"الاتّفاق الرباعي" بصيغة جديدة | أخبار اليوم

"الاتّفاق الرباعي" بصيغة جديدة

| السبت 03 سبتمبر 2022

 يحضر السُّنة المتضررون من عهد عون

"النهار"- غسان حجار

ولّى عهد "الرئيس القوي" ميشال عون، وما بعده ليس كما معه حتماً، بل ستدخل البلاد في مرحلة جديدة مجهولة، اذ ان المعادلات التي حملت عون الى بعبدا تبدلت كثيرا. ولن يكون في وسع رئيس حزب " القوات اللبنانية" سمير جعجع، الاقوى مسيحياً راهناً، ملء هذا الفراغ في العلاقة مع الآخرين، لأنه لا يزال مرفوضاً من قوى 8 آذار، ومنبوذاً حالياً من قوى سابقة في 14 آذار.

المرشح الأقرب الى بعبدا رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية ينقصه التمثيل والغطاء المسيحي الواسع، وقائد الجيش العماد جوزف عون، الاسم المتداوَل ايضا للرئاسة، ليس لديه تمثيل أصلاً، إلا اذا تحوّل بين ليلة وضحاها، "من فرح الناس جايي" وهلّلت له الأبواق من كل صوب ليعتبر أنه الأكثر تمثيلاً، تماماً كما حصل مع العماد إميل لحود عندما روّجت له ماكينة إعلامية استخباراتية (سورية لبنانية)، جعلت الرئيس حافظ الأسد يقول آنذاك للرئيس الياس الهراوي "ان لحود يمثل إرادة أكثرية اللبنانيين".

بخروج الرئيس عون من قصر بعبدا، غير قوي، بل منكسراً مع تياره "الوطني الحر" ومشروعه "الإصلاحي والتغييري"، ثمة فراغ كبير على الساحة المسيحية، لأن عون، برغم أخطاء فريقه وحاشيته، كان قادراً على التواصل مع الفريق الأفعل على الأرض، وفي السياسة، أي "حزب الله"، منطلقاً من تفاهمه معه، وايضا من تاريخه وتمثيله الشعبي الواسع، وإن متراجعاً.
لكنّ أياً من الآخرين لا يملك تلك المؤهلات، وبالتالي، فإن هذا الغياب يمكن أن يعوَّض بعودة الى "اتفاق رباعي" مختلف التركيبة عن العام 2005، يحفظ "التوازنات" في البلد. ولم تكن "التكويعة" الأخيرة لرئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إلا لتصبّ في هذا التوجه. فخطوته ليست عبثية أو آتية من فراغ، بل إن من دفعه اليها هو حتماً الرئيس نبيه بري، الذي، وبالتنسيق الكامل مع "حزب الله"، يسعى الى جمع عدد من القوى المؤثّرة في التطورات المقبلة، ومنها استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

"الاتفاق الرباعي" الجديد، وفي غياب الرئيس سعد الحريري أيضاً، سيجمع "أمل" و"حزب الله"، والتقدمي الاشتراكي، الى سنّة 8 آذار شكلاً، وسنّة دار الفتوى ضمناً، اذ يعتبر هؤلاء أنهم متضرّرون من عهد الرئيس ميشال عون، ويجدون ضمانتهم في اتفاق الطائف الذي يحمل الرئيس بري لواءه.

هذا التحالف المستجد، سيضع المسيحيين مجدداً "على الرفّ"، أو سيعيدهم الى تسعينات القرن الماضي، زمن الوصاية السورية "الرسمية" بتكليف أميركي، أي خارج اللعبة، أو أن يجعلهم في نضال يومي من أجل البقاء على قيد الحياة والمشاركة الوطنية، اذ هم منقسمون في ما بينهم ولا يحظون بأي دعم خارجي فعلي، وبالتالي تزداد حاجتهم الى الآخرين.

فـ"التيار الوطني الحر" فقد بريقه وتمثيله، وهو سينكفئ أكثر بعد نهاية العهد، وما يجري حالياً من فصول في عملية تأليف الحكومة، ليس سوى النموذج لما ستكون عليه حال العلاقة معه.
ولا يجد حزب "القوات اللبنانية" حليفاً بعد الطلاق مع "المستقبل" والاشتراكي و"التيار" والكتائب و"المردة"، وقد يتحول الى "قوة تعطيل" لا تليق بمبادئه. أما حزب الكتائب فقد خسر رهانه في الانتخابات النيابية الأخيرة، فانكفأ في انتظار ظروف أفضل.

أمام هذا الوضع المستجد، تبقى بكركي شبه وحيدة بالمرصاد، ويمكن أن تستعيد زمن البطريرك الكبير نصرالله بطرس صفير، فتجاهد لإعادة ترسيم الحدود مع الشركاء في الوطن ضمن "عقد اجتماعي جديد" طالب به البطريرك بشارة بطرس الراعي في بداية حبريته.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار