ما دلالات كلام نصرالله عن مخاطر "تعديل مهمّات" اليونيفيل؟ | أخبار اليوم

ما دلالات كلام نصرالله عن مخاطر "تعديل مهمّات" اليونيفيل؟

| الإثنين 19 سبتمبر 2022

ما دلالات كلام نصرالله عن مخاطر "تعديل مهمّات" اليونيفيل؟
  الوقائع والمعطيات  لا تبيح لها افتعال أي إشكالات وتوليد مناخات عنف

"النهار"-ابراهيم بيرم

كان منتظراً أن يتطرّق الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمته أول من أمس الى تعديل مجلس الأمن لمهمّات القوة الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل)، والاحتمالات السلبية لمثل هذه الخطوة على رغم التطمينات والوعود الأممية والمحلية التي قُدّمت وفي مقدمها من قيادة "اليونيفيل" نفسها التي أعلنت بلسان صريح أن هذا التعديل لن يغيّر في واقع الحال المعمول به منذ أعوام في منطقة عمل هذه القوة جنوبي الليطاني، التي حرصت على ديمومة العلاقة السلسة والمرنة والمثمرة بين وحدات هذه القوة والسكّان لأن هذا المبتغى من صلب مهمّات القوة إنفاذاً للقرار الأممي الرقم 1701 وهو القرار الذي انطوى أصلاً على نوع من "الوصاية" من الجيش على تحرّكات هذه القوة .

فالحزب ما انفك يعتبر أن "حرّية الحركة" لهذه القوة من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني، هي في الأساس مطلب دأبت جهات عدة (إسرائيل وأميركا ودول أوروبية) مع كل تجديد روتيني لهذه القوة في مجلس الأمن على إمراره منذ أعوام، وكان الاعتراض الرسمي اللبناني والرفض الروسي والصيني يحبطه ويحول دون إمراره. وبناءً على ذلك فإن الحزب وجد في التعديل الحديث عنصر مباغتة وانزعاج كبيرين خصوصاً أنه كان في مناخ معاكس، إذ كان ينام على معطيات توحي بأن التمديد سيكون روتينياً ووفق الآلية المتّبعة. لذا بادر الحزب فور صدور القرار الى تنظيم حملة اعتراض مزدوجة:

– تحميل إمرار قرار التعديل الى ثلاث جهات رسمية هي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب ومندوبة لبنان في الآمم المتحدة آمال مدللي باعتبار أن ما جرى هو في إطار مسؤوليتهم تماماً.

ولاحقاً احتوى الرئيس ميقاتي في لقاء عقده مع مساعد الأمين العام في الحزب حسين الخليل غضب الحزب إذ أوضح للخليل أنه لا علم له بالأمر ولم تكن له توجيهات في هذا الشأن.

وعلم الحزب لاحقاً من مصادره الخاصّة أن مدللي أبلغت بوحبيب قبل أيام من صدور القرار أنها تشتمّ رائحة تعديل القرار داعية الى حراك رسمي من بيروت للحيلولة دون ذلك. وأتت تعليمات بوحبيب الى المندوبة ضمن الآتي: تصرّفي حسب معرفتك وقومي أنت بمهمّة الاتصالات التي ترينها مناسبة، فكان ردّها أن دورها لا يكفي لإبعاد التعديل وأن المطلوب تحرّك أشمل لمنع المحظور وهذا ما لم يتحقق.

وبناءً على ذلك استقرّ الحزب لاحقاً على استنتاج فحواه أن "الأمر مزيج من إهمال وترهّل واستخفاف موصوف في الإدارة الديبلوماسية من جهة "وقبّة باط وتطنيش" من جهة وزارة الخارجية المعنيّ الأول من جهة أخرى "خصوصاً أن معلومات الحزب تشير الى أن صيغة التعديل قدّمتها ثلاث دول بينها دولة عربية خليجية وأن اتصالات جدّية لم تجر مع روسيا والصين وفرنسا".

– ردة فعل حادّة تنديداً بالتعديل ورفضاً له، تولّاها أحد قياديي الحزب الشيخ محمد يزبك الذي رأى أن القرار المعدّل يحوّل قوة اليونيفيل الى "قوة احتلال" وأن الحزب لن يسكت.

وبادرت حركة "أمل" الى الخروج عن صمتها وأعربت بلسان مكتبها السياسي أن للتعديل مفاعيل سلبية بالغة الخطورة على الاستقرار في الجنوب.

وأُردف الموقفان بتصريح "ناري" صادر عن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أطلق فيه سيلاً من الاتهامات والتحذيرات من تداعيات هذا التعديل...

ولاحقاً حملت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات قديمة تنطوي على مشاهد من اشتباكات وأعمال عنف متبادلة جرت قبل نحو عامين ونصف عام بين دورية لليونيفيل وأهالي بلدة مجدل زون في قضاء صور، وقد عُدّ نشر هذا الفيديو بمثابة رسالة تحذير بل وتهديد.

وعلى الأثر بادرت قيادة اليونيفيل في الناقورة الى إصدار بيانها الشهير الذي أعلن بوضوح أن التعديل في المهمّات لا يعني تعديلاً في الاستقرار أو فتحاً للباب أمام المشاكل بل إن الأمور سائرة على النحو المعهود.

ولاحقاً سرت معلومات مفادها أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم رعى في الظلّ "تفاهماً" غير مباشر بين القوة الدولية والحزب أعطت بموجبه القوة تطمينات أكيدة بأن لا نيّة لديها للخروج عن منوال الأمور المعروف وأن القرار قابل للتعديل في آب العام المقبل وأن المطلوب التعامل مع الواقع بالتي هي أسلس.

وبناءً على ذلك سرى اعتقاد فحواه أن القرار "المعدّل" هو في حكم المعلق لأن الهدف الأساس للقوة هو بعث الاستقرار في منطقة عملياتها. وثمة من أفاد بأن القوة أبلغت من يعنيهم الأمر بأن آلية عملها قبيل القرار الجديد كانت تقوم على أساس أن قيادة الناقورة تتولى في مطلع كل أسبوع إحاطة لجنة الارتباط في الجيش معها علماً بالدوريات التي ستسيّرها طوال أيّام الأسبوع. وفي معظم الأحيان كان الجيش لا يرافق هذه الدوريات بدورية من لدنه لأنه لا يملك إمكانيات المواكبة، فكلا الطرفين يسعيان الى ترسيخ الاستقرار لا افتعال الإشكالات، لذا فلا بأس من إدامة العمل بهذه الآليّة.

ومع ذلك فإن السؤال المطروح: هل صار "حزب الله" مقيماً على اطمئنان بعد كلّ هذه التطمينات الآتية إليه؟ يبدو حسب التحليلات أن كلام السيد نصرالله الذي تناول هذه المسألة في إطلالته الأخيرة هو بمثابة "فصل الخطاب وزبدة القول". وهو وإن كان كلاماً حمّال أوجه فإنه أتى سلساً فحواه "إن عدتم عدنا ". وفي المحصّلة، فإن "حزب الله" وإن كان لا يركن الى وعود لكنه في المقابل على يقين من أن الوقائع والمعطيات في منطقة عمل اليونيفيل لا تبيح لها افتعال أي إشكالات وتوليد مناخات عنف خصوصاً مع القائد الحالي للقوة الذي ثمّة تقييم له بأنه إيجابي وسلس ومتفهّم.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار