"حزب الله" وسقف الحكومة: متى انتظر قراراتها؟ | أخبار اليوم

"حزب الله" وسقف الحكومة: متى انتظر قراراتها؟

| الخميس 28 يوليو 2022

"النهار"- مجد بو مجاهد

تُجمع المحطات الحدثيّة المتلاحقة في تصوير المراقبين، على اعتماد "#حزب الله" أسلوب رمي الطابة وهمياً في ملعب الدولة اللبنانية، في وقت يتصرّف على أنه اللاعب والملعب والطابة التي تحطّ فجائياً دون اعتبار للصافرات أو التموضعات التي تتخذها السلطة التنفيذية. ولم يسبق "الحزب" أن شاور الدولة في الخطوات التي اتخذها مدى سنوات من التدخلات التي منها عابرة للحدود وصولاً إلى اليمن. وتظهر وقائع الأشهر الماضية الحديثة التوقيت استمراره بأسلوب عدم الأخذ بمقاربة ال#حكومة وسقفها، على الرغم من احتكامه إلى مقولة ظاهرية معاكسة للتصرّفات قوامها "انتظار قرار الدولة".

في 18 نيسان 2021، نال تصريح الشيخ صادق النابلسي المقرّب من "حزب الله" استنكاراً لبنانياً واسعاً لاعتباره "التهريب جزءاً من عملية المقاومة والدفاع عن مصالح اللبنانيين"، معتبراً أنّ "الشعبين اللبناني والسوري يضطران إلى تجاوز الحدود وكسر بعض القوانين تأميناً لاحتياجاتهم المعيشيّة في ظلّ العقوبات". ويشكّل التهريب مشكلة لبنانية مزمنة لم تستطع السلطة اللبنانية حلّها على الرغم من الوعود الإصلاحية. وقد باتت القوى السيادية اللبنانية على قناعة بغياب قدرة الدولة في واقعها الحالي على كبح التهريب نتيجة هيمنة محور "الممانعة". ويبقى رهانها على تبدّلات سياسية ممكنة في مراحل مقبلة من شأنها أن تسمح بضبط الحدود.

في 6 آب 2021، أعلن "حزب الله" مسؤوليته عن هجوم صاروخيّ في محيط المواقع الإسرائيلية في مزارع شبعا، عازياً ذلك للردّ على الغارات الجوية الإسرائيلية في الجرمق والشواكير. واستتبع الهجوم بقصف للجيش الإسرائيلي على مناطق في جنوب لبنان للمرة الثانية. واستمرّ تبادل القصف الحدودي الجنوبي أياماً، علماً أن الطرفين أبديا عدم رغبة في التصعيد . ولم تشكّل الدولة اللبنانية جزءاً من المعادلة كمثال حديث على عدم حيازتها قرار الحرب والسلم.

في 19 آب 2021، أشار الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطاب بمناسبة يوم عاشوراء أن "سفينة محمّلة بالوقود ستغادر من إيران إلى لبنان خلال ساعات"، معلناً أنها "أنجزت كل الترتيبات وستبحر". وفي الموازاة، بدا لافتاً ردّ وزير الطاقة حينذاك ريمون غجر بأنه لم يتلقَّ طلباً لاستيراد وقود إيراني وليس لديه معلومات، و"لم يتم طلب إذن منا، هذا ما أقوله فقط". وإذ أوضحت الحكومة اللبنانية أنها لم تطلب أيّ نفط من الحكومة الايرانية، فإن "حزب الله" تخطّى بوضوح الدولة في تحرّكه لاستيراد المازوت من إيران.

في 6 حزيران 2022، رمى نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الكرة في ملعب الحكومة اللبنانية للردّ على ما إذا كانت عمليات التنقيب الإسرائيلية عن الغاز تجري في مناطق بحرية متنازَع عليها، معتبراً أن "الحزب" لا يعطي مهلة للدولة قبل القيام بأي عمل في كونها "فوق الجميع وتحدّد مسارها"، وجازماً بالوقوف "تحت سقفها". ولم يلبث أن تبنّى "حزب الله" في 2 تموز الماضي إطلاق ثلاث مسيرات غير مسلّحة من أحجام مختلفة، باتجاه حقل "كاريش" النفطي للقيام بمهام استطلاعية. وردّت الحكومة اللبنانية على إطلاق المسيرات واصفة ما حصل بالعمل "غير المقبول" الذي جرى خارج مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسي والذي يعرّض لبنان لمخاطر في غنى عنها.

في الأيام الماضية، يشيع "حزب الله" مقولة "انتظاره قرار الدولة قبل جلب هبات فيول من ايران". فلماذا يحتكم إلى الدولة؟ وهل الاستيراد وارد فعلاً؟

تشير مقاربة أوساط رسمية في وزارة الطاقة لـ"النهار" إلى أن "الوزارة لم تتلقَ عروضاً ايرانية لاستيراد الفيول حتى اللحظة. وإذ جرى الحديث إعلامياً عن استعداد لتأمين هبات فيول من ايران، إلا أن هذا الكلام لم يترجم حتى الآن كعروض بانتظار أي تفاصيل مقبلة. ويهمّ الوزارة أن تتناسب العروض مع مواصفات الفيول المطلوب، باعتبارها تنظر إلى المسائل التقنية. وقد وضعت المواصفات التي يمكن القبول بها على الموقع الالكتروني للوزارة"، لافتةً إلى أن "المشاورات تشمل راهناً العراق لمضاعفة كمية الفيول المستورد منه، والجزائر لإمكان تأمين فيول عبرها، إضافة إلى انتظار موافقة البنك الدولي على قرض لاستيراد الغاز المصري والفيول الأردني. وكذلك، الوزارة منفتحة للبحث في عروض من أيّ دولة صديقة في العالم". وتعبّر أوساط وزارة الطاقة عن "دور لمجلس الوزراء مجتمعاً في الموافقة على العروض أو رفضها، بما يجعله صاحب الصلاحية في النظر بمسائل إمكان استيراد الفيول الايراني من عدمه، في وقت يقتصر دور وزارة الطاقة على دراسة المواصفات".

فهل حقاً يمكن الحكومة اللبنانية أن تستعدّ للقبول بفكرة استيراد الفيول الايراني، حيث كلّ الهبات التي تأتي إلى الدولة اللبنانية تحتاج موافقة حكومية مسبقة؟ تؤكد معطيات "النهار" في معالجة هذا السؤال من خلال مصادر وزارية معنيّة أن لبنان يقبل عموماً بالهبات غير مشروطة إذا كانت مطابقة للمواصفات اللبنانية، لكن سبق للمازوت الايراني الذي تم استيراده من خلال جهات خاصة في مرحلة سابقة أن أتى غير مطابق للمواصفات المطلوبة، بما يعني الحاجة - كما في ما يخصّ النفط العراقي المستورد إلى لبنان - إلى مقايضته مع دولة ثالثة. وفي المحصلة، لا تعتبر المصادر الوزارية هذه المسألة قائمة أو ممكنة باعتبار أن العقوبات مفروضة على النفط الايراني، بما يجعل من الدعوة الى استيراد هبات فيول من ايران مسألة للاستهلاك الاعلامي فحسب.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار