ما الهدف الأبعد من لقاءات نصرالله مع قيادتَي "الجهاد" و"حماس"؟ | أخبار اليوم

ما الهدف الأبعد من لقاءات نصرالله مع قيادتَي "الجهاد" و"حماس"؟

| الأربعاء 31 أغسطس 2022

  "غلطة لن تتكرر" وغداً يوم آخر وعهد آخر مختلف

"النهار"- ابراهيم بيرم

كان من البديهي ان يسارع الخبراء والمحللون الامنيون في اسرائيل الى إدراج اللقاءات التي عقدها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله اخيرا مع وفد من قيادة "حركة الجهاد الإسلامي" في فلسطين برئاسة الامين العام زياد نخالة ومن ثم مع وفد من قيادة حركة "حماس" برئاسة المسؤول الثاني في اقليم الخارج المقيم في بيروت صالح العروري، في خانة "التنسيق لتصعيد قريب ومتزامن بين الضفة الغربية وغزة ولبنان". فالتوجس والظهور بمظهر المستهدَف دوما سيّد الخطاب الاسرائيلي، خصوصا اذا كان الامر متصلا بلقاءات لثلاث قوى اساسية في "محور المقاومة"، وفي وقت تحتدم الاوضاع على اكثر من جبهة من جبهات الاقليم، وفي وقت مطلوب من الحزب ان يقدم براهين وأدلة تظهر انه يقظ ومستعد وجاد لأي مواجهة محتملة مع اسرائيل على خلفية الترسيم البحري.

فضلاً عن ذلك، فان التنسيق العسكري وفق الكلام الاسرائيلي لا يتم عادة في مثل هذا النوع من اللقاءات وعلى هذا المستوى، ويتعين تلقائيا ان لا يكون امام الاضواء والعدسات الساطعة كواقع الحال خلال الساعات الماضية.

وبناء على هذه المقدمات التي تفترض ان امر التنسيق الامني والاستراتيجي تحضيرا واستعدادا لمواجهات مع عدو لديه هذه الآلة العسكرية الضخمة، لا يصح ان يكون موسميا ولا يمكن التعاطي معه بهذه الخفّة. لذا فان هذه اللقاءات الثلاثة اللافتة مكانا وزمانا تتعدى بطبيعة الحال التنسيق العسكري تحضيرا للمواجهات في مسرح عمليات له هذا الامتداد الجغرافي الواسع (غزة والضفة الغربية ولبنان) ليكون حدثا مرتبطا بمكان آخر وشأن مختلف.
وعليه، فان اللقاءات وفق تقديرات العارفين ترتبط بشكل وثيق بتداعيات الحرب الاسرائيلية الاخيرة على غزة وقطاعها وتخلّف حركة "حماس" عن المشاركة وتقديم الدعم والاسناد لحركة "الجهاد" التي بدت في وضع المتفرد الاول بالمواجهة والرد وفي وضع المستهدف الاول من اسرائيل.

استنكاف الحركة ذات الاصول "الاخوانية" (تأسست على اساس انها الفرع الفلسطيني لجماعة "الاخوان المسلمين") عن إسناد ميداني يثبت لـ"حزب الله" مقولة "وحدة الساحات" الحائلة دون استفراد جهة بعينها فيما الآخرون يكتفون بـ"عدّ العصي".

واقع الحال الذي فرض نفسه خلال الايام الثلاثة (55 ساعة) من الحرب الاسرائيلية على غزة وقطاعها، سفَّه تماما نظرية الترابط تلك التي عُدّت تطوراً وترقياً في أشكال المواجهة والتلاحم، وقد بدت "حماس" المفترض انها قائدة المحور فلسطينيا، وكأنها نأت بنفسها عن المواجهة الاخيرة. وسواء كان هذا النأي بعِلم كل المعنيين كما اشيع او من دون علمهم وفق ما تبدى لاحقا، فان الوقائع والمعطيات تظهر ان شريحة كبرى في قاعدة محور المقاومة والممانعة وشريحة لا يستهان بها في الشارع الفلسطيني قد "هالها" الامر وراعها الحدث وما تكشّف عنه من نتائج فما لبثت ان بدأت توجه نظرات الريبة واصابع الاتهام نحو الحركة الباسطة حكمها وسلطتها على غزة منذ ان أُجلي الاحتلال عنها، والتهمة الصريحة هي "التقصير المتعمد المشبوه" من جانب الحركة الجهادية الاعرق (يعود تأسيسها الى اواسط عقد الثمانينات)، الى درجة انه في حيّ الشجاعية المعروف بانه معقل المقاومة في غزة ثمة وجيه صعد الى المنبر ليدعو الى تصفية الحساب يوما ما مع "حماس المقصرة المتخاذلة"، ما اثار لغطا ما انفكت فصوله تتوالى الى الآن.

ولا شك في ان هذا الامر ايقظ في وجدان كثر هواجس بعدما تناهى الى العِلم ان ثمة ضغوطا كبرى قد مورست سابقا على "حماس" المتحمسة لإعادة وصل ما انقطع مع النظام في دمشق وللانخراط اكثر فأكثر تحت عباءة المحور الايراني بغية ثنيها عن الاندفاع قدماً في هذا السلوك الذي يعني قطيعتها مع جهات وجماعات "اخوانية" المنشأ والتوجه وجماعات سنية. وثمة من يستنتج قياسا على التطورات الاخيرة ان هذه الضغوط الحادة قد فعلت فعلها في الحركة الموزعة بين بيروت وطهران والدوحة وتركيا مع امتدادات الى عمق النسيج الاجتماعي والسياسي المصري والمغاربي.

لذا بدت حركة "حماس" في الآونة الاخيرة وكأنها امام امتحان واختبار صعب اذ كان عليها ان تثبت بشكل ما انها بدأت تكبح جماح اندفاعتها وتترك مسافة بينها وبين المحور اياه، او ان عليها في أسوأ الاحوال ان تثبت انها لم تسلّم زمامها كليا لأبرز اركان هذا المحور، اي طهران، او انها صارت ملحقة بـ"الجهاد" وما تمثل من خيارات. وهكذا نجحت "حماس" عند الذين يطالبونها ببرهان وعربون على الافتراق والتمايز، لكنها يبدو وكأنها رسبت عند جمهور المحور اياه وعند القاعدة الفلسطينية التي ما زالت قابضة بشدة على جمرة المقاومة.

رد الفعل على الاداء الاخير لـ"حماس" كان اكبر مما يمكن تجاوزه باعتباره "غلطة لن تتكرر" وغداً يوم آخر وعهد آخر مختلف.

وهنا أتى دور السيد نصرالله، اذ توجه اليه عدد من الحاسمين ولاءهم وخياراتهم في داخل قيادة "حماس" طالبين منه المسارعة الى استيعاب التداعيات، فكان ان وضع خطة ممنهجة بلوغاً لهذه الغاية تقوم على الخطوات المتدرجة الآتية:

- لقاء موسع بين قيادتي "الجهاد" و"حماس" في بيروت انتهى ببيان يدحض كل اتهام للحركة بالتقصير ويؤكد انها ما انفكت حاضرة في الموقع المعهود عينه.

- ثم لقاء بين نخالة ونصرالله، اعقبه اخيرا لقاء بين نصرالله والوفد القيادي من "حماس" برئاسة العروري.

- الى جانب ذلك، تولت "الجهاد" حملة مضادة لنفي اي تباين بينها وبين "حماس" ولدحض اي اتهام لها بالتخاذل وعدم النصرة عند الحاجة، وان الامر كان عبارة عن حسابات ميدانية اقتضت الاستنكاف عن الدخول الموسع والاكتفاء بدخول محدود على خط المواجهة.

- وفي المقابل، تتعهد "حماس" تقديم براهين تثبت انها ما غادرت الميدان وليست بصدد الانسحاب من المحور اياه.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار