الراعي يرسّخ ثلاثية الإيمان والحرية والاستقلالية | أخبار اليوم

الراعي يرسّخ ثلاثية الإيمان والحرية والاستقلالية

| الأحد 24 يوليو 2022

الديمان اليوم كحاضنة لفكرة لبنان الكبير ولكلّ باحث عن الحريّة

"النهار"- مجد بو مجاهد

يتجدّد الدعم الشعبي للصرح البطريركيّ في صورة الوفود المتفيّئة أضلع ثلاثية الصمود والصبر والصلاة المجسّدة أساس كيانيّة أرز الديمان نحو لبنان الكيان. وقد جسّدت الطقوس الوطنيّة المتبلورة في الحضور التضامنيّ إلى المقرّ الصيفي للبطريركية المارونية فعل إيمان مترسّخ بمرتكزات "لبنان الكبير".

فحضرت الحريّة في حرارة تصفيق الأيدي المستمدّ من فعل الإصغاء إلى مواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي المواجهة محاولات ليّ الذراع. وبرزت الاستقلالية تاريخاً محكيّاً في استعادة الراعي أمثلة عن حقبات مشاريع هيمنة سابقة مفتّتة أمام دفاعات البطاركة في قعر الوادي المقدّس. واجتمع المتوافدون تحت قبّة إيمان حمت كلّ المعاني التي سمّاها البطريرك "الأغلى عند الموارنة". وتراصّت الحريّة مع الايمان والاستقلال في التعبير الحضوريّ عن شجب رافض لأي اهتزاز في الهويّة بعد حادثة التعرّض للمطران موسى الحاج على الحدود الجنوبية. وتشير المعطيات إلى أنّ التقاطر التضامنيّ لم ينتج عن دعوات موجّهة أو توافد منظّم، بل انبثق عن حضور تضامنيّ عفويّ مع مواقف الديمان المعلنة في مسألة المطران الحاج. وقد شملت الوفود أحزاباً سياديّة من مناطق متعدّدة أبرزها بشري والجوار، رافعةً علم لبنان إلى جانب أعلام "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب. وكذلك، برزت مشاركة أهالي شهداء تفجير مرفأ بيروت.

في العظة، تشرّبٌ للخبز بنبيذ الحريّة تذكيراً بمعنى التصدي لهول حقبة الجوع المستعادة. "عبثًا تحاول الجماعةَ الحاكمةَ والمهيمنةَ تحويلِ المدبَّر الذي تعرّضّ له سيادةُ المطران موسى الحاج من اعتداءٍ سياسيٍّ والذي انتهك كرامة الكنيسة التي يمثّلها، إلى مجرّد مسألةٍ قانونيّةٍ هي بدون أساس لتغطيةِ الذَنبِ بالإضافة إلى تفسيرات واجتهادات لا تُقنع ولا تُجدي. وإن كان هناك من قانون يمنع جلب المساعدات الإنسانيّة فليبرزوه لنا"، بهذه العبارات أكّد البطريرك الراعي رفض إخضاع أسقف لتوقيف وتفتيش ومساءلة من دون الرجوع إلى مرجعيّته الكنسيّة القانونيّة، وهي البطريركيّة؛ وبهذا النقص المتعمّد إساءة للبطريركيّة المارونيّة، وتعدٍّ على صلاحيّاتها. وندّد بـ"التصرفات البوليسيّة ذات الأبعاد السياسيّة التي لا يجهلها أحد، ونطالب بأن يُعاد إلى سيادة المطران كلّ ما صودر منه: جواز سفره اللبنانيّ، وهاتفه المحمول، وجميع المساعدات، من مال وأدوية، كأمانات من لبنانيّين في فلسطين المحتلّة والأراضي المقدّسة إلى أهاليهم في لبنان من مختلف الطوائف. هذا ما كان يفعله الأساقفة الموارنة أسلافه على مدى سنوات، وما يجب عليه هو أن يواصله في المستقبل. وأنتم أيّها المسيئون إلى كرامة اللبنانيّين كفّوا عن قولكم إنّ المساعدات تأتي من العملاء، واذهبوا بالاحرى وإبحثوا في مكان آخر عن العملاء، وأنتم تعلمون أين هم، ومن هم".

واستُحضر معنى الاستقلالية في تأكيد البطريرك على "الدور الذي يقوم به راعي أبرشيّةِ الأراضي المقدسّةِ عمومًا ليس دينيًّا وإنسانيًّا فحسب، بل هو دورٌ وطنٌّي أيضًا، إذ يحافظُ على الوجودِ المسيحيِّ والفِلسطينيِّ والعربيِّ في قلب دولة إسرائيل، ويَستحِقُّ الإشادةَ به ودعمَه لا التعرّضَ لكرامته ورسالته المشرّفة. إنَّ الوجودَ المارونيَّ في فلسطين يعود إلى الأزمنةِ الأولى لبروزِ جماعةِ مارون. ولَعِب الموارنةُ هناك دورًا أساسيًّا في تعزيزِ الهُويّةِ الوطنيّة، وكانوا رسلَ خيرٍ بين جميعِ الأديان، وظلَّ اسمُهم بَهيًّا ورفيعًا ومحطَّ تقديرٍ من إخوانِهم في الطوائف الأخرى"، لافتاً إلى أنّ "البطريركية المارونية صامدةٌ كعادتِها على مواقفِها وستُتابع مسيرتَها مع شعبِها، معكم أنتم الذين هنا والذين هناك، ومع سائر اللبنانيّين لإنقاذِ لبنان بالإستناد إلى منطلقاتِ الحِيادِ الإيجابيّ الناشط واللامركزيّةِ الموسّعة وعقد مؤتمر دُوَليٍّ خاصٍّ بلبنان لبتّ المسائل المسمّاة "خلافيّة"، سنواصل الدعوة الحثيثة إلى تشكيلِ حكومة جديدة بأسرع ما يمكن، وانتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجُمهوريّةِ في المُهل الدستوريّة. إنَّ لبنان يَستحقّ حكومةً جديدةً ورئيسًا جديدًا".

وتمركزت الحشود في الباحة الخارجية بعد القداس متوجّهة بنداءات شاجبة بمحاولات تكريس الهيمنة الايرانية. ومن على الشرفة، خاطب البطريرك الراعي الوفود التي حملت أيضاً صور البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير بعبارة "البطريرك صفير حي فينا". تابع: "كل البطاركة أحياء فينا، كونهم تناولوا نفس اللغة التي أتحدث بها اليوم، هذه ثقافتنا التي لا نتراجع عنها على الإطلاق، أحييكم وأشكر حضوركم اليوم هذا الحضور المعبر عن رفضكم وإستياءكم وإدانتكم للإهانة التي تعرض لها زميلنا موسى الحاج وهي إهانة للكنيسة المارونية"، مشيراً إلى أنّ "هذه إهانة شخصية لي، وطبعاً نحن نطالب معكم بضرورة استرجاع كل ما صادروه، نطالب بتسليم المطران الحاج كل ما تمت مصادرتهز ومن ثم نقول لهم ونكرر بأن المطران سيواصل عمله كون ما يقوم به من دور يعتبر رسالة". وختم:"نقول لهم "وليس نطلب ونرجو"، ممنوع ايقافه ومساءلته على الحدود اللبنانية، هذه الحادثة لم نتعرض لها من قبل في العهود السابقة وفي عهد المطارنة الذين تعاقبوا على هذه الكرسي، من وقت ما كانت صور والأراضي المقدسة أبرشية واحدة على أيام المجمع اللبناني 1736 وصولا الى اليوم".

وإذ برز الحضور "القواتيّ" نواباً ومناصرين، أشار عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب غياث يزبك لـ"النهار" إلى أنّ "الحضور طبيعي جدّاً في هذا الظرف. نذهب في المفترقات التاريخية من النوع الوجودي إلى النبع والمنبع الأول والأساسي لفكرة لبنان الكبير. الديمان اليوم كحاضنة لفكرة لبنان الكبير ولكلّ باحث عن الحريّة". ولفت إلى أنّ "أقلية مستقوية بالسلاح تريد السيطرة على باقي الأقليات ولم تتعظ من تجارب الماضي. دفعونا إلى متاهة وصلنا بعدها إلى الدرك الأسفل في وقت ثمة من تعب من فكرة حفظ التعدّدية ولبنان موطن الأقليات. لبنان لم يعد يشبه نفسه بعد السلطة المطلقة التي اقتطعها "حزب الله" لنفسه بدءاً من أحداث 7 أيار. وهناك اليوم مسيّرة قضائية متمثلة بالقاضي فادي عقيقي التي أرادت أن تقضم جبل بكركي من خلال استهداف واضح للصرح البطريركي عبر التعرّض للمطران الحاج. وبعد السيطرة على الداخل اللبناني واقتطاع قرار السلم والحرب وصولاً إلى تدمير لبنان، لم يبقَ أمام "حزب الله" سوى إسقاط بكركي من خلال محاولة تشويه سمعتها". ورأى يزبك أنّ "الرسالة التضامنية اليوم تؤكد أنّ الصرح البطريركيّ هو الأمين والملاذ والبوصلة وسط خطاب وطني سياديّ حماية للتنوع وبناء للدولة وفق الأصول التي قام على أساسها لبنان. ويستوجب احترام الطقوس الديموقراطية وانتخاب رئيس سيادي قوي يلجأ إلى الدستور ويهمّه مصلحة البلاد"، آملاً أن "تكون الخطوة التضامنية في الديمان بداية كرة ثلج تكبر لما بدأناه عام 2005. ولا ييأس كلّ من ينادي بالدستور ومبادئ الدولة. إنها بداية سقوط كلّ طغيان وطغاة اتخذوا خطوات متوتّرة ويائسة يراد منها حجب الحريات عن شعب يسعى إلى بناء دولة حرّة ومستقلة".

وبدوره، أكّد أمين عام حزب الكتائب سيرج داغر لـ"النهار" أن "المشاركة الكتائبيّة تشكّل حضوراً لبنانيّاً بعدما أوصلنا "حزب الله" إلى مكان وأداء لم يعد في الامكان تحمّله، ولا بدّ من دخول اللبنانيين في مواجهة مباشرة معه في كلّ مناسبة. ويعتبر يوم الديمان محطّة في إطار المواجهة المؤكّدة على أنّه لم يعد في الإمكان السكوت على ممارسات حزب الله". وقال داغر إنّ "رسالة البطريركية بدأت تصل قبل ثلاثة أيام وترسّخت مباشرةً مع إشارة البطريرك الراعي بضرورة الذهاب والبحث في مكان آخر عن العملاء المعروفين رداً على الاتهامات بالعمالة التي وجّهت إلى المطران الحاج. ويرتبط مفهوم الخيانة بالأحزاب التي تحصل على أموالها وسلاحها من دولة خارجية. وقد بات من الضروري تسمية المسائل بأسمائها"، مضيئاً على أنّ "حزب الكتائب سيردّ على حادثة التعرّض للمطران الحاج من خلال العمل على إعادة التأكيد على مشاريع القوانين التي قدّمها وتفعيلها، لناحية إلغاء المحكمة العسكرية والمطالبة بعودة المبعدين اللبنانيين في اسرائيل إلى وطنهم".

رفرفت الأعلام اللبنانية متراقصة مع أعلام "القوات" والكتائب حين المغادرة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار