تحويل اللّيل الى نهار... الحلول اللبنانية "المستحيلة" ولو انقلب القمر الى شمس؟!

حبيقة: لم نفهم حتى الساعة ماذا حلّ بالسّدود وبالخطط المرتبطة بها

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

مؤسف أن يكون بعض العمل الرسمي (القليل أصلاً)، والمناطقي (الأقلّ منه)، على ملفات البيئة، والتنمية المستدامة... في عام 2022، بالمعايير نفسها لتلك التي كانت تتحكّم به، خلال سنوات ما قبل الأزمة الاقتصادية، والأزمات العالمية التي تسبّبت بها الحرب الروسية على أوكرانيا.

أكثر

فإذا تحدّثنا مع أحد "العارفين" بمجال البيئة، قد لا نسمع منه بالإجمال، سوى ما يتعلّق بالنّفايات، وبالطُّرُق السليمة لكيفية التخلّص منها، وبكيفيّة عَدَم التسبُّب بتلويث الأنهار، والمياه الجوفيّة... أو الغابات، وهذا كلّه ممتاز، وضروري.

ولكن حاجات الأجيال القادمة الى ما هو أكثر، تتضاعف، لا سيّما على مستوى السلوكيات "الأكثر صداقة"، من جانب الوزارات، ومختلف المصالح الرسمية، والبلديات... تجاه الثروات الطبيعية والناس معاً، وبما يمكنه أن ينسجم مع كل ما يتعلّق بالطاقات المتجدّدة التي سندخل في ركبها أكثر، مع مرور السنوات؟

المياه

فعلى سبيل المثال، ماذا عن جعل ساعات تغذية المناطق والمنازل بالمياه، مُتناسقة أكثر مع ضرورات وشروط "التحوّل الطاقوي" مستقبلاً، وبما يمكّن من الاستفادة من الاثنَيْن معاً، في الاستعمالات المنزلية؟ فالطاقات النّظيفة، ليست مثل "الأحفورية"، أي انها محدودة بما توفّره الطبيعة منها يومياً، أو فصلياً، وهي تحتاج الى سياسات "طاقوية"، تدمج بينها وبين الكهرباء التي تعتمد على "المحروقات التقليدية"، بما يمكّن الناس من الاستفادة من كل شيء.

تنويع

أشار الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة الى أن "البلد يعاني من فوضى في إدارة المرافق العامة، على صعيد كل القطاعات. وهي فوضى مستمرّة مع الأسف، كما يبدو، فيما لا شيء يضمن إمكانية تحسين الأداء ولو قليلاً، بموازاتها. وما تسبّبه أزمة رواتب الموظّفين في القطاع العام من مشاكل وإضرابات حالياً، تأتي لصالح التذرّع بها، واستعمالها كحجّة تُعتمَد لتبرير عَدَم القيام بأي إنتاجيّة ملموسة في أي مجال".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "التحوّل نحو الطاقات المتجدّدة هو أمر ضروري وحتمي، ولكن كلفته كبيرة جدّاً، مع ضرورة الوعي الى أنه لا يُمكن الاتّكال على الطاقة الشمسية مثلاً بنسبة 100 في المئة، وذلك لأنها مستحيلة خلال اللّيل، ومحدودة بساعات معيّنة في اليوم الواحد، سواء في فصل الشتاء، أو حتى خلال فصل الصيف. فضلاً عن أن طاقة الرياح قادرة على التسبُّب بمشاكل في الأذن، وفي الرأس لدى الإنسان، وهو ما تبيّن في الأماكن السكنية المحيطة بتركيز التوربينات الهوائية في الخارج. وبالتالي، نحن أمام مستقبل من التنويع في مصادر الطاقة، عبر اعتماد الطاقات المتجدّدة، بموازاة دعمها بالمحروقات التقليدية. وهذا يجب أن يحدّد السلوكيات الرسمية والخاصّة في كل شيء مستقبلاً".

سدود

وأوضح حبيقة أن "حالة من الضّياع في مجال الطاقة، أصابت العالم عموماً، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. فبعدما أقفلت أوروبا أبوابها أمام مصادر الطاقة الروسية، ها هي روسيا تحرق غازها، لأنها عاجزة عن إيجاد أسواق بديلة له. فيما عاد التوجّه العالمي، خصوصاً في الدول الصّناعية الكبرى، نحو الطاقة النووية السلميّة. ولكن تلك الأخيرة تحتاج الى صيانة، وهذه مُكلِفَة بدورها".

وأضاف:"لبنان قادر على الاعتماد على طاقة المياه. ولكن توجد مشكلة، وهي أنه حتى الساعة، لم نفهم بَعْد ماذا حلّ بالسّدود، وبالخطط المرتبطة بها، وسط الكثير من الكلام المُتضارِب والمُتناقِض في شأنها، من جانب أكثر من فريق. وهذا يعني أننا، في المدى المنظور، والذي سيستمرّ لسنوات قادمة، لن نتمكّن من الاستغناء عن النّفط والغاز في لبنان، بموازاة اعتماد الطاقة الشمسيّة لزيادة ساعات التغذية الكهربائية فقط، وليس كحلّ جذري".

أسعار مُخفَّضّة

وردّاً على سؤال حول ضرورة اعتماد أسعار مُخفَّضَة للكهرباء، خلال فترات اللّيل مثلاً، مقارنةً من أسعارها نهاراً، كما هو الحال في عدد من بلدان الخارج، بما سيُفسح المجال للناس بالاستفادة منها على أكثر من مستوى، أجاب جبيقة:"هذا ضروري طبعاً. ولكن القلق من الفوضى، ومن قلّة الجديّة، ومن انعدام تحمُّل المسؤولية، التي قد تخرّب الكثير على هذا المستوى مستقبلاً".

وشرح:"تحويل ساعات الليل للأعمال البيتيّة، بما يمكّن من توفير الكثير على صعيد فواتير الكهرباء، قد يُستتبَع بقلّة إنتاجيّة لدى بعض الموظّفين، بسبب التّعب، أو بغياب بعضهم عن وظائفهم. وهو ما يمكنه أن يؤسّس لكثير من الفوضى".

وختم:"عَدَم الفوضى يجب أن ينسحب على المواطنين والدولة معاً. ولكن رغم ذلك، إقرار تعرفة كهربائية ليليّة بنسبة أدنى ممّا هي عليه نهاراً، هو أمر واجب، مع ضرورة أن يبدأ ذلك بتحديث الشبكة، وبزيادة التّعرفة أوّلاً".