جنبلاط من 14 آذار الى "الوسط" تحالفات فاستدارات..."إنها لعبة الأمم" | أخبار اليوم

جنبلاط من 14 آذار الى "الوسط" تحالفات فاستدارات..."إنها لعبة الأمم"

| الجمعة 12 أغسطس 2022

أما لماذا عاد جنبلاط اليوم الى الاستدارة مجدداً؟

 "النهار"- وجدي العريضي

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالمواقف المعلِّقة على انفتاح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باتجاه " حزب الله"، ولا سيما من قِبل المحازبين والأنصار وجمهور سيّد المختارة، وعبّرت هذه التعليقات في معظمها عن "نقزة" حيال هذه الخطوة فيما اعتبر البعض الآخر أنها جاءت وفق مقتضيات المرحلة، ومنهم من قال "أهل مكّة أدرى بشعابها".

وبالعودة الى هذا النمط الجنبلاطي في المواقف السياسية، فالمسألة تحتاج الى إحصاءات نظراً الى المرونة الفائقة الجنبلاطية، وذلك يعود الى سنوات طويلة، لا سيما الى مرحلة ما بعد الطائف. ففي حقبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان هناك الحلف القوي بين الزعيم الجنبلاطي وقريطم، لكن في بعض المحطات كان جنبلاط يهاجمها بعنف على أكثر من خلفية سياسية وغيرها. وبعد استشهاد الرئيس الحريري تبدلت الأمور وتغيرت جذرياً على الساحتين اللبنانية والإقليمية ما دفع جنبلاط الى اعتماد أسلوب الاستدارة تجنباً لما هو آت على لبنان، بمعنى انه "عند اختلاف الدول احفظ رأسك". ولطالما حذّر من لعبة الأمم وتداعياتها الخطيرة على الساحة اللبنانية، وهذه العبارة هي التي تتحكم بمسار المختارة.

في السياق، لا بدّ من الإشارة الى مرحلة الحلف الرباعي على رغم الخلافات والانقسامات التي سادت البلد في ظل احتدام المواقف السياسية بين "حزب الله" والمختارة، فكان هذا الحلف لتعود الأمور الى نقطة الصفر، وبالتالي بقي جنبلاط رأس حربة في فريق 14 آذار، وهذا ما كان يؤكّده أكثر من قيادي في هذا الفريق في طليعتهم النائب السابق فارس سعيد الذي لطالما تغنّى في مجالسه بدور جنبلاط الصلب في هذا الفريق السيادي، لتأتي تسوية الدوحة وتعود الأمور الى المربّع الأول ويشنّ جنبلاط حملات عنيفة على "حزب الله" ويصف سلاحه بسلاح الغدر.

وعلى خط مواز، لا بدّ من الإشارة أيضاً الى علاقة جنبلاط بـ"بيت الوسط" والتي شهدت كرّاً وفرّاً، فكان هناك تحالف وتماه وتناغم سياسي وانتخابي، الا أن ذلك كان يتحول بفعل ظروف معينة الى خلافات ومساجلات وانقسامات.

أما لماذا عاد جنبلاط اليوم الى الاستدارة مجدداً؟ هنا لا بدّ من التذكير بالمحطات السابقة التي استوجبت هذه الخطوة، ولكن في المرحلة الراهنة يظهر الغضب على المحازبين والقواعد الشعبية نظراً الى الخلاف مع "حزب الله"، وحيث لم يسبق لجمهور الإشتراكي أن هضم هذا الحزب أو "التيار الوطني الحر"، ويعرف رئيسه جيداً أن جمهوره يصبّ لدى "القوات اللبنانية"، بمعنى انه لم يسبق أن حصل أي سجال أو اصطدام بين الطرفين، ولكن في الظروف الحالية فإن جنبلاط يرى أنه، وأمام افلاس البلد وانهياره، لا يمكنه أن يبقى متفرجاً ويتحمل وجع الناس وهو الذي يستقبل مئات المواطنين كل سبت، الى استقبالات كليمنصو، ويدرك حجم مأساة أبناء الجبل وسواهم. وعلى هذه الخلفية يرى ان ثمة تحولات في المنطقة وعلى المستوى الدولي حيث لا زالت أميركا على مواقفها غير الواضحة تجاه إيران و"حزب الله"، والأمر عينه للفرنسيين والمجتمع الدولي عموما، فما كان منه الا أن التفّ مجدداً ليحاور الحزب على خلفية استقرار الجبل ومن ثم تنظيم الخلاف وصولاً الى استعراض كل الملفات، وان الملف الرئاسي لن يُبحث في لقاء الطرفين قريباً، فذلك لا يمتّ الى الحقيقة بصلة، بل ان جنبلاط لا يريد رئيساً يشبه الرئيس الحالي ميشال عون، الذي جاء به "حزب الله"، بمعنى انه لن يقبل بزعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية ولا بقائد الجيش العماد جوزف عون على رغم استقرار العلاقة بين المختارة والمؤسسة العسكرية. لهذه الغاية يعتقد بإمكان التفاهم مع "حزب الله" على مرشح توافقي، وثمة أسماء موجودة في جيب جنبلاط ليتداولها ويطرحها على مسؤولي "حزب الله".

والسؤال: هل هذه الاستدارة الجنبلاطية نهائية أم انه سيستعين بصديق آخر؟ في مرحلة جديدة كل الأمور مرهونة بأوقاتها، وعَود على بدء، انها المتغيرات والتحولات ولعبة الأمم وما يجري في المنطقة، ومن الطبيعي ان لدى المختارة أصدقاء اقليميين وعربا ودوليين وقد يكون سيدها سمع كلاماً بأن المفاوضات بين واشنطن وايران تتجه نحو الإيجابية، والترسيم بات في لمساته الأخيرة و"حزب الله" له دور مهم وهو الآمر والناهي وصاحب القرار، وأمينه العام السيّد حسن نصرالله رسم خريطة التحولات في المنطقة، الى مسألة أخرى وحيوية تبقى موضع تساؤل وهي: كيف سيكون وقع انعطافة جنبلاط على المملكة العربية السعودية التي كانت دائماً تحافظ على علاقاتها مع المختارة وداعمة لها ولم تقصّر معها، وبالتالي هو الحريص على الحفاظ على العلاقة مع السعودية ودول الخليج؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار