"حزب الله" إذا فاز "براغماتي"... وما حظوظ التغييريين؟ | أخبار اليوم

"حزب الله" إذا فاز "براغماتي"... وما حظوظ التغييريين؟

| السبت 14 مايو 2022

هل تكرّس الانتخابات الأكثرية الحالية أم تنجح قوى التغيير في خرق المشهد وفرض أجندتها

"النهار"- سابين عويس

غداً سيكون لبنان على موعد مع اليوم الكبير الذي يُفترض، في حال عدم حصول مفاجآت غير سارّة، أن يرسم أفق المرحلة السياسية المقبلة ويحدّد المسار الاقتصادي والمالي الذي ستسلكه الأزمة، انطلاقاً من البرلمان الذي سينبثق عن الانتخابات والحكومة التي ستولد من رحمها.

في دراسة حديثة لمؤسسة "كونراد أديناور" وضعتها قبل أسابيع من الاستحقاق، بناءً على محاكاة نظمتها بين أحزاب السلطة والمعارضة وقوى التغيير والمجتمع المدني حول آفاق نتائج الانتخابات وتداعياتها انطلاقاً من سيناريوات ثلاثة، يقوم الأول على فرضية فوز أحزاب السلطة بالأكثرية ويعتمد الثاني على فرضية فوز المعارضة وقوى التغيير، تاركة الفرضية الثالثة فيما لو لم تحصل الانتخابات، بدت نتائج المناقشات مفاجئة ومخيّبة في آن واحد. ففيما بدت قوى التغيير مشتتة في أفكارها وبرامجها، عاجزة عن التلاقي حول قواسم مشتركة في ما بينها، على مسافة أسابيع من الاستحقاق، بدت أحزاب السلطة أكثر تماسكاً ووضوحاً وربما واقعية في قراءة النتائج المرتقبة.

كان النقاش تحت سقف السؤال الأهم: هل تكرّس الانتخابات الأكثرية الحالية أم تنجح قوى التغيير في خرق المشهد وفرض أجندتها، معوّلة على تغيير في مزاج الناخبين وعلى شعارات إصلاحية منبثقة من رحم الانتفاضة والجحيم الاقتصادي والمالي والاجتماعي، أم تؤول الأمور إلى خيار التأجيل الأسهل على السلطة والأخطر على البلاد لأنه سيدخلها في سلسلة خطيرة من استحقاقات الفراغ الدستوري، بدءاً من الفراغ في المؤسسة الدستورية الأم إن لم يمدّد مجلس النواب لنفسه، وصولاً إلى الفراغ في سدّة الرئاسة ما قد يفرض الذهاب إلى "مؤتمر تأسيسي" لإعادة تكوين النظام، كما في المؤسسة التنفيذية المتمثلة بالحكومة التي ستتحول إلى تصريف الأعمال حكماً؟

لم يبدُ سيناريو فوز الأحزاب المعارضة اليوم الى جانب المجموعات المنبثقة عن انتفاضة 2019 واقعياً للمشاركين في الجلسة، رغم اقتناعهم بأهمّية وضرورة حصول الانتخابات كممرّ إلزامي نحو تكوين السلطة والممارسة السليمة للنظام الديموقراطي. قال ذلك صراحة حزب "القوات اللبنانية"، بإشارته الى تعويله على الانتخابات، ولكن من دون إغفال أن من السذاجة الاعتقاد بأنها ستأتي بحلول جذرية لمشاكل البلد، وإن كانت محطة للوصول الى بناء دولة وطنية حديثة ذات سيادة، تملك قرارها السياسي في الشؤون الداخلية والخارجية. وهذا كان رأي معظم الأحزاب والقوى التي رأت أن فوز القوى السيادية والإصلاحية ستكون له تداعيات إيجابية رغم اعتقاد كثيرين بأن وجود "حزب الله" في المجلس لن يسمح بالقيام بأي عمل مجدٍ لأنه سيصادر القرار.

في رأي حزب الكتائب، إن الانتخابات لن تفرز طرفين بل ثلاثة: القوى التغييرية التي لا تنظر الى الدولة من منظار المحاصصة، ومجموعة 14 آذار سابقاً، وهي جزء من المنظومة، والسلطة الحالية. وعلى القوى التغييرية أن تفرض خياراتها. فالاستحقاقات بعد الانتخابات مهمة جداً، أولها تشكيل حكومة وبيانها لجهة رسم علاقات لبنان الخارجية والموقف من سلاح الحزب إلى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. واقع الأمر يقول إن الحزب لن يقبل بالمؤسسات وعلينا أن نكون جاهزين له لأن ردة فعله في سيناريو كهذا ستكون شديدة، بدءاً من تعطيل المؤسسات الدستورية، كعرقلة تأليف الحكومة إلى إغلاق البرلمان وصولاً إلى تعكير الأمن. والسؤال المطروح على السياديين حول قدرتهم على إكمال المواجهة وعدم الانزلاق إلى تسويات تعيد الأمور إلى ما هي عليه اليوم.

أما تيّار "المستقبل" فيرى أن إدارة البلد قائمة على كذبتين: القناعة بتساوي الفرص بين الجميع، والقدرة على تغيير المنظومة الحاكمة، متسائلاً ما هي الأحزاب التغييرية وهي عاجزة عن خوض الانتخابات كجبهة واحدة ليكون لهذا السيناريو أمل بأن يتحقق؟

بالنسبة الى الحزب، الأمور واضحة والتغييريون لن يحصلوا على الأكثرية، وإذا حصل فتعامله مع الأكثرية الجديدة يدفعه الى طرح خمسة تحدّيات أمامها تتمثل في المشروع المشترك لإدارة البلد وفي الإصلاح وتحديد طبيعة العلاقات الإقليمية والدولية في ظل التفاهمات الخارجية المحتملة. يعي الحزب أنه لا يستطيع الاستمرار في إدارة البلاد كما كان يفعل قبل الانتفاضة، وعليه أن يعمد ببراغماتيته المعهودة إلى مدّ يده إلى الآخرين المضطرّين إلى التعامل مع الأطراف الأخرى التي شملوها خلال احتجاجاتهم وسيفقدون مصداقيتهم إذا تعاملوا معها، ولن يكونوا فعّالين إن لم يتعاونوا معها.

يدرك الحزب أن الأمور صعبة لكنها ليست مستعصية، وعليه أن يعيد مراجعة وضعه في البلد مع إعادة تموضعه الإقليمي. وعليه العودة إلى لبنان. السيد حسن نصرالله لديه شأن لدى الإيرانيين، لكن إيران دولة كبرى والسيد لا يقرّر سياستها. وعلى هذا، تردّ "القوات اللبنانية" بالقول إنها لن تدخل في تسويات في موضوع الانتخابات، وأيّ تسوية داخلية تستوجب عودة الحزب الى لبنان من دون سلاح تحت مظلة الدولة. وأياً كان الفائز، فليحكم.

موقف ممثل إيران مؤشر على ما سوف يحدث في حال فوز المعارضة: لن يسمح لها الحزب بأن تحكم وسيخرج من جعبته الذرائع كافة وسيؤدي ذلك حتماً إلى استمرار الوضع الراهن والشلل والتعطيل. وكان الموقف الأوروبي والأميركي براغماتياً. ما يهمّهما هو الحفاظ على حدّ أدنى من استقرار البلاد وليس لدى أيّ منهما وهم بأن نجاح المعارضة سيحدث تغييراً جوهرياً في البلاد. فالحزب سيبقى قوة فاعلة حتى مع فوز المعارضة، وستبقى الدول الغربية حذرة في تعاملها مع لبنان خصوصاً لجهة إمداده بالمساعدات المطلوبة للخروج من أزمته الاقتصادية والمالية. أما تشكيلات 17 تشرين فرأت أنه إذا فاز الحزب وحلفاؤه، فالمطلوب ترك هذه الأكثرية تحكم وحدها وعدم إعطائها أيّ تغطية عبر الدخول في تسويات وحكومات وحدة وطنية. كما توافقت على أن فوز السلطة الحالية سيبقي على الوضع الراهن إن لم يزدد سوءاً، بسبب انعدام الرؤية الاقتصادية والاجتماعية لديها، تعاطيها مع السياسة الخارجية وعلاقات لبنان مع مختلف الدول انطلاقاً من أجندة إيران لا انطلاقاً من مصلحة البلاد العليا، وعدم إيمانها بسيادة القانون.

واعتبر البعض أن فوز الحزب وحلفائه سيدخل لبنان أكثر في فلك دول الممانعة وستكون تداعيات ذلك على لبنان خطيرة، ولا سيما لجهة علاقاته مع الدول العربية ومع الدول الغربية. كما تخوّف البعض من أن تنقضّ السلطة الجديدة على المعارضة لإنهاء دورها، فيما اعتبر البعض الآخر أنه ستكون أمام القوى التغييرية الجديدة فرصة لمأسسة وجودها وتنظيم نفسها أكثر.

في الخلاصة، اقتناع بأن الانتخابات محطة، ومهما كان من يفوز فيها، فالتغيير لن يحدث في ظلّ النظام القائم لأنّ هذا النظام عقيم ولبنان بحاجة إلى نظام جديد!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار