هل بات "حزب الله" مستعداً للانفتاح على خيار "الرئيس غير الاستفزازي"؟ | أخبار اليوم

هل بات "حزب الله" مستعداً للانفتاح على خيار "الرئيس غير الاستفزازي"؟

| السبت 13 أغسطس 2022

 "النهار"- ابراهيم بيرم

هل يأتي حينٌ من الدهر ويجاهر "حزب الله" بقبوله برئيس "غير استفزازي" وهو التعبير المكثّف الذي يعني أن لا يكون الرئيس المقبل الذي سيخلف الرئيس ميشال عون من لدن الحزب أو ممن يسيرون في ركابه؟

هذا السؤال صار ولاريب أكثر إلحاحاً لحظة استجابت قيادته العليا لطلب أتاها من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بإعادة الدفء الى قنوات التواصل معه. وهو الطلب الذي انتهى كما صار معلوماً بلقاء أوّلي تجسّد في زيارة القياديين الأبرزين في مجال الاتصالات السياسية في الدائرة المحيطة بسيد الحزب الى كليمنصو حيث عقدا اللقاء المنتظر الذي أتى بعد قطيعة استمرت اكثر من ثلاثة اعوام تخللتها اشتباكات سياسية لا تحصى محطاتها.

اللقاء المتوقع تم واستحال الحدث السياسي الابرز قبل اللقاء وبعده، لكنَّ الخبر الاكثر دوياً الذي ورد عنه هو ما نقله بعض الإعلام الذي اعتاد النطق بمكنونات فريق الممانعة، وتحديدا الحزب، هو ان اللقاء إياه أفضى الى "اتفاق (بين الطرفين طبعا) على رئيس غير استفزازي".

يصعب ان يتم استدراج الحزب أو أيّ من المقربين منه في هذا التوقيت بالذات الى الافصاح والبوح عن مضمون رأي الحزب وكلمة السر المخبوءة عنده حيال هذا الموضوع. لذا ثمة من يؤكد سلفا ان الحزب أو جهازه الاعلامي لن يبادر الى تأكيد الاستنتاج أو نفيه لانه ما زال يصر على ابقاء هذه الورقة الثمينة طي الكتمان الى اللحظة التي يرى مصلحة في إماطة اللثام عنها وكشفها للضوء.

ومن باب أن الشيء بالشيء يُذكر، يروي زوار رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية ان السؤال الاساسي الذي يوجهه اليه كل ضيف يأتيه ويعرف ان له صلة بعقل الحزب هو: هل تناهى الى سمعك أو علمك شيء جديد من الحزب حيال الموضوع الرئاسي؟ ويُردَف مباشرة بسؤال آخر هو: هل برأيك سيبوح الحزب بمكنون هذا الامر ويحسم الجدل لنبني على الشيء مقتضاه؟

لذا فان الجليّ في الاستنتاج الوارد في الإعلام عينه (رئيس غير استفزازي) هو ان الحزب قد قال كلمته المنتظرة. هذا اذا كانت المعلومات الواردة خلال الساعات الاخيرة صحيحة ودقيقة. وبناء عليه يضيع عنصر المفاجأة ويبطل مفعول التكهنات والتأويلات المتراكمة منذ فترة حول هذا الشأن ذي الطابع المصيري في مستقبل الوضع العام.

وأكثر من ذلك، يتعين عندها البحث والاستشراف عن المراد والمقصود بمصطلح "الرئيس غير الاستفزازي"، اذ يمكن لفرنجية على سبيل المثال ان يعتبر ان صفة "الرئيس الاستفزازي" لا تنطبق عليه ولا تطاوله، بل تنطبق على المرشح الآخر المحسوب عمليا على الحزب، اي رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل انطلاقا من ان الاول سوَّى وضعه الى حد بعيد في الداخل والخارج وفتح ابوابا كانت الى الامس القريب موصدة في وجهه.

وعليه، فان هذا الكلام إنْ صحّ وبوشر العمل بمضامينه وخطوطه العامة ينطوي عند العالمين ببواطن الامور عند "حزب الله" على ثلاثة أبعاد واعتبارات:

الاول، ان الحزب يبعث برسائل واشارات الى من يعنيهم الامر في الداخل والخارج على حد سواء، فحواها انه في وارد التراجع عن مواقفه النمطية وانه منفتح على التقدم نحو صفقة رئاسية من شأنها ان تبعد اكثر من مرشح وتقطع الطريق على مرشح يطرحه الآخرون على اختلاف ميولهم، لاسيما ان المعادلة النيابية السابقة التي اتاحت للحزب تعطيل الانتخابات الرئاسية لِما يزيد عن السنتين الى ان حانت لحظة الاتيان بمرشحه الحصري حينذاك قد انطوت اخيرا.

وهذا يعني ان ثمة تطورا نوعيا في طريقة مقاربة الحزب للامور، ويعني استطرادا ان منسوب الخوف والرهاب، وهذا الاهم، عنده من مجيء رئيس يكرر تجربة ميشال سليمان معه في نهاية عهده قد انتفى وتبدد. وهذا يعني استتباعا ان الحزب بات منفتحا على تسوية حدد جنبلاط شروطها منذ فترة، لاسيما عندما تبنّى ترشيح شخصية شوفية يراها مناسبة للمرحلة لانه يعلم ان فريق الممانعة يعرف هذا المرشح تماما ويدرك ايضا ان "التقليد المسيحي" لا يشكل استفزازا له ويثير نقزة منه.

وثمة من يقدَّر ان الحزب بلغته تطمينات يستطيع الركون اليها والاستناد الى متانتها تشجعه على المضي في الخيار الانفتاحي.

الثاني، ان الحزب يبعث الى من يهمه الامر ايضا بإشارات فحواها انه مستعد للتجاوب مع النداءات التي وُجهت اليه سابقا ودعته الى "تخفيف قبضته الخانقة" على الوضع اللبناني وتوسيع قاعدة مشاركة الآخرين في ادارة العملية السياسية.

الثالث، انه (الحزب) في المضمر قد شرع في ادارة لعبة خفض منسوب الاحتقان الداخلي ليتحرر من "تهمة" انه اقوى من الدولة التي هي عنده "دويلة" وانه تلقّى في الوقت عينه الدعوات التي وُجهت اليه لكي "يلبنن نفسه وخياراته". ليس جديدا القول انه سبق لسيد الحزب السيد حسن نصرالله ان اوحى باستعداده للذهاب الى خيار الرئيس "غير الاستفزازي"، اي الرئيس الذي يساعد على اعادة التواصل بين لبنان والخارج ويخفف منسوب الضغط الاقتصادي الخانق على اعناق البلاد والعباد. وبحسب المعلومات فانه قال هذا الكلام ابان الافطار الرمضاني الشهير الذي جمعه الى مائدة واحدة مع باسيل وفرنجية، وهي رسالة شاء نصرالله ابلاغها الى الشخصيتين الحليفتين، لكنه ترك لهما امر التفسير على درجة من الغموض والالتباس.

وفي كل الاحوال ثمة تطور في اداء الحزب بات ملحّاً ويتصل بمستقبل البلد والقدرة على مواجهة الآتي وهو اعظم، وان الامر يحتاج الى انفتاح اكبر والى خفض منسوب الضغط على لبنان وعزله عن محيطه.

ومهما يكن من امر يبقى هذا الكلام المنسوب الى لقاء كليمنصو الاخير يندرج في خانة الفرضيات والتأويل ويحتاج جلاؤه وتبديد الالتباس والغموض حوله الى موقف بالغ الصراحة من الحزب. ويبدو ان الحزب ليس في وارد قتل ورقة الغموض عنده، لكنه يعتقد انه اهدى الى جنبلاط من خلال الانفتاح عليه هدية تعادل الهدايا الثلاث التي ارسلها اليه سلفا.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار