لماذا جدّد نصرالله تهجّمه على السعوديّة؟ وما هي تداعيات ذلك؟ | أخبار اليوم

لماذا جدّد نصرالله تهجّمه على السعوديّة؟ وما هي تداعيات ذلك؟

| الأحد 02 أكتوبر 2022

النهار العربي

في وقت تتكاتف فيه المساعي الدوليّة والعربيّة لإخراج لبنان من أسوأ أزمة تعصف به، لم يجد الأمين العام ل"حزب الله" حسن نصرالله، في سياق "واجب الدفاع" عن "الجمهوريّة الاسلامية في ايران" التي تواجه انتفاضات شعبيّة، داخليّة وخارجيّة، سوى التهجّم على المملكة العربيّة السعوديّة معربًا عن استغرابه من النظر إليها "بعين الود"، إذ قال:"كيف لأناس طبيعيين أن ينظروا بعين الود للسعودية التي أرسلت أكثر من خمسة آلاف انتحاري الى العراق؟”.

في ظاهر الحال، يضرب تهجّم نصرالله على المملكة العربية السعوديّة "التفاؤل" الذي فتح كوّة في الجدار اللبناني المغلق، إذ إنّه يوحي بإعادة لبنان، في لحظة حافلة بالمتغيّرات الايجابيّة، الى "مربّع اليأس".

هذا في ظاهر الحال، لكن في واقع الأمر، فإنّ نصرالله في هذا التهجّم يكشف عن مآزق كبيرة تعاني منها ايران وأذرعها في المنطقة، اذ إنّ "جمهوريّة الملالي" تواجه انتفاضة ثقافية غير مسبوقة تقودها المرأة التي تريد اسقاط نظام الاستعباد باسم "غيرة الدّين".

وهذا النوع من الثورات يستحيل أن يخسر حتى لو جرى ضربه عسكريًا، لأنّ المرأة، أينما كانت، متى كسرت حاجز الخوف ولّدت الشجاعة.

أمّا أذرع ايران، فتعاني الأمرّين في الدول التي تحاول فيها ترسيخ نفوذها المستند الى السلاح والترهيب والترغيب، كما هي عليه الحال في العراق وفي لبنان.

ويقف محور الممانعة عاجزًا أمام إسرائيل التي تضربه "حيث ترغب"، ويجد نفسه "محاصرًا" من الصديق قبل العدو، كما هي عليه حال "حزب الله" في جنوب لبنان، بعد ادخال مجلس الأمن، بموافقة الدول التي طالما راهن على عرقلتها، تعديلات جوهرية على مهام اليونيفيل حتى لا تعود عاجزة عن القيام بالدور المناط بها.

والأهم من ذلك أنّ الولايات المتحدة الاميركية، في وقت تحاول فيه شرائح واسعة من اللبنانيين، وبطرق مختلفة، اسقاط هيمنة "حزب الله" على القرار الوطني،تخطو خطوات نوعيّة نحو انتزاع ورقة "المزايدات الغازيّة" من يد "حزب الله" بالسير باتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل نحو نهاية "سعيدة".

ولا يمكن، في هذا السياق، تجاوز حيثيات التلاقي الاميركي والفرنسي مع السعوديّة لإيجاد مخارج ايجابيّة للواقع الكارثي في عدد من الدول التي "يلعب" فيها "الحرس الثوري الايراني" يتقدّمها لبنان.

ولم يعد لبنان، في ضوء الاتفاق "الغازي" بين الاتحاد الاوروبي واسرائيل، أوّلًا وحاجة روسيا والصين، قبل غيرهما، للتكنولوجيا الذكيّة التي تتفوّق الشركات الاسرائيلية في صناعتها، ثانيًا، متراسًا إقليميًّا، بل أصبح بوّابة استقرار اقليمي ممنوع العبث بها، مهما كان الثمن.

ونظرًا لتداعيات هذه الديناميكية السلبية على الجمهورية الاسلامية في ايران وعلى أذرعها الخارجية، كان "حزب الله" بحاجة الى "عدو"، فأتى تجديد هجوم نصرالله على المملكة العربية السعودية التي تنامى دورها، بفعل سياستها الخارجية من جهة وبنتيجة المتغيّرات الجيو سياسية من جهة أخرى، على الساحتين العالمية والاقليمية.

ولكنّ استدعاء نصرالله لعداء المملكة العربية السعودية لن يُجدي نفعًا، هذه المرّة، إذ إنّ تفاهمها مع المجتمع الدولي أصبح أكبر من قدرات نصرالله الهادفة الى إحراجها لإخراجها، كما حصل سابقًا، في زمن كانت فيه العلاقات الاميركية-السعوديّة متوتّرة ومصالحهما متضاربة.

صحيح أنّ موقف نصرالله السلبي ضدّ السعوديّة يشي بإمكان تأزيم الوضع اللبناني الداخلي، في مرحلة الاستحقاق الرئاسي، ولكنّ هذا التأزيم لن يكون مفتوحًا زمنيًا، وحلوله لن تكون، وفق مشتهى "حزب الله" الذي يواجه تبريدًا للحدود الجنوبيّة، وصمودًا شعبيًا وسياسيًا في مواجهته، وتفاهمًا دوليًا-اقليميًا لمصلحة الوظيفة الجديدة للبنان، وأزمة وجودية مفتوحة في داخل ايران التي منها يستمد ماله وسلاحه وعقيدته.

أثبت تهجّم نصرالله، في خطابه أمس على السعوديّة أنّ "حزب الله" لا يستطيع أن يعيش من دون "عدوّ"، وبيّنت الشعوب، بدءًا من الشعب الايراني أنّها لم تعد قادرة على السكوت على قوّة تقتات من الدماء!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار