لا حرب ما لم تحرج إسرائيل الحزب | أخبار اليوم

لا حرب ما لم تحرج إسرائيل الحزب

| الخميس 15 سبتمبر 2022

مصلحة مباشرة لعون بالحصول على انجاز ما

"النهار"- روزانا بومنصف

تفيد معلومات ديبلوماسية ان الاميركيين يسعون بقوة من اجل انجاز ملف الترسيم الحدودي بين لبنان واسرائيل قبل موعد الانتخابات الاسرائيلية في مطلع تشرين الثاني المقبل من اجل ان يسجل ذلك انجازا لرئيس الحكومة الاسرائيلية يائير لابيد قبل هذه الانتخابات وتجنبا لعودة بنيامين نتنياهو الى رئاسة الحكومة المقبلة في اسرائيل . هم تاليا في حاجة الى اعطاء هذا النجاح للابيد باي ثمن ويحاولون انجاز هذا الاتفاق في اي شكل من الاشكال لهذا السبب الاساسي، بالاضافة الى ادراكهم مدى حاجة لبنان الى انجاز من هذا النوع ايضا ومحاولة اعطائه فرصة للامل بالمستقبل والتغيير. واستخدم لبنان ذلك من اجل الحصول على اقصى ما يمكنه الحصول عليه تحت السقوف المرسومة اصلا بعناوين كبيرة. يضاف الى ذلك ان هناك مصلحة مباشرة ايضا لرئيس الجمهورية ميشال عون بالحصول على انجاز ما، وبهذه الاهمية، في الايام الاخيرة من عهده قبل مغادرته قصر بعبدا في نهاية ولايته في 31 تشرين الاول المقبل، فلا يخرج متهما بالانهيار فحسب.

و"حزب الله" تموضع مسبقا منذ اجل ان تكون له حصة كبيرة في هذا الانجاز يستطيع استثمارها في المرحلة المقبلة عملانيا وسياسيا تحت وطأة التهديد بالحرب في حال استثمرت اسرائيل منفردة في كاريش. علما ان الحزب يدرك صعوبة الذهاب الى اي حرب حتى لو فرضت عليه. وهو يصعب عليه ان يمانع ايضا في الوصول الى اتفاق حول الترسيم لانه يستطيع ان يرى بوضوح مدى التدهور الذي يعاني منه لبنان واللبنانيون وسيكون مسؤولا عنه ربما اكثر من مسؤولية الاخرين كونه صاحب التهديدات من جهة وكون المزيد من الانهيار سيقع على عاتقه فيما الجانب الاخر يتصل باداء السلطة التي يشكل جزءا مؤثرا فيها، بالاضافة الى مسؤوليته عن شطحات العهد حليفه في المرحلة المقبلة.

ولذلك فان خطر الحرب ليس كبيرا ولم يكن كذلك لا سيما ان الرسائل الداخلية من الاطراف السياسية، كما الرسائل الخارجية، كانت حاسمة في لفت الانتباه الى عدم القدرة على تحمل اي تهجير لابناء الطائفة الشيعية من الجنوب ولا لاي مستشفيات ان تستوعب الجرحى والضحايا . وعدم قدرة اللبنانيين على التحمل امر يدركه الحزب جيدا ولن يكون تحت الضغط للذهاب الى حرب الا اذا وجد نفسه محرجا جدا بعدما رفع سقف تهديداته وان الاسرائيليين احرجوه الى حد كبير وبدأوا باستخراج الغاز وتصديره على نحو يجوف مضمون مواقف الامين العام للحزب ويضعفه امام بيئته وامام اللبنانيين.

ولكن الرسائل من اسرائيل على تناقضها والتي تتناقلها وسائل الاعلام الاسرائيلية لا توحي اطلاقا بالذهاب في هذا الاتجاه اي احراج السيد حسن نصرالله فيما بات شبه واضح تأخير استخراج الغاز حتى منتصف تشرين الاول او اخره، ما يعني الافساح في المجال امام الاميركيين لانجاز اتفاق الترسيم الحدودي بين البلدين من دون اهمالهم الاستفادة من التهديدات من هنا وهناك لتسريع حصول هذا الامر .

ويبدو انه سيكون لانجاز الترسيم تبعا لذلك اباء كثر غير الاميركيين باعتبار ان مساهمات الاطراف تجاوبا وتعاونا ايضا تحتسب في هذا الاطار، انما مع سؤال كبير اذا كان انجاز الترسيم سيتم توظيفه بسرعة في لبنان في محاولة انهائه ام تضييعه وتمييعه تمهيدا لاقتسام الحصص الطائفية والحزبية والسياسية . فاذا لم يصر الى انجاز الانتخابات الرئاسية في موعدها وتأليف حكومة فاعلة على الاثر، يخشى ان يضمحل المفعول الايجابي لاتفاق الترسيم سريعا لا سيما في ظل انعدام الثقة كليا بالطبقة السياسية الحاكمة والمقررة في البلد، خصوصا اذا لم تواكب هذه الفرصة بتغيير سياسي ملموس عبر انتخاب رئيس للجمهورية مستقل ومقبول من الجميع .

وهاتان النقطتان لا تبدوان في الافق المنظور لان الفراغ يبدو الاكثر ترجيحا لا سيما في ظل اقتناع بانه يناسب على الاقل طرفين مؤثرين من اطراف السلطة الحالية اي التيار العوني الذي يأمل رئيسه بتغيير الظروف لمصلحته في المدى المتوسط او البعيد نسبيا، كما كانت الحال بالنسبة الى الرئيس عون نتيجة التحولات الاقليمية المرتقبة على الاقل، و" حزب الله" الذي لن يمانع في الفراغ بل يحبذه لانه ربما يعطي فرصة لنفسه ولايران الى ما بعد العودة الى العمل بالاتفاق النووي الايراني المرجح بعد الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي في الاسبوع الاول من تشرين الثاني المقبل.

فمع تحقيق الاميركيين انجاز الترسيم والاطمئنان ربما الى الوضع في اسرائيل، والعودة الى الاتفاق النووي، فان الاميركيين البعيدين اصلا عن المنطقة والمبتعدين اكثر فاكثر، قد ينصرفون عن المنطقة غير المتناغمة معهم جدا لا سيما في الاصطفاف الى جانبهم ضد الحرب الروسية على اوكرانيا .

ومؤدى ذلك ارتياح ايراني اكبر لوضع طهران في المنطقة ما قد يساعد الحزب في تعزيز اوراقه من اجل ايصال رئيس للجمهورية من محوره لا سيما اذا تواصل الانهيار اكثر وتعب اللبنانيون اكثر بحيث يستسلمون لمجيء اي رئيس ايا يكن كما فعلوا بالنسبة الى الاستسلام لوصول عون بعد عامين ونصف عام من التعطيل . يضاف الى ذلك ان قوى المعارضة والمستقلين لم يظهروا القدرة حتى الان على الاجماع على موقف موحد وليس على مرشح محتمل، ما قد يفقدهم فرصة للتغيير لا سيما في ظل خلل فاضح في التوازن السياسي عملانيا ويحتمل ان يزيد اكثر في الاشهر المقبلة .

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار