لبنان يشكو غياب "الأمم المتحدة"..خوفٌ من التصعيد والستاتيكو الرتيب | أخبار اليوم

لبنان يشكو غياب "الأمم المتحدة"..خوفٌ من التصعيد والستاتيكو الرتيب

| الجمعة 10 يونيو 2022

يقدم حزب الله صورة تصعيدية مشابهة لصور حرب تموز

منير الربيع - المدن
ينشغل المتابعون والمراقبون في منطقة الشرق الأوسط بسؤالين اثنين: هل تتجه المنطقة إلى تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل؟ أم أن تصعيد المواقف السياسية والكلامية جراء انسداد المفاوضات النووية، هدفه تشديد الضغوط للوصول إلى تفاهم؟ لا أحد يمتلك جوايًا واضحًا على هذين السؤالين المترابطين أصلًا.

تصعيد ضد إيران
السياق التحليلي للإجابة على أحد السؤالين يبدو منطقيًا: تقرير الهيئة الدولية للطاقة الذرية تصعيدي ضد إيران. تضاف إليه مواقف إسرائيلية ضاغطة على الأميركيين والأوروبيين، ومطالبة بإحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن وتشديد العقوبات الدولية عليها.
عمليًا، تبدو مقومات التصعيد ماثلة وواضحة. لكن غير المتوفر هو الإرادة لدى الطرفين. هذا فيما تتزاحم العوامل والمؤشرات الضاغطة: من المسيّرات على القنصلية الأميركية في أربيل، إلى تصعيد المواقف التفاوضية على ترسيم الحدود البحرية في جنوب لبنان، مرورًا باستمرار العمليات الإسرائيلية في سوريا وفي داخل إيران.

في المقابل يهدد الإيرانيون بتسوية تل أبيب بالأرض. والمواقف الأميركية تتكثف مع مزيد من الضغوط على طهران. وآخرها ما قاله رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، وهو من الحزب الديمقراطي، معتبرًا أن بايدن بمواقفه يضعف حزبه قبل الانتخابات النصفية. وهذه إشارة إلى أن الرجل وحزبه يكثفان الهجوم على إيران، مطالبين الإدارة بإجراءات تصعيدية ضدها.

الستاتيكو الرتيب 
على الضفة الأخرى، ثمة تحضير لترتيب العلاقة السعودية- الأميركية، مع ترقب زيارة الرئيس الأميركي بايدن الرياض الشهر المقبل. هذا إضافة إلى عقد قمة عربية-إسرائيلية، من شأنها زيادة الضغط على إيران. أو ربما قد تستفز طهران وتحملها على تصعيد أكبر.

لكن هناك وجهة نظر أخرى تعتبر أن التصعيد الإيراني والدولي يوصل إلى إعادة إرساء التوزانات. وهناك رغبة لدى الجميع في إبقاء مسار المفاوضات قائمًا، حتى من دون التوصل إلى تفاهم. وذلك حفاظًاعلى ستاتيكو معين، سواء في العراق واليمن، مع تمديد الهدنة في لبنان وسوريا أيضًا.

لكن بدء إسرائيل بعمليات الحفر في حقل كاريش يخرق هذه الرتابة، ويعيد تفعيل المفاوضات وانتظار لبنان عودة آموس هوكشتاين إلى بيروت.

ملف الترسيم داخلي أم إقليمي؟ 
هنا يُطرح سؤال: هل ملف ترسيم الحدود البحرية في لبنان مرتبط بالتطورات الإقليمية، أم أنه ملف داخلي خاضع لحسابات القوى السياسية اللبنانية المتناقضة؟

حتى الآن يبدو التصعيد اللبناني كلاميًا وسياسيًا. لكن هناك من يرى أجواء تصعيدية تشير إلى أن مقومات الحرب تتقدم، على الرغم من عدم رغبة أي من الأطراف بخوضها.

غير أن مواقف رئيس لجنة التفاوض العسكري العميد بسام ياسين، تذهب إلى أقصى الحدود التصعيدية بدعوته إلى استخدام السلاح، أو لتقول المقاومة كلمتها في حال اعتدت إسرائيل على المياه اللبنانية أو على ثروته من الغاز. وإسرائيل تقول إنها تحفر في مناطق تابعة لها وغير متنازع عليها، داعية إلى تسريع التفاوض، ومبدية استعدادها للتصدي لأي هجوم، وحماية عملها عسكريًا.

الحكومة وحزب الله 
تتركز الأنظار في لبنان على طرفين:
أولًا، الحكومة التي تنتظر هوكشتاين، وهو وضع شرطًا أساسيًا لزيارة بيروت، أي تسليمه جوابًا مكتوبًا وموحدًا. وهذا مدار بحث بين الرؤساء اللبنانيين. وقد يُدعى مجلس الوزراء إلى عقد جلسة استثنائية، لتسليم هوكشتاين الجواب الخطّي. وتقول مصادر متابعة إن الجواب ينطوي على رفض مقترح هوكشتاين: الخط المتعرج للحدود البحرية، ويتثبت في المطالبة بمساحة 860 كيلومتراً زائد حقل قانا، ورفض أي مساس بالبلوك رقم 8. وهذا يبقي التفاوض قائمًا، ويجنّب التصعيد، فيما تستمر إسرائيل بعمليات الحفر جنوب الخط 29، من دون أن تتخطاه. ويستمر حزب الله بالتهديد بأن تخطي هذا الخطّ يحتم ردًّا مباشرًا.

ثانيًا، حزب الله، وهو يقدم صورة تصعيدية مشابهة لصور الحرب، بالرغم من أنه لا يريدها. في هذا المجال يتقن حزب الله فنّ إطلاق الرسائل المشفرة والرمزية، بدءًا بتوقيت كلمة أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله عند الساعة 8 و35 دقيقة. وهو توقيت استهداف حزب الله بارجة عسكرية إسرائيلية في حرب تموز 2006. وكأن نصرالله يريد استعادة ذلك المشهد، المرتبط بالصراع البحري وبقدراته العسكرية البحرية.

ولا يمكن إغفال الصور الحديثة التي رفعت في ضاحية بيروت الجنوبية في الأيام القليلة الماضية: صور نصرالله مع عبارة "سنخوض البحر معك". وهذا يذكر بالشهر الذي سبق حرب تموز، عندما ارتفعت في الضاحية لافتات حملت عبارة: " نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون". إنها صور ومقدمات قد لا تؤدي إلى حصول تصعيد عسكري، لكنها تستخدم التذكير به واستثماره كعنصر تفاوضي.

غياب الأمم المتحدة 
وسط الأجواء والمواقف المتناقضة، يظهر غياب تام للأمم المتحدة عن التأثير والحركة. فلبنان، ومنذ ما قبل توقيع اتفاق الإطار، كان يشدد على ضرورة رعاية الأمم المتحدة لهذه المفاوضات، رافضًا حصرها فقط بالرعاية الأميركية. حاليًا يغيب أي دور أو تأثير للجانب الأممي، وسط انتقاد مسؤولين لبنانيين هذا الغياب. فلما عقدت أول جولة تفاوضية كان المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السابق يان كوبيتش حاضرًا بقوة. ونجح في فرض نفسه كمرجعية أساسية يلجأ إليها اللبنانيون.

أما حاليًا فيظهر- حسب المسؤولين اللبنانيين- التهميش الكبير لدور الأمم المتحدة. وهذا له انعكاسات خطيرة على الجانب اللبناني، لا سيما في ظل اعتبار المسؤولين اللبنانيين أن هوكشتاين منحاز لإسرائيل. لا يتوقف العتب اللبناني عند هذا الحدّ، بل يتوسع ليعتبر أن الأمم المتحدة تحصر اهتمامها في متابعة بعض ملفات يومية، كالبحث في تشكيل الحكومة، والسؤال عن التفاوض مع صندوق النقد.

هذا بينما التطورات أصبحت في مكان آخر كليًا، ولا بد للأمم المتحدة أن تكون فاعلة في هذا الملف كما في غيره. ففي  الشهر المقبل يفترض التجديد لقوات اليونفيل العاملة في الجنوب، وبالتالي لا يمكن البقاء على الهامش.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار