بعد كلام نصرالله... هل تصلح مواصفات الراعي للرئاسة؟ | أخبار اليوم

بعد كلام نصرالله... هل تصلح مواصفات الراعي للرئاسة؟

| الجمعة 15 يوليو 2022

قبض  على كل مفاصل المشهد اللبناني من بوابة الجنوب والصراع مع اسرائيل

 "النهار"- سابين عويس

أضفت المواقف التصعيدية التي أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مزيداً من القتامة والغموض حيال الاستحقاقات الداخلية الداهمة، السياسية منها والاقتصادية، بعدما فرض معادلات جديدة في ملف الترسيم والنفط والغاز، أعادت الهواجس الأمنية الى الواجهة، في إيحاء واضح ازاء عدم نضج اي تسوية خارجية، بل سقوط ملامح تهدئة كان لبنان يعوّل عليها.

هل ينعكس هذا التصعيد المستجد على خلفية الترسيم والنفط، على الملف الرئاسي وعلى هوية الرئيس المقبل، بعدما بات واضحاً ان المنطق التسووي الذي يمكن ان يوصل رئيساً تسووياً قد أسقطته المعادلات الجديدة التي رسمتها مواقف نصرالله، وهل المواصفات التي أطلقها قبل ايام البطريرك الماروني بشارة الراعي والتي تقصي مرشحي الأحزاب والاصطفافات السياسية والحزبية، قد سقطت أمام المعادلات الجديدة؟

لا شك في ان كلام نصرالله لم يعد يترك مجالاً للمناخ التسووي، بل هو يشي بأن الحزب ومِن ورائه طهران قررا رفع سقف المواجهة، ما يعيد تعزيز حظوظ مرشحي المواجهة. لكن اللافت ان نصرالله أضاف صفةً للرئيس المقبل ربما من حيث يدري أو لا يدري، عندما وصف الرئيس الأميركي جو بايدن بالرئيس العجوز الذي أدخل أميركا في مرحلة الشيخوخة. فهل قصد نصرالله في شكل غير مباشر حليفه في بعبدا الذي يسرّ بعض زواره برغبته في التمديد، اذا عجز المجلس النيابي عن انتخاب رئيس جديد، تحت مبرر عدم تسليم البلاد للفراغ؟

في كلامه الاخير، قبض نصرالله على كل مفاصل المشهد اللبناني من بوابة الجنوب والصراع مع اسرائيل، راسماً خريطة طريق للمرحلة المقبلة، لن يكون الاستحقاق الرئاسي في منأى عنها، وإنْ كانت الكلمة الفصل في اختيار الرئيس يجب ان تعود الى الطائفة التي يمثلها، كما بات عُرفاً لكل طائفة ان تختار مرشحيها.

شهد لبنان في انتخابات 2014 التي لم يقدَّر لها ان تحصل وتحمل رئيساً الى بعبدا، تداعي 4 زعماء موارنة الى بكركي كمرجعية روحية لإرساء المصالحة المسيحية والتوافق على الرئاسة. بدا البطريرك الراعي حينذاك عراباً لانتخاب ميشال عون الذي حصل بعد عامين من التعطيل، علماً انه في ذلك الحين لم تكن الكلمة الاخيرة لبكركي، ولم يكن للبطريرك الاعتبار الذي يحظى به اليوم بعدما فرض موقعه كلاعب أساسي على الساحة السياسية، وبات له وزن سياسي يدفع السفراء والديبلوماسيين الى الوقوف عند رأيه.

في مواقفه الاخيرة، بدا مكلفاً الذهاب نحو تحديد المواصفات الرئاسية، والدفع نحو انتخابات عاجلة. وليس مستبعداً ان يتوجه الراعي في موقفه المقبل الى رئيس المجلس داعياً إياه الى إطلاق جلسات الانتخاب فور بدء المهلة الدستورية.

يخشى البطريرك الفراغ، وخصوصا في الظروف الراهنة التي اختلفت في شكل جوهري عن فراغ 2016، علماً ان ما آلت اليه البلاد اليوم من انهيار اقتصادي ومالي ليس إلا نتيجة تراكمية لفراغ 2016 وتبعاته على الاقتصاد. وللمفارقة ان من كان يقف وراء تعطيل انتخاب الرئيس هو نفسه من يتحمل اليوم وزر الانهيار، وقد وسم عهده به.

كما ان "حزب الله" الذي كان حليفاً للعهد ولديه كل المصلحة في وصوله ولو على حساب تعطيل البلاد، قد اختلف موقفه اليوم، ولم يعد في حاجة أو له مصلحة في التعطيل او الفراغ. كان ذلك ليصحّ لو تماسكت الاكثرية ولم تسقط في اول امتحان لها. فتشتّت الاكثرية وانقسامُها سيتيحان للحزب الإتيان بالمرشح الذي يريد. ومصلحته في انتخاب رئيس تكمن ايضاً في الحاجة اليه عند السير بخيار تعديل الدستور او طرح مؤتمر تأسيسي لهذه الغاية.

كان يمكن ان يلتقي الحزب مع الراعي في الأفق على رئيس بمواصفات بكركي. إلا ان احتدام الكباش بين واشنطن وطهران، كما بدا من خطاب نصرالله، سيحمل مخاطر كبيرة كامنة في الذهاب الى مرشح مواجهة، يقابله مرشح مواجهة من الفريق الخصم، ما قد يأخذ البلاد الى معركة "كسر عضم". من هنا، دفع الراعي نحو انتخاب مبكّر للرئيس وتشكيل حكومة جامعة خلافاً لاقتناعه الأساسي بضرورة احترام مبدأ الاكثرية تحكم والاقلية تعارض، وذلك تفادياً لأي فراغ محتمل في ظروف دقيقة وخطيرة كتلك التي يعيشها لبنان اليوم.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار