الاتفاق النووي مجدداً يعيد تجربة 2016؟ | أخبار اليوم

الاتفاق النووي مجدداً يعيد تجربة 2016؟

| الخميس 11 أغسطس 2022

لا يرغب في استكمال العهد العوني او رموزه بأي طريقة من الطرق

"النهار"- روزانا بومنصف

على رغم ان الرهانات على نهائية المفاوضات على الملف النووي الايراني لم تعد تجد مكانا لها علنيا وظاهريا في خطابات السياسيين او مواقفهم في ظل هجرة الناس الى هموم اكثر الحاحا بالنسبة اليهم، فان هذه الرهانات لم تخمد فعلا لا سيما في اطار اهتمام كثر بانعكاسات الاتفاق في حال العودة الى العمل به على لبنان.

فالتجربة الاولى بعد الاتفاق في 2015 ادت الى تمتع ايران بتقوية نفوذها في المنطقة والذي تمت ترجمته بايصال "حزب الله" العماد ميشال عون الى الرئاسة الاولى. والحال راهنا ان الخشية نفسها تنسحب على الواقع الراهن قبيل الانتخابات الرئاسية ايضا في ضوء المعلومات التي تفيد بان العودة الى العمل بالاتفاق لا تتطرق او تتناول نفوذ ايران في المنطقة او صواريخها البالستية. هناك من يعتقد ان السيناريو نفسه قد يتكرر وإنْ بآليات عمل مختلفة، في حين ان ايران تخشى تراجع نفوذها في لبنان وقدرة الحزب على الامساك بمفاصل الدولة اللبنانية لا سيما في ظل التحديات التي تواجهها ايران. ولكن التحدي هو الواقع الذي بات عليه الحزب في لبنان والذي يدفع امينه العام السيد حسن نصرالله الى الاستعانة بالله من اجل تبرير تكليفه القيام بما يقوم به فيما غالبية الشعب اللبناني غير مستعدة لتكليفه ذلك.

والكلام على الانتخابات الرئاسية من باب سيناريو ترجمة فرصة العودة الى العمل بالاتفاق النووي يقود حتى الآن بوجود الاتفاق او عدم وجوده الى تراجع خيارات الحزب من حيث المجاهرة بدعم مرشح او شخصية مارونية ما للرئاسة الاولى. فرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيه الذي اكثر ما يتردد اسمه على انه المرشح الوحيد المحتمل للحزب قد يشكل ضمانة للاخير، في حين ان احدا لا يرغب في استكمال العهد العوني او رموزه بأي طريقة من الطرق . يتقدم هذا الترشيح واقعيا الى الواجهة على ما عداه في ظل عدم وجود مرشحين في الافق عرضوا ترشحهم او برامجهم او اظهروا انفسهم كخيارات محتملة، حتى لو انه لفت المراقبين قول نصرالله في احد خطاباته ان الحزب لن يتبنى ترشيحا بل سيدعم ترشيحا. وبهذا يقي نفسه الاحراج مع حليفه العوني كما يدرأ عن فرنجيه ان يكون مرشح الحزب فيحدث ردة فعل مرفوضة من المسيحيين في الدرجة الاولى قبل الآخرين، خصوصا في ظل تأكيد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وجوب عدم الذهاب الى مرشح من 8 اذار في اشارة ضمنية الى فرنجيه ولو لم يسمه في ظل معرفته بانعدام حظوظ رئيس التيار العوني.

فعلى عكس ما يذهب اليه البعض من ان فرنجيه قد يحتاج على الاقل الى دعم التيار العوني وكتلته النيابية في حال تم افتعال فراغ رئاسي قد يناسب البعض لاهداف مختلفة، كل من موقعه حتى بالنسبة الى الاطراف المسيحية المؤثرة، فان رئيس "تيار المردة" يحتاج بنسبة اكبر الى تفاهم ودعم "القوات اللبنانية" كذلك التي تمثل جزءا كبيرا من منطقة الشمال حيث المعقل السياسي لفرنجيه، فيما لا يستطيع تجاهل عدم تصويتها له او معارضتها له في حال اتيح انتخابه بتحالفات يشكل "حزب الله" لولبها. وهو لا يستطيع ان يكون رئيسا يتعذر عليه ان يجمع بين اللبنانيين او يكون ممثلا لفريق او لمحور سياسي، لا سيما في ظل ما اصبح عليه لبنان من انهيار ورفض الدول العربية والخليجية تحديدا تقديم مساعدات على وهج تمحوره السياسي، اضافة الى مسؤولية فريق 8 اذار في الانهيار الحاصل على الاقل منذ انتفاضة 17 تشرين الاول 2019. يضاف الى ذلك انه وقبل 2016 اتيح لميشال عون هامش محاولة استرضاء الرئيس سعد الحريري وحتى امكان عقد تفاهم مع "القوات اللبنانية" سرعان ما تنصّل منهما مظهرا انهما كانا فقط لضرورات انتخابه ليس الا وانقلب عليهما. وفرنجيه ليس نسخة عن عون او صهره، لكن تجربة الاخير، اضافة الى واقع تغير المعطيات الداخلية معززا بهلهلة القوى السياسية ورفض اللبنانيين لها وان كان اعيد انتخابها فيما يعرف الجميع كيفية حصول الانتخابات وظروفها وضغوطها، صعبت الامور كثيرا على فرنجيه اكثر من اي مرشح آخر بمقدار ما انه يبقى مرشحا يمتلك حظوظا حتى الآن.

احد ابرز الامور في سيناريو ما بعد العودة الى العمل بالاتفاق النووي في حال حصوله، ما تؤكده مصادر سياسية من ان ما حصل ويحصل في لبنان يفيد بانه ليس متروكا لايران كما حصل في 2016 وجملة مؤشرات تؤكد ذلك. كما ان المنطقة في حد ذاتها تغيرت على نحو جذري منذ التوقيع السابق على الاتفاق النووي وحتى ما بعد استئناف المفاوضات حوله مع الاميركيين. الا ان نقطة الضعف الرئيسية تكمن في ان الضغوط الديبلوماسية الخارجية والتي اخذت في الاعتبار تطلعات الشعب اللبناني الى التغيير بناء على ما عبرت عنه الانتفاضة في 2019، وعلى رغم انها تعتزم الاخذ بذلك في الانتخابات الرئاسية، الا انها قد تستسلم لفكرة ان المرحلة المقبلة ليست تغييرية او انتقالية بالحد الادنى، اذ قد لا تعدو ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية يبقي على الوضع الراهن فيضع لبنان في ثلاجة الانتظار ويمنع تدهوره نحو مزيد من تفكك الدولة وانحلالها ليس الا في انتظار ما قد تسفر عنه التحولات الجيوبوليتيكية في المنطقة انطلاقا من الحرب الروسية على اوكرانيا وكل الملفات التي تتدرج منها والتي ترسم من خلالها خرائط نفوذ جديدة في المنطقة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار