"حزب الله" في مرحلة استيعاب نتائج الانتخابات | أخبار اليوم

"حزب الله" في مرحلة استيعاب نتائج الانتخابات

| الإثنين 23 مايو 2022

القيادة لن تلبث أن تستردّ اتّزانها وتتمالك نفسها بعد أيّ صدمة تتلقاها


"النهار"- ابراهيم بيرم

بعد الساعات الأولى من بدء ظهور نتائج الفرز في صناديق الاقتراع شرعت الهيئة القيادية المكلفة بملفّ الانتخابات في "حزب الله" في قرءاة هادئة للمعطيات والأرقام بهدف بلوغ غايتين:

الأولى تقييم عاجل للنتائج في أي من الأماكن نجحت توقعاته واستشرافاته وفي أيّ منها أخفقت وطاشت.

الثانية الانطلاق في عملية سعي حثيث بغية وضع خريطة طريق لاستيعاب مرحلة ما بعد صدور أرقام فرز الأقلام واتضاح الأحجام وانكشاف الأوزان.
وفي الغاية الأولى وُضع أمام تلك الهيئة استنتاج عاجل وأولي ملخصه أن النتائج الأولية عموماً حاكت الى حدّ بعيد جوهر الاحتمال الثالث والأخير الذي وضعه الحزب لحظة قرّر المضيّ في خوض غمار الاستحقاق الانتخابي برجاء الحصول على أكثرية مريحة.

وبناءً على ذلك ما لبث الحزب أن دخل في ورشة تشريح وتقييم للأرقام وعناصر المفاجأة بغية تحديد مكامن الخطأ بنية تلافيها لاحقاً. ومن البديهي أنه في نهاية رحلة التقييم التي صُنعت على عجل، وُضعت على طاولة المعنيّين في الحزب خلاصة فحواها أن النتائج تحاكي الاحتمال الأسوأ وهو الحصول على نحو 64 مقعداً في البرلمان الجديد فيما الاحتمال الأفضل كان يتوقع الحصول على أكثرية تراوح بين سبعين الى 72 نائباً حداً أقصى، أما الاحتمال الوسطي فهو الحصول على أكثرية الـ68 مقعداً.

وفي كل الأحوال، فإن تقييم الحزب لما بعد الظهور الأولي للنتائج أورد الأخطاء التي ارتكبها المكلفون بملفّ الانتخابات في قيادة الحزب وحال الوهن والاسترخاء عند بعض الحلفاء وتأثيرات الصراع المستمر منذ أكثر من 6 أعوام بين قوتين أساسيتين في المحور نفسه، ويقابل ذلك بطبيعة الحال تأثيرات عصف الهجمة الخارجية والداخلية على الحزب وحلفائه.

وفي انتظار التقويم النهائي استقر التقويم الاولي للحزب على المعادلة الآتية: لم نحقق ما وضعناه نصب أعيننا بالتمام والكمال، ولكن الآخرين لم يبلغوا كل ما أضمروه وخططوا له من توقعات. ولذا يرفض الحزب اعتبار نتيجة الانتخابات تعادلية وفق ما يروّج الفريق الخصم.

بالنسبة للحزب، الانتخابات الأخيرة كانت جولة من جولات المواجهة ومحطة من محطات الاختبار والتحدّي التي يضع الحزب في كل حساباته أنه مضطر لأن يخوض غمارها ما دام قرر البقاء على موقفه والصمود على نهجه منذ النشأة والتكوين في مطلع الثمانينيات الى اليوم، بعدما صار قوّة أساساً يختصم الناس جراءها ويختلفون.

وبناءً على هذا التقييم الأولي ولج الحزب على الفور الى المرحلة الثانية والأهم وهي مرحلة استيعاب ما ارتسم على أرض الواقع وامتصاص هجمة الآخرين.
في جولة انتخابات عام 2009 التي انتهت كما هو معلوم بفوز مبين لفريق 14 آذار الذي كان يومها لا يزال حاضراً ومتماسكاً وقويّاً، حيث حصد يومها 71 مقعداً إضافة الى مكسب آخر لا يستهان به وهو أن ثمّة مناطق بأكملها أوصدت أبوابها أمام مرشحي 8 آذار مثل الشمال كله ما عدا دائرة زغرتا، إضافة الى بيروت (ما خلا مقعداً شيعياً واحداً تُرك شاغراً ليشغله مرشح حركة أمل) وصيدا والبقاع الغربي – راشيا والشوف مروراً بزحلة والبقاع الأوسط. في ذلك الحين انطلقت حملة من جانب الفريق الآذاري تحاكي الى حدّ بعيد الحملة الأخيرة، وأسهب المشاركون فيها في شرح تراجع الحزب وشعبيته وتساقط أركان محوره من غير الشيعة. وقد بُنيت على هذا الاستنتاج توقعات سياسية مستقبلية.

حينها بدا الحزب مصدوماً بالنتائج إذ سُجّل أنه توارى عن الأنظار لأيام عدّة ليظهر بعد نحو خمسة أيام أحد نواب الحزب حسن فضل الله ويقرّ بأن ثمة خسارة لحقت بالمحور لكنه أومأ يومها بأن الخسارة حلت بحسابات حليفه التيار الوطني الحر الذي خسر كل مرشحيه في دائرتي زحلة والبقاع الغربي.
على أن سلوك الحزب وأداءه كانا مختلفين هذه المرة، فما إن ظهرت النتائج حتى انبرى الحزب ليخرج الى المواجهة متعمّداً إظهار ثقة زائدة بالنفس لكي لا يترك للآخرين فرصة أخذه على حين غرّة. وكان خروجه من خلال محطتين:

الأولى تبدّت في النبطية عندما خرج رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد ليطلق كلاماً ما تزال أصداؤه تتردّد حتى اليوم. خصوم الحزب عدّوه كلاماً "حربجياً" لكونه ينطوي على تهديد صريح، فيما اعتبره الحزب جرعة تذكيرية بقوته ودعوة موجّهة الى أصحاب الرؤوس الحامية الذين أخذتهم الغاشية لكي يبرّدوها ويعودوا الى جادة الصواب والتعقل للبحث عن حلول للأزمات العاصفة بالوطن وما أكثرها.

الثانية تتمثل بإبراز الأرقام العالية من الأصوات التي حصل عليها مرشحو الحزب في كل الدوائر والتي فاقت الجولة الفائتة (369 ألف صوت) مضافاً إليها الأصوات التي نالها الحلفاء والتي قاربت نصف مليون صوت.

والمعلوم أن الحزب بذل الكثير من الجهود والإمكانيات المادية لكي يثبت للداخل والخارج أن شعبيته لم يصبها أيّ انخفاض وأن بيئته ما انفكّت حاضنة له، من أجل دحض كل حملات الخصوم التي ركزت على وجود أزمة علاقة بين الحزب وجمهوره.

وهكذا يعتبر الحزب أنه نجح في تبديد القلق عند قاعدته العريضة واستطراداً عند حلفائه خصوصاً عندما ألقى الأضواء الساطعة على ما حققه حليفه في الشارع المسيحي التيار الوطني الحر من مقاعد في شارعه على رغم الحملات التي شُنّت عليه طوال العامين الماضيين وكادت تقنع الجميع بأنه ساقط سلفاً من كل حساب.

ولم يكن هذا الأمر إلا بفعل جهود بذلها الحزب لتأمين رفد مرشحي التيار حيث أمكن انطلاقاً من حسابات فحواها أن عدم انهيار الحليف المسيحي هو إحدى إبر خيوط شبكات الأمان له.

وثمة أمر أساسي ما زال الحزب يركز عليه في خطابه وهو أن الكتلة النيابية التي حصل عليها مع حلفائه تتميّز بأنها متماسكة ومتجانسة، فيما الآخرون عبارة عن ثلاث كتل يصعب جمعها تحت مظلة سياسية واحدة وخصوصاً أولئك الذين يدرجون في خانة "التغييريين".

ولقد بات جلياً أن كل هذا الجهد الذي بذله الحزب كان ضرورياً برأيه لتوجيه رسالة الى قسم من الداخل فحواها أن "اعقلوا" وإلى الخارج أن "لا تطوشوا".
أما الخطوة الأهم للاستيعاب فقد تمثلت في الإطلالات الثلاث للسيد حسن نصرالله في الأيام التي سبقت الانتخابات وأعقبتها والثالثة المقرّرة في ذكرى يوم التحرير (في 25 الجاري). وكعادته ظهر نصرالله كما في المحطات المفصلية والصعبة نقاط "النجاح" كما يراها لتبديد علائم الإخفاق والإحباط عند قاعدته متكئاً على مسلّمة أن هذه القاعدة مسيّسة وحاملة لقضيّة وصار عندها ثقة بقيادة الحزب ولدى القيادة عينها بأن هذه القيادة لن تلبث أن تستردّ اتّزانها وتتمالك نفسها بعد أيّ صدمة تتلقاها.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار