أية أولويات بعد خارطة طريق نصرالله؟ | أخبار اليوم

أية أولويات بعد خارطة طريق نصرالله؟

| الجمعة 27 مايو 2022

"النهار"- سابين عويس

لم يكن رهان المتفائلين بأن تحمل نتائج الانتخابات النيابية تغييراً على مستوى اعادة تكوين السلطة نتيجة دخول وجوه جديدة، او تبدل الاكثرية، في محله. ذلك انه ما كادت الانتخابات تطوي صفحتها حتى عادت الأمور في البلاد الى مربع ما قبل ١٥ أيار، ما لم نقل أسوأ، وإنما مع دخول عامل اليقظة غداة حالة تخدير خضع لها اللبنانيون في الأسابيع القليلة السابقة للاستحقاق، ساهمت فيها الحكومة بالتعاون مع السلطة النقدية، من خلال تهدئة سوق القطع، وترحيل تفجر الأزمات الى ما بعد الخامس عشر من أيار، وتحديداً الى تاريخ تحول السلطة التنفيذية الى تصريف الاعمال.

فبدلاً ان تكون الأيام التي تلت صدور النتائج محطة لإطلاق مسار المرحلة المقبلة، وهي حافلة بالاستحقاقات، بدت تلك الأيام ساحة لعمليات حسابية للربح والخسارة وللأحجام التي ستدخل بها الأحزاب الى البرلمان، في سعي الى تحسين شروط التفاوض في مسار الدخول الى جنة السلطة.

وفي الوقت الذي انشغلت فيه الكتل المسيحية خصوصا والتغييرية في هذه العملية، كانت البلاد تسارع الخطى نحو استكمال المنحى الانهياري لأوضاعها على مختلف المستويات، بحيث تفجرت كلها دفعة واحدة على وقع قفزات غير مسبوقة للدولار الأميركي مقابل الليرة انعكس انهيارات على كافة القطاعات.

وخلافاً للتوقعات، لم تنعكس الانتخابات إيجاباً على مشاعر المتعاملين، ولم تستعد نتائجها التي حملت اكثرية جديدة ووجوهاً تغييرية صوٓت لها المقترعون رفضاً لسلطة فاسدة، لم تستعد ثقة مفقودة بالدولة والحكم والمؤسسات. بل جاءت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى التحرير لتجدد التذكير بأن ميزان القوى لم يتغير، متجاوزاً صناديق الاقتراع، وليحذر الداعين الى نزع سلاحه، بأن المنطقة مقبلة على انفجار كبير لن يسلم لبنان منه. اما الدولة بمفهومها المؤسساتي، فقد نعاها عندما قال " خللي يبقى في دولة وبلد حتى تطالبنا بنزع سلاحنا".

كلام خطير نطق به سيد الحزب، راسماً خارطة طريق للمرحلة المقبلة وسط استحقاقات حساسة ودقيقة لا يمكن اغفال محاذيرها على الدولة، ما استدعى السؤال عن ترتيب الاولويات لهذه المرحلة، وهل ستكون ضمن ما تفرضه الاستحقاقات الدستورية او ما يمليه وضع متفجر داخلياً على وقع تحذيرات من وضع إقليمي ضبابي، كما رسمه نصر الله، معيداً الى الذاكرة محطة عدوان تموز؟

تفرض الاولويات بحسب ترتيبها الدستوري ان تنطلق من المرحلة الاولى الرامية الى تشكيل هيئة مكتب المجلس النيابي، وقد اطلق الرئيس نبيه بري مسارها أمس عندما دعا، بصفته رئيساً للسن الى جلسة تعقد الثلثاء المقبل. وهذا يشي بأن التفاهم على هذه الهيئة رئاسة ونيابة رئاسة وأعضاء قد تم، مع تردد معلومات عن توجه الى تسمية النائب الياس بؤ صعب لنيابة الرئاسة، علماً ان هذا الامر لم يحسم في شكل نهائي.

وإتمام المطبخ التشريعي سيتيح الانتقال الى المرحلة الدستورية الثانية المتمثّلة بالدعوة الى استشارات نيابية ملزمة من اجل تكليف رئيس للحكومة. وتتردد معلومات في هذا السياق ان الاتصالات تجري في اتجاه تعويم حكومة ميقاتي بعد اضفاء بعض التحديثات او التعديلات عليها، على أساس ان عمر هذه الحكومة سيكون قصيراً جداً مع قرب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ما يترك قيام حكومة منبثقة عن نتائج الانتخابات الى ما بعد الاستحقاق الرئاسي.
دون هذا التوجه عائقان يمكنان في كتلتين سيصعب ارضاؤهما: القوات اللبنانية والكتلة التغييرية، ذلك انه حتى الساعة، لا تبدو الكتلتان في وارد التعامل مع حكومة تقطيع وقت، علماً ان هكذا خيار يقابله تخوف لدى بعض الافرقاء من ان يعجز المجلس النيابي عن انتخاب رئيس جديد بحيث تصبح الحكومة طويلة العمر وبصلاحيات رئاسية!

عند هذا الحد يطرح تشكيل الحكومة اكثر من تحدٍ: من هو رئيسها، وما هو شكلها وما بيانها الوزاري، وما هي رؤيتها للتعامل مع الانفجار الاقتصادي والنقدي والاجتماعي، وربما الأمني اذا صحت تحذيرات نصر الله. والسؤال الاهم، هل تملك القوى المؤثرة في القرار ترف الوقت للاتفاق على كل هذه التحديات في ظل قنبلة اجتماعية نقدية موقوتة على ساعة الاستحقاقات الاقتصادية والنقدية المشتعلة؟

في الموازاة، تبرز التحديات امام السلطة التشريعية المقبلة على ورشة درس واقرار رزمة كبيرة من المشاريع والاصلاحات تبدأ من مشروع موازنة ٢٠٢٢ ولا تنتهي بخطة التعافي ومشروع الكابيتول كونترول والاتفاق النهائي مع صندوق النقد. وكل هذا غير قابل للنقاش اذا لم تَر حكومة جديدة النور. تحظى بثقة البرلمان؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار