الأولويات الدولية في لقاءات ميقاتي النيويوركية: الرئاسة والإصلاحات... قبل فوات الأوان | أخبار اليوم

الأولويات الدولية في لقاءات ميقاتي النيويوركية: الرئاسة والإصلاحات... قبل فوات الأوان

| الجمعة 23 سبتمبر 2022

 إطلالة رئيس الحكومة على الأسرة الدولية بصفة كاملة المواصفات والصلاحيات

"النهار"- سابين عويس

شكلت اجتماعات الجمعية العمومية السنوية للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك، على جاري عادتها، مناسبة هامة للبنان للإفادة من الحضور الغربي والعربي الرفيع لإثارة الوضع فيه من باب اعادة تسليط الضوء على الحاجة اللبنانية الملحة للدعم الخارجي للحفاظ على ما تبقى من استقرار هش في البلاد، والدفع نحو شحذ الدعم العربي والدولي لتوفير المساعدة الكفيلة بمنع السقوط الكبير.

كان يفترض ان يترأس رئيس الجمهورية الوفد اللبناني الى تلك الاجتماعات، علماً انها المرة الاخيرة التي سيتاح له فيها المشاركة في هذه المناسبة الدولية قبل انتهاء ولايته. وقد أنجزت الفرقة السباقة التي توجهت الى نيويورك قبل أسبوعين كل الاستعدادات لذلك، لكن عون تراجع عن قرار المشاركة. وثمة من يعزو الامر الى سببين لم تثبت صحة أي منهما، حيث تحدث البعض عن ان الرئيس لم يحظ بسلة مواعيد مهمة هناك، فيما ذهب البعض الآخر الى القول بأن عدم المشاركة جاء لأسباب صحية.

ولكن أياً تكن الأسباب الكامنة وراء غياب عون عن اجتماعات نيويورك، فإن وجود رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي على رأس الوفد اللبناني شكل مناسبة هامة للرجل للإطلالة على الأسرة الدولية بصفة كاملة المواصفات والصلاحيات، حيث كانت له سلسلة من اللقاءات التي جمعته بمسؤولين كبار، فتحت أمامه الفرصة لشرح آخر مستجدات الوضع اللبناني في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية القائمة، وامام استحقاقين داهمين يتمثلان بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.

يمكن استخلاص مجموعة من المعطيات والمواقف التي تناولتها مروحة اللقاءات التي عقدها ميقاتي، منها ما حملها هو الى المسؤولين الذين التقاهم، ومنها ما سمعها منهم في شكل مباشر وواضح.

نقل ميقاتي الى محدثيه حجم الأزمة اللبنانية على مختلف مستوياتها، واضعاً امام الأسرتين العربية والدولية مستوى المخاطر التي سيرتبها أي انفجار محتمل للأوضاع، بما يهدد الاستقرار الداخلي، من دون ان يغفل الاعتراف بالصعوبات التي تواجه حكومته في تنفيذ التزاماتها في مجال الإصلاحات المطلوبة، وطالباً في الوقت عينه التفهم للأوضاع الاستثنائية التي تمر فيها البلاد وتنعكس في شكل سلبي وخطير على اللبنانيين، والدعم من اجل منع البلاد من السقوط.

وفي لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جدد ميقاتي الدعوة الى اعادة احياء الجهود الفرنسية الداعمة للبنان. وعُلم في هذا الإطار انه طلب من ماكرون رعايته من أجل عقد مؤتمر أصدقاء لبنان الذي كان مقرراً سابقاً ولم ينعقد. وقد سمع دعماً فرنسياً يعكس رغبة ماكرون وبلاده بعدم ترك لبنان، واستطلاع ما يمكن القيام به على هذا الصعيد.

في المقابل، لمس ميقاتي من محدثيه إيجابية في مقاربة الملف اللبناني. لكن تلك الإيجابية لم تخل من تحفظات وملاحظات لم يعد هناك أي إمكانية للسلطات اللبنانية تجاهلها او التعامل معها بخفة كما حصل ولا يزال.

بدا واضحاً من المعلومات التي توافرت عن أجواء اللقاءات ان هناك إجماعاً عربياً ودولياً واضحاً على إعطاء الاستحقاق الرئاسي الاولوية على كل الاستحقاقات الاخرى، بما فيها استحقاق تشكيل الحكومة، وذلك من خلال التأكيد على ضرورة التزام المواعيد الدستورية لهذا الاستحقاق، وإجراء الانتخاب ضمنه.

كان كلام وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن في هذا الشأن أثار التباساً لجهة قوله باجراء الانتخاب في الوقت المناسب، حيث تلقفت بيروت الامر بسؤال عن الوقت المناسب الذي قصده بلينكن، ما استدعى توضيحاً بأن الوقت المناسب هو الوقت الذي يحدده الدستور.
لم تُطرح مسألة الحكومة كأولوية، انطلاقاً من اقتناع دولي بوجوب عدم الذهاب الى الشغور في موقع الرئاسة الاولى.

لم يغفل المسؤولون الدوليون اثارة تقصير لبنان وتخلفه عن الوفاء بالتزاماته. واذا كان التأكيد ان الدعم الدولي موجود وقائم، الا انه لا يمكن التعويل عليه وحده، بل على لبنان القيام بما هو مطلوب منه ولا سيما في مجال الإصلاحات الاساسية وما يطلبه صندوق النقد الدولي. وهذا الامر سمعه ميقاتي في شكل واضح من مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا التي أكدت حرص مؤسستها على تقديم الدعم، كاشفة ان لبنان لم ينفذ تعهداته بعد.

واكثر ما يخشاه الصندوق اليوم ان يؤدي تأخر لبنان في انجاز الإجراءات المطلوبة منه تمهيداً للدخول في برنامج، الى خسارة الموقع المتقدم الذي يحتله اليوم في سلم الاهتمامات، ذلك ان ثمة مخاوف كبيرة لدى مسؤولي المؤسسة الدولية حيال التوقعات المتعلقة بالسنة المقبلة، ولا سيما في مجال الأمن الغذائي الذي يتهدد العالم. وقد عبرت مديرة الصندوق عن هذه المخاوف في الكلمة التي ألقتها امام اللقاء الحواري حول الأمن الغذائي الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقر البعثة الفرنسية في الامم المتحدة.

وعلم ان جورجيفا حثت لبنان على استكمال الخطوات المطلوبة لبنانياً وهي اقرار مشاريع القوانين الإصلاحية الموجودة في المجلس النيابي ومعالجة مسألة توحيد سعر الصرف.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار