ماكرون يختتم زيارته للجزائر بشراكة "متجدّدة".. وتركيا توجه له نقداً لاذعاً | أخبار اليوم

ماكرون يختتم زيارته للجزائر بشراكة "متجدّدة".. وتركيا توجه له نقداً لاذعاً

| السبت 27 أغسطس 2022

ماكرون يختتم زيارته للجزائر بشراكة "متجدّدة".. وتركيا توجه له نقداً لاذعاً

وتدعوه لمواجهة "ماضي بلاده الإستعماري"

انتقدت الخارجية التركية تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد تركيا وبعض البلدان الأخرى خلال زيارته إلى الجزائر، ودعته لمواجهة ما وصفته "بماضي بلاده الاستعماري" في أفريقيا.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية تانجو بيلغيج -في بيان- اليوم السبت إن تصريحات ماكرون التي استهدفت بلدنا، إلى جانب بعض الدول الأخرى، خلال زيارته للجزائر مؤسفة للغاية.

وأضاف أنه "من غير المقبول أن يحاول الرئيس ماكرون، الذي يواجه صعوبات بخصوص ماضيه الاستعماري في أفريقيا، وخاصة الجزائر، التخلص من ماضيه الاستعماري عبر اتهام دول أخرى، ومن ضمنها بلادنا".

وأردف بأن تركيا -التي تشجع على الصداقة لا العداء- تعد من بين الشركاء الإستراتيجيين للاتحاد الأفريقي، وتطور علاقاتها مع كل من الجزائر والدول الأفريقية الأخرى يومًا بعد يوم، وهذه العلاقات القائمة على الثقة والربح المتبادل تتقدم بطريقة تحترم إرادة الدول نفسها".

وقال إذا اعتقدت فرنسا أن هناك ردود أفعال ضدها في القارة الأفريقية، فعليها أن تبحث عن مصدرها في ماضيها الاستعماري وجهودها لمواصلته بأساليب مختلفة، ويتعين عليها أن تصحح ذلك.

وتابع أن الادعاء بأن ردود الفعل هذه ناتجة عن أنشطة دول ثالثة، بدلا من مواجهة مشاكل ماضيها وحلها، لا يعد إنكارا لظاهرة اجتماعية وتاريخية فحسب، بل يعكس أيضًا العقلية المشوهة لبعض السياسيين، وفق تعبيره.


وبيّن "نأمل أن تصل فرنسا إلى مرحلة النضج لمواجهة ماضيها الاستعماري من دون لوم الدول الأخرى، بما في ذلك بلدنا، في أسرع وقت ممكن".

وقال ماكرون، في تصريحات له خلال زيارته المستمرة إلى الجزائر، إن بلاده تتعرض لحملة "تشويه" تقودها شبكات تركية وصينية وروسية، بسبب تركها الساحة في أفريقيا.

وكان الرئيس الفرنسي قد زار في اليوم الأخير من زيارة للجزائر استغرقت ثلاثة أيام، كنيسة واستوديو سجلت فيها موسيقى بعض مشاهير الراي في وهران، قبل أن يعود إلى عاصمة البلاد من أجل إرساء إحياء العلاقات الثنائية بين البلدين رسميا، وزار ماكرون حصن وكنيسة سانتا كروز على مرتفعات وهران المطلة على ميناء وخليج ثاني اكبر مدينة في الجزائر، ثم انتقل إلى "ديسكو مغرب" حيث سجلت موسيقى الراي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي قبل أن تنتشر في العالم بفضل مطربين مثل الشاب خالد.

وتناول هناك ماكرون كوب شاي وهو يتحدث مع صاحب المحل صانع نجوم الراي بوعلام بن حوا (68 سنة) الذي أخبره أنه "سيتم تسجيل مواهب جديدة قريبًا في الاستوديو".

ابتسم ماكرون وهو يلاحظ شريطا قديما يحمل عنوان "دائمًا حزين".

وبعدما ظل المحل مهجورا لأكثر من عشرين سنة، أعاد له الحياة الموسيقي "دي جي سنيك" بفضل شريط مصور بعنوان "ديسكو مغرب" حقق ملايين المشاهدات.

وعند مغادرته المكان، عبر ماكرون عن سروره لكون وهران وعلامة ديسكو مغرب "لا يزالان معقلا لموسيقى الراي وثقافة شعبية وفنانين كبار"، فيما علت صيحات "ماكرون، ماكرون" من حشد تجمع لتحيته.

ووصل الرئيس الفرنسي مساء الجمعة إلى وهران، المدينة المعروفة بانفتاحها في غرب البلاد، وتناول العشاء مع الكاتب كمال داود وشخصيات أخرى من وهران.

وكان قبل مغادرته العاصمة الجزائرية، التقى رجال أعمال وجمعيات شباب طرحوا عليه أسئلة عن مشاكل التأشيرة وتراجع اللغة الفرنسية في الجزائر، والخلاف حول ملفات الذاكرة بين البلدين.

ودام الاحتلال الفرنسي للجزائر 132 سنة من 1830 إلى أن نالت الجزائر استقلالها في 1962 بعد ثماني سنوات من حرب طاحنة.

وبعد أشهر من الأزمة الدبلوماسية المرتبطة بهذا الماضي الأليم، أعلن الرئيسان الفرنسي والجزائري عبد المجيد تبون، منذ اليوم الأول للزيارة الخميس، ديناميكية جديدة في العلاقة بين البلدين.

ويختتم ماكرون زيارته بالتوقيع الرسمي على إعلان مشترك من أجل "شراكة متجددة وملموسة وطموحة" بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية، وهي نقطة أضيفت في اللحظة الأخيرة إلى برنامج الرئيس الفرنسي.

واعتبر ماكرون في تصريح الجمعة أن العلاقات مع الجزائر "قصة لم تكن بسيطة أبدا، لكنها قصة احترام وصداقة ونريدها أن تبقى كذلك، وأجرؤ على القول إنها قصة حبّ". وأشار إلى شراكة تم إنجازها "في ظل الدفع" الذي توفره الزيارة، من خلال اللقاءات المتعددة التي جرت الخميس مع تبون ووزرائه.

وأكد أنه سيعمل على "شراكة جديدة من أجل الشباب ومن خلالهم" تشمل قبول ثمانية آلاف طالب جزائري إضافي للدراسة في فرنسا ليرتفع اجمالي عدد الطلبة الجزائريين المقبولين سنويا إلى 38 ألفا.

كما دافع بقوة عن فكرة تسهيل حصول بعض الفئات من الجزائريين على تأشيرات فرنسية من أجل المساهمة في ظهور "جيل فرنسي جزائري جديد في الاقتصاد والفنون والسينما وغيرها".

وبالإضافة إلى ملف الذاكرة حول الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830-1962)، تسببت قضية التأشيرات في تعكير العلاقات بين البلدين، بعد أن خفضت باريس بنسبة 50 بالمئة عدد تلك الممنوحة للجزائر، مشيرة إلى عدم تعاون هذا البلد في استرجاع مواطنيه المطرودين من فرنسا.

وقال ماكرون إنه ناقش هذه المسألة "مطولاً" خلال اللقاء مع تبون وتم تكليف الوزراء بمتابعة الموضوع بهدف محاربة الهجرة غير الشرعية وفي الوقت نفسه تسهيل الإجراءات بالنسبة لـ"مزدوجي الجنسية والفنانين ورجال الأعمال والسياسيين الذين يعززون العلاقات الثنائية".

وتم الإعلان عن تشكيل لجنة مشتركة من المؤرخين الفرنسيين والجزائريين "للنظر معًا في هذه الفترة التاريخية" من بداية الاستعمار وحتى نهاية حرب الاستقلال، "بدون محظورات".

وصدرت انتقادات للرئيس الفرنسي من قبل الطبقة السياسية الفرنسية من اليسار إلى اليمين المتطرف، بعد إعلان تشكيل لجنة المؤرخين، ما يشير إلى أن الجروح لم تندمل في المجتمع الفرنسي.

وكتب زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور على تويتر، أن إيمانويل ماكرون قال في 2017 إن "الاستعمار هو أول جريمة ضد الإنسانية" و"في عام 2021 تساءل عن وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار". ورأى أن "ضعف تعامل رئيس الجمهورية (مع الملف) يهين الذاكرة الجريحة".

وأما النائب عن التجمع الوطني (يمين قومي) توما ميناجيه، فرأى أن "الرئيس خلد إلى النوم" بإعلانه عن اللجنة المشتركة، مؤكدا أنه على الجزائر الكف عن "استخدام الماضي حتى لا تقيم صداقة ودبلوماسية حقيقية".

وفي الجزائر أيضًا، لم تكن الزيارة محل إجماع. فقد كان العديد من الجزائريين ينتظرون اعتذارًا رسميًا من الرئيس الفرنسي عن الاستعمار وعن تصريحاته في خريف 2021 عندما شكك في وجود أمة جزائرية قبل الغزو الفرنسي في حزيران 1830.

وكتبت صحيفة "لوسوار دالجيري" الناطقة بالفرنسية في عددها السبت أن "التاريخ لا يمكن أن يكتب بالأكاذيب". واضافت "من أكبر الأكاذيب أن نقول إن الجزائر من صنع فرنسا؟ كنا ننتظر أن يمحو ماكرون هذه الكذبة الفاضحة خلال هذه الزيارة".

ورأت أن ماكرون يفتقر "للشجاعة من أجل الاعتراف بأخطائه وأخطاء بلاده".

أما صحيفة الشروق فاعتبرت ان مبادرة ماكرون وتصريحاته ما هي سوى "خطوة إلى الوراء على طريق الذاكرة"، بما انه لم يقدم أي جديد بالمقارنة مع أسلافه.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار