بعثة صندوق النقد تطالب بتفسيرات لأسباب التأخير في بعض الإجراءات... | أخبار اليوم

بعثة صندوق النقد تطالب بتفسيرات لأسباب التأخير في بعض الإجراءات...

| الثلاثاء 20 سبتمبر 2022

وكلام لبناني مطمئن عن قرب إقرار التشريعات المطلوبة


 "النهار"- موريس متى

على وقع الانهيار المتسارع للكثير من القطاعات بالتوازي مع تحليق سعر صرف الدولار في السوق السوداء ملامسا 39 الف ليرة، حطّت في مطار بيروت طائرة بعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان برئاسة ارنستو ريغو راميريز حاملة معها تساؤلات حول مصير ما تعهده لبنان في الاتفاق الاوّلي على مستوى الخبراء الذي وقعته الحكومة اللبنانية مع الصندوق مطلع نيسان الفائت، ولم يطبق حتى الساعة اي من الخطوات الاصلاحية الاساسية الواردة في الاتفاق.

بالنسبة الى الصندوق، لبنان تأخر كثيرا في إنجاز ما طُلب منه ويسير ببطء شديد في ما يتعلق بالإجراءات الاصلاحية، وهذا ما دفع بعثة الصندوق الى زيارة بيروت والاستماع الى "تبريرات" المسؤولين حول التأخير الحاصل. فالاتفاق الاولي الذي تم التوصل اليه يجب ان يمهد الطريق للتوقيع على الاتفاق النهائي حول برنامج تمويلي للبنان مدته 46 شهرا بقيمة 3 مليارات دولار يمكن اعتباره تأشيرة للدول المانحة لإعادة لبنان إلى الخريطة العالمية المالية. وقد تعهدت السلطات اللبنانية تنفيذ الاصلاحات سريعا ضمن برنامج اقتصادي شامل، يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد واستعادة الاستدامة المالية وتعزيز الحوكمة والشفافية وإزالة العوائق التي تحول دون نمو فرص العمل وزيادة الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار.

الوفد اللبناني برئاسة نائب رئيس الحكومةسعادة الشامي المكلف من قِبل الحكومة التفاوض مع بعثة الصندوق، توصل في نهاية آذار الفائت إلى اتفاق مبدئي على برنامج تصحيح اقتصادي ومالي تحت اسم "التسهيل الائتماني الممدد" Extended Fund Facility مدته أربع سنوات، ويهدف إلى تحفيز النمو وتوفير فرص عمل ووضع لبنان على سكة التعافي والنهوض بعدما انكمش الاقتصاد بأكثر من 60% خلال عامي 2020 و2021 وانهيار سعر صرف الليرة، ووصل التضخم إلى مستويات عالية جداً تخطت 240%، ومستوى الفقر إلى حد لم يشهد لبنان له مثيلاً في تاريخه الحديث مع نسبة تخطت 40%. فلبنان عانى من تراكمات أدت إلى ما يعيشه حاليا من أزمة اقتصادية ومالية معقدة وغير مسبوقة، كما إلى عجز كبير في الميزان الخارجي وزيادة مطردة في الدين العام، ما تسبّب بإضعاف النظام المالي وتقييد الودائع ووقوع المواطنين تحت وطأة أزمة بالغة الشدة. وإضافة إلى العوامل الداخلية، أتت جائحة كوفيد 19 ثم انفجار مرفأ بيروت والأزمة الأوكرانية لتضيف أعباء إضافية على الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان.

الاتفاق الاولي الذي وقّع مع صندوق النقد لحظ ضرورة إقرار مجموعة قوانين ملحّة في مجلس النواب قبل الحصول على موافقة مجلس إدارة الصندوق على البرنامج بشكل نهائي، وهي تعديلات قانون السرية المصرفية، قانون موازنة 2022، قانون "الكابيتال كونترول" وقانون إعادة هيكلة المصارف، وحتى الساعة لم يقر اي من هذه القوانين ما دفع بعثة الصندوق الى بيروت لطلب الاستفسار عن أسباب هذا التأخير خلال الاجتماعات التي عقدت في بيروت. يعتمد البرنامج مع الصندوق على العديد من الركائز، منها توفير بيئة مؤاتية للنشاط الاقتصادي عبر إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية لاستعادة النمو وتأمين فرص عمل، إعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتمكن من استعادة دوره في تمويل الاقتصاد، تحسين المالية العامة لتأمين استدامة الدين مع زيادة النفقات على القطاعات الاجتماعية والبنى التحتية، إصلاح القطاع العام ومؤسساته، وبخاصة قطاع الكهرباء لتأمين تغذية أفضل، ما يساعد في تخفيف الأعباء على المواطنين وإنعاش الحركة الاقتصادية، توحيد سعر الصرف لإزالة التشوهات في الاقتصاد وتحسين الحوكمة ومحاربة الفساد بمساعدة فنية من الصندوق.
حتى الساعة لم يحقق لبنان تقدما ملحوظا بالنسبة الى ما تعهده في الاتفاق الاولي مع الصندوق، وأسباب هذا التأخير كانت في صلب النقاشات التي دارت بين المسؤولين اللبنانيين وبعثة الصندوق التي تزور لبنان حتى 21 أيلول، حيث التقت في مكاتب شركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في وسط بيروت وزراء المال يوسف خليل والاقتصاد أمين سلام ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ثم زار الوفد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وطلب من المسؤولين إيضاحات حول المقترحات التي قدمها الصندوق ولم يجرِ تطبيقها حتى الآن، ليعود الوفد ويلتقي في عين التينة رئيس مجلس النواب نبيه بري عارضا مراحل الحوار القائم بين لبنان والصندوق والتشريعات التي أنجزها المجلس ولم يقرها بعد، وأهمها تعديلات قانون السرية المصرفية و"الكابيتال كونترول" وموازنة 2022. وفي وزارة المال عقد اجتماع طويل بين الوزير يوسف خليل ووفد الصندوق في حضور المديرين المعنيين في الوزارة وفريق الخبراء وخصص للبحث في الشؤون التقنية.

وعلمت "النهار" ان البعثة سمعت كلاما مطمئنا لناحية إقرار موازنة 2022 في الايام المقبلة وبدء العمل فورا على التحضير لموازنة "إصلاحية" للعام 2023 اضافة الى تسجيل تقدم مهم على صعيد التعديلات على قانون السرية المصرفية بعدما أكد الممثل المقيم للصندوق في بيروت فريديريكو ليما ان ما يقارب 80% من التعديلات التي انجزت على مشروع القانون يمكن وصفها بالمقبولة. وبحسب المتحدث باسم الصندوق جيري رايس، من المهم تعديل قانون السرية المصرفية بما يتماشى مع الممارسات الدولية لمكافحة الفساد، وإزالة العوائق التي تحول دون الإشراف الفعال على القطاع المصرفي وإعادة هيكلته، وإدارة الضرائب، فضلاً عن التحقيق في الجرائم المالية واستعادة الأصول المختلسة. ورغم أنّ تعديلات قانون السرية المصرفية التي وافق عليها مجلس النواب في 26 تموز كان لها وقع إيجابيّ، إلّا أنّه يجب على السلطات دراسة القانون لتحسين بعض الأحكام الرئيسية فيه، تماشيًا مع أفضل الممارسات الدولية.

أما بالنسبة الى قانون إعادة هيكلة المصارف، فتؤكد المصادر ان المسودة التي وصلت الى رئاسة الحكومة من مصرف لبنان والتي إطلع عليها خيراء صندوق النقد يمكن وصفها بـ"الصيغة القوية والمتقدمة جدا"، وصندوق النقد كان وضع الملاحظات عليها خلال المرحلة التي عمل على وضعها الفريق القانوني في مصرف لبنان، ما يعني قرب طرح مشروع القانون هذا على مجلس النواب، لتبقى العلة الاساسية على صعيد قانون "الكابيتال كونترول" مع إصرار الرئيس بري على الاسراع في تمريره قبل تحول مجلس النواب الى هيئة ناخبة مهمتها الوحيدة إنتخاب رئيس للجمهورية.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار