إسرائيل تُلاعِب لبنان فوق «الخطوط الملغومة» | أخبار اليوم

إسرائيل تُلاعِب لبنان فوق «الخطوط الملغومة»

| الأحد 05 يونيو 2022

تل أبيب باغتتْها بسفينة الإنتاج في كاريش... وبيروت حذّرت من تداعيات «العمل العدائي»

في الوقت الذي كانت أنظار اللبنانيين مشدودة إلى استحقاق انتخابات اللجان النيابية في برلمان 2022 (غداً)، وبدء الكلام عن تكليف رئيس جديد للحكومة، أطل ملف التنقيب عن النفط من الباب الإسرائيلي ليشغل «بلاد الأرز» والوسط السياسي، بعدما وصلت سفينة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه ENERGEAN POWER إلى حقل كاريش، وقطعت الخط 29 وأصبحت على مقربة من الخط 23.

وهذا فتح باب الاحتمالات الخطرة ولا سيما بعد موقف «حزب الله» الذي سبق أن توعّد السفينة ولو «بطائرة مسيَّرة تحلق فوقها» وإعلان رئيس الجمهورية ميشال عون بعد تشاوره مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن المفاوضات مستمرة حول الترسيم (بوساطة أميركية) وأن أي عمل في المنطقة المتنازع عليها «يشكل استفزازاً وعملاً عدائياً».

في الجلسة الأخيرة للحكومة قبل أن تدخل مرحلة تصريف الأعمال، وافق مجلس الوزراء على التمديد الثاني لشركة «توتال» بعد التمديد الأول الذي نتج بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد.

وبناء على اقتراح وزير الطاقة وليد فياض، أقرت الحكومة تمديد مهلة تنفيذ عقد الاستكشاف لمدة ثلاثة أعوام في البلوك الرقم 9، لتنتهي في 21 مايو 2025، ولمدة عام واحد في البلوك الرقم 4 لتنتهي في 22 أكتوبر 2023.

عندما أُقرّ الاقتراح، كانت الأنظار منصبّة على الخلفية السياسية له، نتيجة الموقف الفرنسي ومحاولة الحكومة إرضاء باريس بالقبول بالتمديد، رغم أن «توتال»، سبق أن أوقفت الحفر في البلوك 4 بعدما سرت أخبار عن خلوه من الغاز، ومن ثم طلبت تأجيل الحفر في البلوك 9 متذرعة بقرار بيروت تمديد كل العقود بسبب «كورونا».

لكن علامات استفهام رسمت حول التأجيل المتكرر خصوصاً أنه تزامن مع بدء مفاوضات الموفد الأميركي آموس هوكشتاين (قبل نحو 4 أشهر)، والسجال الداخلي حول الخط 29، الذي وافقت عليه السلطات اللبنانية بعد تحديده من الجيش ومن ثم تراجعت عنه لتتمسك بالخط 23 كحدود لمنطقتها الاقتصادية الخالصة.

في هذا الوقت، كانت إسرائيل تُعدّ العدّة للحفر في حقل كاريش وهو موجود في المنطقة المتنازع عليها بحرياً. وفي مارس الماضي، حذر رئيس الوفد العسكري المفاوض سابقا بسام ياسين، من أن سفينة الحفر «Stena IceMAX»، والتي تعمل لصالح شركة «هاليبرتون» التي تعاقدت معها شركة «انرجين» اليونانية وصلت إلى الحقل المتنازع عليه وستبدأ بحفر أول بئر من أصل 3 إلى 5 آبار تم الاتفاق عليها بين الشركتين لتطوير حقل كاريش من الجهة الشمالية ولاستكمال عمليات الاستكشاف عن النفط والغاز في المنطقة الحدودية الواعدة بالموارد البترولية.

ولاحقاً، حذّر الجيش مراراً من أن سفينة السحب (التي وصلت فعلياً أمس) ستصل إلى الحقل المذكور لسحب الغاز من الآبار التي حفرتها السفينة المذكورة سابقاً.

لكن عملياً فإن الخلاف السياسي المستحكم بين وجهات نظر متعددة حول مقاربة ملف النفط ساهم في عدم التعامل معه بجدية، وسط آراء متضاربة حوله.

فلبنان كان ينتظر رسمياً جواب هوكشتاين على الردّ اللبناني حول الخط النهائي الذي سيعتمده لبنان، وسط كلام عن عودته قريباً إلى بيروت، فيما الأميركيون تحدثوا عن صورة مُعاكِسة لجهة أنهم ينتظرون جواب لبنان الرسمي على مقترحات موفدهم. علماً أن بعض المداولات الجديدة تحدثت عن أن بيروت ورغم عدم تمسكها بنهائية الخط 29 إلا أنها لا تزال تعتبر المنطقة الواقعة بينه وبين الخط 23 متنازَعاً عليها، ما يعني أن تل أبيب لا يحق لها الحفر والتصرف بالغاز فيها.

وتشير المعلومات إلى أن السفينة اليونانية الآتية من سنغافورة وصلت إلى قرب الخط 29 لكن لم يكن بعد في الإمكان التحقق مما اذا كانت وصلت الى المنطقة الجنوبية اي الجزء «الاسرائيلي» من حقل كاريش أو المنطقة الشمالية أي اللبنانية، علماً أنه في الحالتين فإن حقل كاريش واقع في منطقة متنازع عليها ولا يمكن للبنان السماح باستخراج الغاز منها.

وبحسب معلومات لـ«الراي» من عاملين على خط التفاوض، فإن التحذيرات الأخيرة من قرب وصول سفينة السحب، لم تؤخذ بجدية من جانب السلطات السياسية، لا بل إن تعدُّد الآراء بين الرئاسة الأولى وموفدها إلى ملف الترسيم، أي النائب إلياس بوصعب الذي أصبح نائباً لرئيس مجلس النواب، وبين وجهة نظر الرئيس نبيه بري ومواقف رئيس الوفد العسكري التقني بعدما أُبعد الجيش عن ملف التفاوض، جعل من المتعذّر الركون إلى موقف واضح ونهائي.

علماً أن التحذيرات الأخيرة التي أطلقها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، حول بدء إسرائيل باستخراج الغاز قبل لبنان، تثير مخاوف جدية بعد وصول السفينة اليونانية، من أن تشعل القضية حرباً عسكرية واسعة.

وتشير معلومات المعنيين إلى إن التمديد لـ«توتال» في هذه المرحلة لم يُفهم في الوسط السياسي سوى أنه استجابة لضغوط فرنسية وأميركية بالتريث في الحفر ريثما تُحل مشكلة ترسيم الحدود، وفق مقترحات هوكشتاين.

إذ لا تبريرات علمية يمكن أن تتذرع بها الشركة لعدم بدء أعمالها ولا مبررات للحكومة في التمديد لها ثلاث سنوات في البلوك 9.

وقد اعتُبر هذا التمديد مراضاة للفرنسيين والأميركيين في انتظار عودة هوكشتاين والانتهاء من الترسيم.

لكن التطورات الأخيرة خلطت كل الأوراق، وصار لبنان أمام احتمالات خطرة ودقيقة، في ضوء طلب عون من الجيش تزويده المعطيات اللازمة حولها، كما إن «حزب الله» رفع جهوزيته، تحسباً لأي تطورات.

وسيكون لبنان أمام مفترق خطر في كيفية التعامل مع الملف، وكيف سيكون عليه موقف الدول الفاعلة، كالولايات المتحدة وفرنسا، إزاء أي تطورات إسرائيلية يعتبرها لبنان عملاً عدائياً.
https://www.alraimedia.com/article/1592807/خارجيات/إسرائيل-تلاعب-لبنان-فوق-الخطوط-الملغومة

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار