"النهار"- مازن عبود
يتكلم بيتر سينغر(لن نكون متفرجين ،2022 PS) بأنّ الفرد يكون أقل مساعدة لشخص آخر إذا رأى أن أشخاصا آخرين قادرين على المساعدة يمتنعون عن تقديمها. وفي هذا "انحطاط الحضارة".
الجوّ عندنا cool، و"فوتين" تتفرج على "جوجو" يركل "نونو" حتى الموت وتمضغ علكتها من دون تعليق. قيمة المواد البترولية غير المستخرجة ستوازي يوما ما قيمة ديوننا التي تنمو. وحده غاز البحر قادر على رفع مستوى تصنيف ائتماني لدولة تفتش عن دولار يهرب منها، ولا يأتي إلا كي يعيد جمع شمل اخوته. وساستنا كبو غطّاس يخططون ويكتبون ليلا على علب سجائر تُرمى في القمامة عند طلوع الفجر.
منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي حذّرا في تقرير من مجاعة قد تؤثر على 49 مليون شخص في 46 دولة، ولبنان إحداها، وسيتأثر بارتفاع أسعار الغذاء والطاقة نتيجة الحرب في أوكرانيا.
بلد يبحث عن دولار عادي أو جمركي "فريش" أو "تشيكينغ". والدولار عالميا يُستخدم وفق نورييل روبيني (2022) لصون الأمن القومي الاميركي، مما جعله يتراجع كعملة احتياطية عالمية رئيسية، وادى الى زيادة الضغوط التضخمية عالميا وتأثيراتها لبنانيا. حتى اسطورة الاقتصاد الالماني التي ارتكزت على عمالة الصين الرخيصة والغاز الروسي بدأت تنهار، واليورو سجّل ادنى مستوياته.
عالمياً، الحكومات غير قادرة على خفض عجزها وديونها وزيادة ايراداتها، وسبيلها الوحيد لتمويل عجزها الاقتراض بالعملات المحلية، فأيام العزّ للتضخم، ونمو الاسعار وحده كفيل بالقضاء على كل الالتزامات الطويلة الامد وبمعدلات ثابتة. وهذا ما حصل في لبنان بالنسبة الى الديون المحلية.
ثمة اتجاه اليوم لزيادة الدولار الجمركي الذي سيرفد الخزينة بحفنة ايرادات مع نمو في التهرب والتهريب. فمع تمويل الرواتب نموّل ايضا التضخم والركود. نتهرب من التعافي، وأسهل العلاجات "البانادول".
مؤشرات مسار ترسيم الحدود البحرية مقدمة الحلول. السيّد نصرالله يواكب الحراك الدولي ويترجم ما يجري رسائل ومؤشرات محلية.
لا يمكن اعتبار إعادة تحريك ملف الحكومة إلا كترجمة لرغبة دولية ولمناخات استجدت مع معاودة تصدير الاغذية الاوكرانية، الى اعادة تعويم الاتفاق النووي، وصولا الى الغزل المستجد ما بين سوريا وتركيا. لا يمكن القول بانه لهو الوقت الضائع!
ثمة نقاش في اسرائيل اليوم حول الترسيم والجهة المخوّلة المصادقة عليه. فالمسؤولون هناك يتخوفون من مفاعيل الترسيم على الانتخابات، ولبنان لن يرضى بأقل من الخط 23 وحقل قانا، ويطالبون بتعويض لإقرار صفقة تتزامن مع المفاوضات النووية.
اسرائيل تفتش بعد نتنياهو عن زعيم، وهي مهتمة بسحب فتيل الحروب غير المضمونة على حدودها الشمالية. ثمة همس ديبلوماسي عن استعداد لإبعاد باخرة الاستخراج عن المناطق المتنازع عليها. فهل يسطّر العجز على ضفتيّ الحدود تفاهماً غير معلن؟
الانتخابات الاميركية النصفية ومسلسلات الانتخابات الاسرائيلية على الابواب، والمفاوضات النووية تبلغ خواتيمها، ونصرالله يستبق وصول هوكشتاين معتبراً انّ ثروتنا البحرية ليست جائزة ترضية نووية.
الصفقة النووية اوصلت العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة، فمن ستوصل مجددا في حال أُبرِمت، وهل ستمحو أي انتخابات رئاسية اميركية مستقبلية مفاعيل بايدن، فنعود الى جهنم؟
من المبكر التكلم عن المفاعيل والتأثيرات. ما يهمّ ان لا نتفرج على دولتنا تنهار، ولا يبقى العالم يتفرج علينا نموت عجزاً. المهم البدء باستثمار ثرواتنا وتحسين تصنيفنا الائتماني، فتنشّق الاوكسيجين. وننتظر هوكشتاين والحكومة والرئاسة، ونبني على الشيء مقتضاه...