إتفاق على 95 في المئة من "الترسيم" فهل تعطِّله الـ5 الباقية؟ | أخبار اليوم

إتفاق على 95 في المئة من "الترسيم" فهل تعطِّله الـ5 الباقية؟

| الأربعاء 28 سبتمبر 2022

 أيلول لن يكون طرفه مبلولاً بنار الإشتباك بين "حزبه" وإسرائيل"

"النهار"-سركيس نعوم

قبل عشرة أيام أو أسبوعين أي بعد آخر ظهور تلفزيوني "شبّاعي" لأمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله كان الإنطباع عند قسم كبير من اللبنانيين أن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل قطع شوطاً بعيداً. إذ أشارت المعلومات المتوافرة في حينه الى أن إتفاقاً على 95 في المئة قد حصل، وأن الولايات المتحدة تبذل جهوداً جدّية جداً لاتفاق الدولتين على 5 في المئة المتبقية عبر موفدها الخاص آموس هوكشتاين، وأيضاً عبر ديبلوماسيي سفارتها في بيروت كما عبر الاتصالات التي تتم في مناسبات دولية رسمية وفي لقاءات غير رسمية بين هوكشتاين ومسؤولين لبنانيين في عواصم غربية متنوّعة.

هذا فضلاً عن الاتصالات الهاتفية. وقد عزّز الإنطباع المُشار إليه أعلاه تأكيد نصرالله في الظهور المذكور وفي صورة غير مباشرة أن "أيلول لن يكون طرفه مبلولاً بنار الإشتباك بين "حزبه" وإسرائيل"، وإن من دون تخلّيه عن التهديد باللجوء الى الخيار العسكري مع الأخيرة إذا تبيّن له أو تأكد أنها تراوغ أو تماطل بهدف البدء في استخراج نفطها وغازها من "كاريش" "المعترف" به لها قبل توقيع إتفاق يسمح للبنان بالبدء في التنقيب تمهيداً للإستخراج في وقت لاحق في حقل "قانا" التابع له وحقول أخرى في مياهه الإقليمية. لكن مسؤولين كباراً في "حزب الله" شغلهم نوع من الشك في صدق رغبة إسرائيل في التوصل الى ترسيم حدودي بحري مع لبنان موقّع بإشراف أميركي وربما تحت علم الأمم المتحدة في الناقورة جنوب لبنان. أما سبب الشك هذا فكان أن الأسلوب التفاوضي المستعمل بين لبنان وإسرائيل يشبه كثيراً بل هو مطابق تماماً للأسلوب الذي استُعمل في المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية والسورية – الإسرائيلية منذ بدء عملية السلام التي رعتها أميركا وروسيا عام 1991. ولم ينتج عن هذا الأسلوب أي تسوية مع سوريا ومع الفلسطينيين. ولا نذكر هنا المفاوضات السلمية الناجحة بين إسرائيل وكل من مصر أنور السادات وكانت الأولى بين دولة عربية وإسرائيل ثم مع المملكة الأردنية الهاشمية لإختلاف ظروفهما عن التفاوض مع الفلسطينيين.

إذ أن هؤلاء أصحاب القضية ولذا فإن تجاوبهم مع مطالب إسرائيل "العميقة" وتجاوب الأخيرة مع المطالب المحقّة لهؤلاء كانا مستحيلين وربما لا يزالان كذلك حتى الآن. وقد شرح مسؤولو "الحزب" المُشار إليهم أعلاه استناداً الى متابعي حركته من اللبنانيين ومن قرب أسباب شكوكهم في إسرائيل وتالياً الخوف من إنتهاء مفاوضات الترسيم البحري غير المباشرة الى فشل صعب ومُكلف في آن. فقالوا أن تفاوض الفلسطينيين مع إسرائيل يتركّز على قضية واحدة مثل حقوقهم وإقامة دولة لهم و... وما تريده إسرائيل في مقابل ذلك لكن كلاً من هذه العناوين كانت له تفصيلات وعناوين فرعية، ولذلك كان الإتفاق يتم أحياناً على قضية فرعية ما فتوضع جانباً من دون أن يوقّعها الطرفان في إنتظار الإتفاق على حلول للقضايا كلها، ثم ينتقل البحث الى القضايا الأخرى. وهذا أمرٌ خاطئ إذ "طارت" الإتفاقات غير الموقّعة وانضمت الى القضايا غير المتفق عليها. فعادت إسرائيل والفلسطينيون الى نقطة الصفر، وهذا ما يخشاه "حزب الله" في مفاوضات الترسيم البحري مع إسرائيل التي تشمل نقاطاً عدة.

إذ تم الإتفاق حتى الآن كما ورد في مطلع "الموقف هذا النهار" على 95 في المئة من النقاط التي تناولها التفاوض فوُضعت جانباً في انتظار الاتفاق على الـ5 المتبقية منها. ولا شيء يمنع العودة الى نقطة الصفر دائماً سواء لأسباب سياسية داخل إسرائيل مثل الإنتخابات العامة التي ستُجرى مطلع شهر تشرين الثاني المقبل والتي يحاول أعداء حكومتها الحالية ورئيسها يائير لابيد عدم إعطاء الأخيرين ورقة تزيد من شعبيته وعدد ناخبيه وتمكّنه من البقاء في السلطة ومعروف أن من ينافسه بقوة هو بنيامين نتيناهو المستعد الى استغلال أي أمر وتوظيفه من أجل العودة الى السلطة. وشأن ذلك أن يمكّن نتنياهو من إتهام لابيد بأنه خاف من تهديدات السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله" وأعطى صورةً عن قوة إسرائيل مناقضة لصورتها الأساسية في رأي يمين إسرائيل بل كل الإسرائيليين، وهي أنها القوة العسكرية الأولى في المنطقة سواء بالأسلحة التقليدية وغير التقليدية والصاروخية والنووية وبجيشها.

ربما يستخدم نتنياهو ما قالته إسرائيل في الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل أيام إذ دعت أو بالأحرى اعتبرت أن حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) هو الأفضل لحل أزمة الشرق الأوسط ولبّها قضية فلسطين. فيمين إسرائيل على تنوّع حكوماته بعد اتفاق أوسلو عام 1991 ثم اتفاق منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل عام 1993 رفض دائماً حل الدولتين وعطّله على مدى 40 سنة تقريباً. ساعده في ذلك إغتيال إسحق رابين في بداية العملية ثم حكم أحزاب اليمين إسرائيل بعد ذلك وإن بتقطّع خفيف أحياناً، وأخيراً تحوّل غالبية الشعب الإسرائيلي الى اليمين وضمور شعبية اليسار ولا سيما المعتدل منه والأبرز فيه "حزب العمل" الذي ضعف كثيراً. علماً أنه أسّس الدولة وحقّق لها الكثير من الإنجازات كما ضعفت معه الأحزاب اليسارية كلها وصارت عاجزة عن الفوز في أي إنتخابات عامة بغالبية في الكنيست وتالياً عن تأليف حكومة. فانطبق على اليسار القول العربي المعروف "كانت سيدها في السياسة والسلطة داخل إسرائيل وصارت الآن تطبّل في عرسها".

طبعاً هذا الكلام كله منطقي. والحذر اللبناني ولا سيما عند "حزب الله" ضروري بل واجب لكنه لن يدفعه الى "دعسة ناقصة" أي الى إعطاء ذريعة لإسرائيل تدفعها الى وقف التفاوض على الترسيم والى جرّ المنطقة الى حرب لبنانية و"حزب اللهية" – إسرائيلية رغم إقتناع الكثيرين أن هوكشتاين الأميركي الحامل جنسية إسرائيل والخادم في جيشها لا يستطيع أن يكون صادقاً في وساطته. ذلك أن الجميع يعرفون أن رئيس أميركا جو بايدن أصرّ على اتفاق للترسيم بين لبنان وإسرائيل قبل الإنتخابات الإسرائيلية وإقنع رئيس الحكومة لابيد بذلك وأوحى في الوقت نفسه لناخبي إسرائيل أن الولايات المتحدة تفضّل بقاءه على رأس الحكومة مع فريقه المتنوّع.

هل شارفت المفاوضات غير المباشرة للترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل على نهاية إيجابية؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار