16 أيار 2022: رياح التغيير هبّت و"الثنائي" المهزوم الأكبر | أخبار اليوم

16 أيار 2022: رياح التغيير هبّت و"الثنائي" المهزوم الأكبر

| الثلاثاء 17 مايو 2022

 "النهار"- أحمد عياش

عندما تعلن وزارة الداخلية الأرقام النهائية للفائزين في السباق الانتخابي الى البرلمان الجديد، ستكون هناك صورة كاملة لأمّ المؤسسات في لبنان التي ستقود البلاد في المراحل المصيرية على مدى السنوات الاربع المقبلة. وإذا كان من خلاصة للانتخابات النيابية 2022، فهي أن رياح التغيير قد عصفت بلبنان من شماله الى جنوبه ومن ساحله الى بقاعه. أما ثنائي "حزب الله" وحركة "أمل" الذي قاتل بضراوة، كي لا يتسلل التغيير الى حظيرة الـ27 نائباً المخصصة للطائفة الشيعية، فهو المهزوم الأكبر كما ستثبت المرحلة المقبلة.

بداية، لا بد من التوقف أمام حصيلة رياح التغيير التي دفعت "القوات اللبنانية" الى المرتبة الأولى على مستوى التمثيل المسيحي، الذي هو في جوهره تمثيل وطني بامتياز يرفع العلم اللبناني لا الصليب. وتضاف الى هذا الانتصار، عودة مظفرة لكثرة من النواب الذين استقالوا بعد انفجار مرفا بيروت وغيرهم. في الوقت نفسه، ستكون هناك فرصة لمراجعة التحالفات التي جرى نسجها، لاسيما في البقاع الشمالي، والتي لم تؤدِّ الغرض المرجو منها. في المقابل، هناك سقوط "ورقة التوت" المدوّية التي وفّرها "التيار الوطني الحر" منذ "تفاهم مار مخايل" عام 2006 ولغاية اليوم، ولن تكون لهذا "التفاهم" قيامة بعد اليوم.

على صعيد متصل، فإن ركن "التفاهم" من جانب "حزب الله"، الأمين العام السيد حسن نصرالله، عبّر مبكرا عن خسارته للغطاء المسيحي الوحيد، في ثلاث إطلالات إعلامية متتالية في الأسبوع الأخير للانتخابات، من خلال اللجوء الى تعابير غير مسبوقة في الادبيات السياسية عموما، وفي مفردات مَن يطرح نفسه بالزيّ الديني، أنه منتمٍ لعالم روحي. ويقول مصدر ديني شيعي معارض بارز لـ"النهار"، ان ما تلفّظ به نصرالله في إطلالاته الأخيرة من كلمات، مثل "فشروا" و"أجدب" وسواهما، أنزلت مطلقها من مرتبة الرزانة الى مرتبة أقل ما يقال فيها الغوغائية. ويضيف المصدر: "لقد بدا نصرالله وكأنه يطلق الرصاصة الأخيرة من جعبته في معركة البقاء على مسرح النفوذ في لبنان". ولفت في هذا الاطار، الى "سخاء" لا حدود له مارسه الحزب، في الأيام الأخيرة، في توزيع "جزرة" قسائم البنزين والمساعدات الاجتماعية، في موازاة "هراوة" ترهيب الخصوم على امتداد لبنان. وكم بدا مفارقاً ان يكون "حزب الله"، أحد فروع الحرس الثوري الإيراني، يظهر هذا الكمّ من وفرة الإمكانات، في وقت كانت الانباء الواردة من ايران تنقل مشاهد ثورة الجياع في عشرات الأقاليم مثل أردبيل وخوزستان ولورستان وخراسان الرضوية!

أما الطرف الآخر في "الثنائي"، حركة "أمل"، فكانت في فترة توتر وقلق على اعلى المستويات، خشية ان يفلت أحد المقاعد الشيعية الـ27 من قبضة "الثنائي"، كي لا يشكل نافذة للاعتراض على ترشيح الرئيس نبيه بري مجددا لرئاسة المجلس المستمرة منذ العام 1992، في زمن الوصاية السورية، واليوم في زمن الهيمنة الإيرانية.

وما يخلص اليه المصدر الشيعي المشار اليه، هو ان "حزب الله" وحركة "أمل" المعاندَين بكل قوة لأي تغيير على المستوى الشيعي، هما على مقربة من مواجهة مصير مماثل لحقبات في تاريخ الطائفة، عندما كان النافذون يرفضون أي تغيير "فكانت النتيجة هي الهزيمة الكاملة مقابل التمسك بالنصر الكامل".

ماذا عن الطائفة السنيّة؟ اول الدروس المستفادة من الانتخابات، ان هناك واقعا يقول البعض عنه، وهو على شيء من الصحة، ان الطامحين لملء فراغ الزعامة السنيّة التي شغرت بانسحاب الزعيم الأبرز الرئيس سعد الحريري، قد مُنوا بخسارة في توقعاتهم. لكن هذا لا يمكن ان يحجب بروز زعامة ولو في الشمال، تمثلت بانتصار اللواء أشرف ريفي الذي مثّل، ولا يزال، رأس حربة في مواجهة "حزب الله"، طارحاً خطاً بديلاً مما اعتمده تيار "المستقبل" في سياسة ربط النزاع مع "حزب الله". وفي الوقت نفسه، لا بد من قراءة ما انتهت اليه محاولة الرئيس فؤاد السنيورة الذي تزعّم تيار المشاركة في الانتخابات النيابية في كل لبنان تقريبا، ولكن حتى إعداد هذا المقال، لم تظهر نتائج لهذه المحاولة ترقى الى مستوى النتائج الباهرة. وفي كل حال، لا بد من القول ان أربع سنوات ستمرّ، لن يكون هناك فيها حضور للحريرية السياسية التي بدأت منذ العام 1996، عندما دخل الرئيس رفيق الحريري المعترك النيابي. ومنذ ذلك التاريخ ولغاية السنة الحالية، كان الحريري إسما بارزا في البرلمان، علما ان كل مرة يُذكر فيها اسم الرئيس الشهيد تنفتح القلوب وتهتف الحناجر.

يلتقي كثيرون على القول ان أهم ما في الانتخابات الاحد الماضي، انها عكست إرادة التغيير عند اللبنانيين الذين برهنوا في بلاد الاغتراب وفي الوطن، ان لا شيء يقف في وجه إرادة الحياة عندهم حتى في احلك الظروف التي يمرون بها. إنها إرادة التغيير التي ستظهر تباعاً في لبنان.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار