"تسقط الأجساد لا الفكرة"... فاستفيقوا يا جهلة! | أخبار اليوم

"تسقط الأجساد لا الفكرة"... فاستفيقوا يا جهلة!

فالنتينا سمعان | الثلاثاء 23 أغسطس 2022

 لم يكن ذنب هؤلاء إلّا أنّهم أصحاب فكر ومبدعو كتابة، وأنّ جرأتهم في الاختلاف لم ترُق للبعض، فكان مصيرهم الاغتيال

 فالنتينا سمعان- "أخبار اليوم"

أخافتهم الكلمة وهزّتهم... فمن حسين مروة إلى سلمان رشدي مرورًا بفرج فودة ونجيب محفوظ وغيرهم من الكتّاب والمفكرين على اختلاف جنسيّاتهم ومعتقداتهم، فعلت الكلمة فعلها وأصابت، فلم يكن ذنب هؤلاء إلّا أنّهم أصحاب فكر ومبدعو كتابة، وأنّ جرأتهم في الاختلاف لم ترُق للبعض، فكان مصيرهم الاغتيال.

مساكين أولئك "القَتَلى"، فهم يجدون في محاولاتهم سبيلًا إلى الاطمئنان وإرضاءً للذّات المنغمسة في التّقوقع والتشدّد، ولكنّهم لا يدرون أنّ صوت هؤلاء سبيقى يصدح في كلّ الأرجاء حتّى ولو بعد موتهم! لا بل هم أكثر من مساكين لأنّهم لا يعلمون أنّ عملهم المشين هذا هو من سيساهم في إعلاء ذلك الصّوت وترسيخ تلك الكلمة وانتقالها من جيل إلى جيل.

مساكين أولئك "القَتَلى" لأنّهم لو جلسوا مع ذواتهم، لأيقنوا أنّها لا تفقه كلمة ممّا قالها هؤلاء، فهي جاهلة وغرائزيّة وليس بمقدورها أن تعي أو تفهم ما تقرأ أو تسمع، هذا إن حاولت! فلو فعلوا كانوا أدركوا وما حقّقوا غايات يحاربونها!

كم من النّاس قرأ "أولاد حارتنا" أو "آيات شيطانيّة"، المسبّبين الرئيسيّين لمحاولة اغتيال كلّ من محفوظ ورشدي؟ كم منهم تعمّق في مفهوم فصل الدّين عن الدّولة أو "النّزاعات الماديّة في الفلسفة العربيّة الإسلاميّة" اللّذين أوديا بحياة كلّ من فودة ومروة؟ قلّة قليلة، وربمّا يزيد عدد من سمع بالأسماء والمصطلحات، ولكن بعد محاولات القتل تلك أو النجاح بها، ذاع صيت هذه الكتب وتشوّق الناس للإطلاع عليها، فازدادت مبيعاتها وباتت تنتقل من يدٍ إلى أخرى ومن فمٍ إلى آخر، بغية معرفة مضمونها وإذا ما استحقّ كاتبها ما استحقّه، كما علت الأصوات المطالبة بالمفاهيم الجديدة "الغريبة" وانتشرت.

مساكين أولئك "القَتَلى" لأنّ تطرّفهم وتعصّبهم إنّما هو دليل ضعف وعجز، فلا يلجأ إلى العنف إلّا عديم الحجّة والبرهان، ولا يخاف مِن تضعضُع إيمانه سوى من عاش في قوقعة دينيّة وفكريّة جعلته يحفظ ما جاء في دينه عن ظهر قلب من دون أدنى صلة مع ربّه أو فهم رسائله!

لكلّ شخص الحقّ في التعبير أيًّا تكن آراؤه، ولكلّ شخص أن ينتقد هذا "الخارج عن المألوف" في إطار فكري منطقي لا "همجي"، وأن يتسلّح بالأدلّة والبراهين لا بالسّلاح والخناجر، وإن لم يفعل سيكون هو الخاسر!

...تُطعن روح الثّقافة والإبداع لتحيا من جديد، فتؤكّد أنّ الأجساد هي التي تسقط لا الفكرة، وهذا ما على "الجهلة" أن يدركوه، لعلّهم يفهمون أنّ سعيهم لخفت صوت الكلمة لن يجدي نفعًا، بل سيحقّق غايات لم تكن في نفوسهم يومًا.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار