في ٢٤ نيسان الماضي وإعلان فوز المرشح الرئيس ايمانويل ماكرون بالرئاسة مجددا، خرج على الجمهور الفرنسي معلنا ان من صوت له قد فعل رفضا لخصمه اكثر مما هو دعما لولاية جديدة له وواعدا بمقاربة جديدة تأخذ في الاعتبار هذا الواقع وستسعى الى ترجمته متعهدا بتوحيد فرنسا المنقسمة.

الانتخابات الحالية ليست هي الرئاسية في انتظار ان تحمل هذه الاخيرة رئيسا للجمهورية يواكب طموح اللبنانيين بنقل لبنان الى مرحلة نهوض بعيدا من الانهيار ويعمل على توحيد البلد . ولكن طموح اللبنانيين ان يحظوا بالمقاربة نفسها على الاقل لجهة تلمس مدى السعي الى التغيير من جانب اللبنانيين فيما يقر سياسيون ان انتفاضة ١٩ تشرين وان فشلت في ترجمة نفسها وتحقيق اهدافها فهي موجودة بقوة لدى اللبنانيين ويصعب تجاهلها . اذ من المخيف جدا بالنسبة الى لبنان ان تقرأ قوى السلطة إعادة تثبيت شرعيتها الشعبية التي تدرك جيدا وعميقا كيفية الوصول اليها نتيجة قانون انتخابي بالغ السوء ومفصل على قياسها، على انها تفويض متجدد لها للاستمرار في السياسات السابقة التي أدت الى انهيار البلد وتقويض مؤسساته وانحلالها ولا تحدث اي تغيير في كل مقارباتها انطلاقا من ان الصوت التغييري يبقى غير مسموع قياسا الى كيفية توظيف نسب الاقتراع . ففي انتخابات ٢٠٠٩ وحين لم يحظ " حزب الله" بالاكثرية التي كان طامحا اليها، وجد انه يحظى كما فسر الامور انذاك بالتصويت الشعبي كما قال . وصوت التغيير سيضيع في حمأة من يطالب بتثبيت الامر الواقع باعتبار ان الديموقراطية " الشعبية " ايا تكن ستنتصر . وغدا حين يبرز المسؤولون نجاحا دعائيا في ادارة الانتخابات ويهنئون انفسهم كما فعلوا بالامس على ذلك يحدوهم طموح كبير لان تنسحب هذه التهنئة على البعثات الديبلوماسية الاجنبية في لبنان التي دفعت ماديا وعملانيا من اجل اجراء الانتخابات في موعدها، يخشى ان يعتبر اهل السلطة ذلك جوازا للاستمرار في توظيف نجاحاتهم وفق ما دأبوا على ذلك بعيدا من رؤية التغيير الذي عبر عنه المغتربون ايا تكن النسبة التي يشكلونها من نسبة الاقتراع ككل . فهم لم يروا ما عنته انتفاضة ١٧ تشرين الاول وحاربوا اللبنانيين وقد اتهموا السفارات بدعمهم ولا يتوقع ان يروا او ان يعترفوا بما يريده اللبنانيون من تغيير. فالثناء او الاشادة الغربية في شكل خاص بالعملية الانتخابية بغض النظر عن النتائج التي تدرك جميع البعثات الديبلوماسية مسبقا طبيعتها وتوزعها بعدما غاصت بدورها في مثالب قانون الانتخاب، سيعتبره اهل السلطة تصديقا غربيا وعربيا على استعادة شرعيتهم الزعاماتية وتثبيتها امام الداخل والخارج مما يخولهم تاليا امتلاك القدرة على التحكم بالوضع وادارته وفق ما يناسب مصالحهم.

هناك مبالغة في تصوير ان التغيير الذي عبر عنه المغتربون يمكن ترجمته فعلا في الوقت الذي يعرف الجميع ايضا النتائج المرتقبة العامة للانتخابات ربما ببعض الفوارق الطفيفة المحتملة وهو منطق ضروري اعتمد من اجل حض اللبنانيين على المشاركة في العملية الانتخابية وكان يجب ان يعتمد ، فيما ان كثرا من هؤلاء تساءلوا اذا كان سيتغير اي شيء فعلا . وشكوك هؤلاء في محلها الى حد كبير لان الامور اكثر تعقيدا من واقع تعبير ديموقراطي لارتباط العملية الانتخابية ككل باعتبارات وعوامل تظلل هذه العملية وفق ما حصل في بعض المحطات من ضغوط على مرشحين او منع لاخرين او بتهديدات مسبقة تشي بان ليست اي نتائج غير مرغوبة للانتخابات سيتم احترامها وفق ما عبر مرارا وتكرارا مسؤولون في " حزب الله " من دون ان يرف جفن للسلطة او اي من اركانها .

وتسري مسبقا احاديث عن المداولات السابقة والمرافقة للانتخابات التي لا توحي بالرغبة في التغيير بعيدا من نتائج الانتخابات. فالكلام مثلا في موضوع الحكومة المقبلة التي يجب ان تتألف ما بعد الانتخابات تفاديا لانهيار يمكن ان يتسارع لا سيما مع التأجيل المرتقب لزيارة البابا فرنسيس التي كانت ستشتري شهرا إضافيا للبنان ، اظهر ان الامور تراوح مكانها . فالمسؤولون يعرفون نتائج الانتخابات واحتمالات تحوير بعضها ليتلاءم ومصالحهم واهدافهم ويعملون منذ الان على استمرار شروطهم حفظا لمصالحهم او تعويضا عن مكاسب لن تحصل او لن تتأمن . وغالبيتهم لم يغادر ابدا المربع الذي يتموضع فيه فيما ان الضغوط الخارجية للذهاب الى تأليف حكومة جديدة يرى البعض انها قد تكون مضيعة للوقت في حين يقترب موعد الانتخابات الرئاسية التي تلح الضرورة ان تحصل الضغوط الخارجية ويتم توفيرها من اجل الذهاب الى انتخاب رئيس جديد قبل نهاية الرئيس الحالي يوحي بالثقة ويحمل معه حكومة جديدة بمواصفات مختلفة . وهذه النقطة قد تكون وهما اخر مماثلا للتغيير المطلوب او المأمول.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار