مصدر: الحرب ستُلحق الضّرر بالجميع ولكن أوروبا ستكون الخاسر الأكبر
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
بمعزل عن النتائج المُحتمَلَة لمرحلة ما بَعْد إقفال ثلاث دول أوروبية مجالها الجوي أمام طائرة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومنعه من زيارة صربيا، إلا أن الرسالة الأميركية - الغربية لروسيا وصلت.
ليس سهلاً
فبموازاة حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أن الجيش الروسي "يطحن" الأسلحة الأميركية والغربية التي تصل الى أوكرانيا كالمكسّرات، والإعلان الروسي شبه المستمرّ عن تأهُّب نووي، وعن مناورات للقوات الروسية النووية، والحديث عن ضرورة خطف وزير دفاع إحدى دول "الناتو" خلال زيارته أوكرانيا، ونقله الى موسكو، و(بموازاة) تسريب خرائط للمدن الأوروبية التي يُمكن لموسكو أن تحوّلها الى "ذاكرة" بسلاحها النووي، في وسائل الإعلام الروسية، ها إن القوّة الروسية الضاربة تعجز عن تأمين الطريق لرأس الديبلوماسية الروسية، لزيارة صربيا، وذلك بعد قيام بلغاريا، ومقدونيا الشمالية، ومونتينيغرو، أي الدول "الأطلسية" الثلاث، بإغلاق مجالها الجوي أمام طائرته. وهو ما يعني أن دول "الناتو" الصّغرى (من حيث التأثير الدولي)، قادرة على شلّ أبسَط التحرّكات الروسية الكبرى، بخطوة بسيطة. وهذا ليس سهلاً.
"العدوّ"
الرسالة قاسية، صحيح، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن التهديدات الروسية للولايات المتحدة الأميركية والغرب تتخطى السلاح، لتصل الى حدّ السّعي لتأسيس هيكل أمني وإيديولوجي دولي جديد.
فنائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي دميتري مدفيديف، تحدّث قبل نحو شهر عن عالم ما بعد العقوبات الغربية على روسيا، مؤكّداً أن تلك العقوبات ستشرّع الأبواب لتشكيل تحالفات دولية جديدة للبلدان، بموجب معايير براغماتية، وليس على أساس المعايير الإيديولوجية الأنغلوساكسونية.
وهذا الكلام ليس اعتيادياً، وهو مُوجَّه للغرب عموماً، وللولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا خصوصاً. كما أنه يزيد من حدّة النّفور الغربي تجاه روسيا، ويُساهم في تصويرها على أنها "العدوّ الأوّل"، بأبعاد سياسية وعسكرية وإيديولوجية.
الأسعار
أشار مصدر واسع الاطلاع الى أن "مَنْع طائرة لافروف من الوصول الى صربيا، هو من ضمن الضّغوط الأميركية المُمارَسَة على روسيا. فهذه المرّة، تتوافق المؤسّسة الأميركية، أي الدولة في الولايات المتحدة الأميركية، مع الرئيس الأميركي (جو بايدن حالياً)، معاً، وليس أحدهما فقط، على ضرورة محاربة روسيا وإذلالها".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "هذه هي المرّة الأولى التي نرى فيها أن الرئيس الأميركي يكون قاسياً الى هذا الحدّ، في التعاطي مع روسيا، بينما يتهاون مع دولة مثل إيران. ولكن هزيمة روسيا صعبة، رغم الحرب الإعلامية والنّفسية الكبيرة. فالغرب يدفع ثمناً باهظاً لحرب أوكرانيا، بالانعكاسات الاقتصادية، وارتفاع الأسعار...".
حرب أعصاب
وشدّد المصدر على أن "فرنسا وإيطاليا تفهمان اللّعبة جيّداً. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يُنادي دائماً بأنه لا يجوز إذلال روسيا. وهو يُدرك تماماً أن كَسْر روسيا سيجعل أوروبا كلّها تخسر، بينما تستفيد الولايات المتّحدة من بَيْع السلاح للدول الأوروبية، ومن زيادة الشّرخ بينها وبين موسكو".
وأضاف:"الأميركيون وحلف "الناتو" يمنعان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من التفاوض مع روسيا. وهذا يزيد الضّغوط الإعلامية والنفسية للحرب العسكرية. هذا الى جانب الحديث الغربي المستمرّ عن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مريض. فمن يعلم الحقيقة في هذا الشأن؟ ومن اطّلع على الفحوص الطبيّة للرئيس الروسي؟ هذا ضغط إضافي، في الوقت الذي تستمرّ فيه روسيا بدورها، في الحديث عن أن الغرب كان يحضّر لحرب بيولوجية، انطلاقاً من أوكرانيا. فهذه هي حرب الأعصاب المُتبادَلَة بين الطرفَيْن".
ألمانيا
وأكد المصدر أن "الاستراتيجيا الروسية في أوكرانيا ليست معلومة تماماً. فلا شيء قادراً على تأكيد أن الروس كانوا يريدون احتلال كييف في شباط الفائت. ولكن الروس عدّلوا خططهم في أي حال، وهي صارت مبنيّة على القضم التدريجي في الشرق الأوكراني، من خارج أي هجوم صاعق وكبير".
وختم:"الحرب ستُلحق الضّرر بالجميع. فالدّعم الغربي لأوكرانيا يجعل المدّة الزمنية للصّراع طويلة. ولكن أوروبا ستكون الخاسر الأكبر. فلو كانت ألمانيا أقرب الى وجهة نظر ماكرون، لكان ذلك ساهم في تبديل المشهد. ولكن برلين "مُتذبذِبَة"، وقيادتها في مرحلة ما بعد (المستشارة السابقة أنجيلا) ميركل، ضعيفة، بما يُطلق العنان لليد الأميركية - البريطانية في إدارة الصّراع".