هكذا استوعب "حزب الله" التحدّي الاسرائيلي البحري... | أخبار اليوم

هكذا استوعب "حزب الله" التحدّي الاسرائيلي البحري...

| الإثنين 20 يونيو 2022

وبدَّد "مناخات" الحديث عن دنوّ ساعة المواجهة


"النهار"- ابراهيم بيرم

بعد ساعات قليلة على سريان نبأ وصول باخرة التنقيب اليونانية الى تخوم الحقول النفطية البحرية المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل، برز الى الواجهة مَن يقرع طبول الحرب ويتحدث صراحة عن دنوّ لحظة انفجار المواجهة المؤجلة بين "حزب الله" وتل ابيب.

وفي الفترة الفاصلة بين هذا الحدث وبين الاطلالة الاخيرة للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، والتي اطلق فيها مداخلة حمّالة أوجه، انطوى كلامه على احتمالين معاً: اعلان الاستعداد للمواجهة، ودعوة مبطنة الى من بيدهم الحل والربط الى تقديم حل عاجل لنزاع حدودي طويل الامد قبل ان تتدحرج الامور الى ما هو أسوأ وأفدح. في تلك الفترة "غزت" الاجواء السياسية والاعلامية معلومات توافرت من مصادر منوعة عن ارتسام معادلة جوهرها الوقائع الآتية:

- تدفّق غير مسبوق لاعلاميين محليين ومراسلين اجانب وعرب الى مواقع وبؤر حدودية تتيح لهم رصد التطورات المحتملة والاحداث المرتقبة ومتابعتها بدقة.

- سريان حديث عن معطيات تشي بـ "استنفار عسكري" متبادل على جانبي الحدود بين لبنان والكيان الاسرائيلي.

- حملة "شحن" اعلامية تعدّت المألوف أبطالها "محللون وخبراء" عبر بعض الشاشات ليسهبوا في الحديث عن "أبعاد المعطيات والاحتمالات" انطلاقا من مسلّمة ان ساعة الحرب آتية ولاريب، خصوصا ان ثمة مَن ربط بين الفعل الاسرائيلي المحرك وبين ارادة اكبر تعتزم زجّ المنطقة في اتون صراع مفتوح ممتد من عمق اوروبا (اوكرانيا ومحيطها) الى الاقليم، مرورا بطبيعة الحال الى ايران، في ضوء سعي اميركي حثيث لفعل عسكري واسع خليجي وعربي واسرائيلي بهدف الرد على استفزازات ايران وتحدياتها من جهة، وتبديد خطرها من جهة اخرى.

وقد زاد منسوب التخوفات تلك انها أتت مترافقة مع تطورات في الحرب في سوريا تمثلت بقصف مطار دمشق الدولي للمرة الاولى منذ بدء المواجهات هناك وإخراجه من الخدمة، ما بدا كسراً من جانب اسرائيل لقواعد الاشتباك وإعداداً للمسرح العسكري لفرض أمر واقع مختلف.

ولكن رغم كل هذه الوفرة في الاحتمالات السوداء، فان اثنين منها لم يهتزا اطلاقا وبقيا على ثباتهما وكأن شيئا لم يطرأ ويستجد.

الاول سكان البلدات الحدودية في اقاصي الجنوب الذين ظلوا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي.

والثاني القوات الدولية العاملة في منطقة جنوب الليطاني بموجب القرار الدولي الرقم 1701، اذ ظلت "اليونيفيل" تزاول مهماتها من دون اي تبديل او تغيير يشي بان ثمة نذر مخاطر تقترب.
بَيد أن جزءا من هذا المناخ المثقل بالاحتمالات التصعيدية ما لبث ان تبدد تدريجا في اعقاب اطلالة السيد نصرالله. ويذكر مشرفون على ملف الاعلام في الحزب انهم سجلوا أعلى منسوب متابعة لهذا الخطاب في ذلك اليوم.

وثمة من وجد في الخطاب رسالة مبطنة فحواها "اننا لسنا في وارد فتح ابواب مواجهة، لكن عليكم ان تبادروا الى اجتراح تسوية وحل عاجلين لترسيم مقبول للحدود البحرية ينهي كل احتمالات النزاع". ولم يكتفِ الحزب بحدود هذه الاطلالة وما حملته اذ ما لبث ان قرنها بخطوتين في آن واحد: نظرية وعملانية.

في المجال النظري، ابلغت قيادات في دائرة القرار في الحزب الى متصلين ان في الغرف والمحافل الموصدة في الحزب يستقر تحليل مزوّد بالوقائع والمعطيات جوهره ان اسرائيل ورغم انها رفعت اخيرا منسوب عرض العضلات ومظاهر استعراض القوة العسكرية والاعلامية، لاسيما بعدما اطلق العنان لقيادات اسرائيلية لفيض من التصريحات والتهديدات مضافا اليها القاء الاضواء المتعمدة على مزيد من المناورات الميدانية على مقربة من الحدود مع لبنان او في مناطق أبعد، اظهرت تقارير وضعها مسؤولون عسكريون في الحزب ان معظم هذه المناورات المحكى عنها في الإعلام انما هي عبارة عن عملية محاكاة على الورق وليست مناورات بالمفهوم المتعارف عليه.

كل ذلك كان مشفوعا بالقراءة المزمنة لدى الحزب والقائمة على استنتاج مفاده ان العقل الاستراتيجي الاسرائيلي ما زال يقيم على الاستنتاج المعلوم وهو ان تكاليف اي فتح من جانب تل ابيب لأبواب اي تصعيد او مواجهة، لا يمكن التكهن بتداعياتها واحتمالاتها الخطرة. وعليه ابلغ الحزب الى كل من سأله انه مطمئن ويرغب في تطمين القلقين من قاعدته ومحوره.

أما الخطوة العملانية التي بادر الحزب اليها بُعيد اطلالة سيده، فقد تمثلت في كشف الحزب عن اضافة اسلحة بحرية جديدة الى ترسانته. وذكرت معلومات منقولة عن مصادر الحزب ان في عِداد تلك الاسلحة النوعية الجديدة نوعاً من الغواصات الصغيرة وصواريخ مخصصة للبحار والاعماق. وقد حرصت تلك المصادر على التأكيد عبر اعلاميين مقربين ان هذا النوع من السلاح البحري قد اجريت عليه تدريبات ومناورات مدى نحو ثلاثة ايام على مرأى من أعين إسرائيل الراصدة.

واللافت لدى المصادر اياها ان القيادة العسكرية الاسرائيلية قد تكتمت عمداً على هذه التطورات العسكرية الطارئة، والتي كان يمكن لقادتها ان يدخلوها في اطار الاسلحة الكاسرة للتوازن لو ارادوا على غرار ما كانوا يلجأون اليه سابقا لكي تكون لهم بمثابة قاعدة ووسيلة ومبرر لرفع الصوت واطلاق سيل من التهديد والوعيد.

وهكذا، وفي اقل من اسبوع يعتبر الحزب انه نجح في استيعاب مفاعيل هجمتين شنّهما الاسرائيلي معا وهما:

- صدمة الاتيان بباخرة التنقيب الى مشارف المنطقة المتنازع عليها والتي ارادها عامل قلق داخل لبنان.

- وصدمة الداخل المعادي الذي تعامل مع وصول الباخرة على انها بمثابة برهان على عجز الحزب عن الفعل ورد الفعل كما يقول دائما.

إذاً مرحلة من حبس الانفاس والاعصاب المشدودة قد ولّت. ولكن ذلك على بداهته وبلاغته لا يعني اطلاقا انها "خاتمة الاحزان" إذ ربما كان الآتي أعظم.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار