"حزب الله" يعتبر بعد دورة الانتخابات الأولى أنه لم يفقد زمام المبادرة في تزكية "مرشحه" | أخبار اليوم

"حزب الله" يعتبر بعد دورة الانتخابات الأولى أنه لم يفقد زمام المبادرة في تزكية "مرشحه"

| الإثنين 03 أكتوبر 2022

يجب  ان يكون الرئيس المقبل "محصّناً" اكثر من اي وقت مضى

"النهار"- ابراهيم بيرم

على النقيض من دورة الانتخابات الرئاسية في العام 2016 يعتصم "حزب الله" بالصمت رداً على سؤال السائلين له عن اسم وهوية مرشحه للحلول محل حليفه الموصوف ميشال عون في الرئاسة الاولى. وقد يكون ذلك مبرَّراً، فالمعطيات التي استند اليها في الدورة المنصرمة وأباحت له آنذاك الاصرار على خيار ميشال عون أو لا أحد، ادى الى شغوررئاسي مديد فاق السنتين، كما فقدَ خصوصا بعد الانتخابات النيابية الاخيرة اكثرية نيابية مريحة ومضمونة من جهة، وأتت بمجلس هجين من جهة أخرى.

وعليه صار واضحا ان الحزب، بناء على هذا المستجد، يعتمد نهجاً آخر ومقاربة مختلفة في هذا الموضوع البالغ الحساسية بالنسبة اليه، يختصره احد نواب الحزب في دردشة في مجلس خاص بالقول انه نهج يعتمد على العناصر الآتية:

- الحكمة والرويّة والموضوعية مقرونة برفع شعار مرن هو الرئيس التوافقي نقيضاً للرئيس الاستفزازي، وهو شعار حمّال أوجه.

- تأمين حرية الانتخاب للنواب بعيدا من تأثيرات السفارات (يسمي الحزب سفارتين غربية وخليجية).

- عنوان آخر عريض يرفعه هو ضرورة ان يكون الرئيس المقبل "محصّناً" اكثر من اي وقت مضى.

- هذه الصفة هي كناية عن رفض مطلق ومسبق لتكرار تجربة الرئيس ميشال سليمان بالذات.

هذه العناوين والمواصفات وردت قبل اسابيع عدة على لسان السيد حسن نصرالله، وتولى قياديون آخرون من الحزب تفسيرها وتوضيحها وستكون مادة اساسية دائمة في اطلالات الحزب الاعلامية.

إذاً وفق المصدر اياه، يركز الحزب في تعاطيه المعلن مع الملف الضاغط على المواصفات التي يرى ضرورة توافرها في الرئيس الذي سيشغل قصر بعبدا بعد حين أكثر من أي أمر. من هذه المنطلقات عينها تدير قيادة الحزب المولجة هذا الاستحقاق. فثمة اصرار الى الآن على عدم البوح باسم المرشح النهائي الذي ستصوّت له كتلة الحزب النيابية ومَن والاها يوم يدور صندوق الاقتراع في المجلس.

هذا لا يعني اطلاقا ان الحزب في وارد ادارة الظهر في هذه المعركة وترك حبل الامور على غاربه للمصادفات نسجاً على ما يشيعه البعض من ان الحزب لم يعد قادرا على تحمّل تبعات الرئيس المقبل بعدما "كوته" تجربة رئاسة العماد عون. فتلك اسقاطات لرغبات ليس إلا. لكن الحزب في الوقت عينه لا يرغب في الانخراط في لعبة تقود الى حرق اسماء المرشحين والمتصدين، ولا هو ايضا في وارد الدخول في بازار المساومات والمقايضات، فلا هو لاعب طرفي وأخلاقياته السياسية لا تسمح له بذلك. وعليه استطرادا لن يسمي الحزب مرشحه للرئاسة الاولى إلا بعد ان يضمن له الفوز المبين.

وعليه ايضا، يقر الحزب بانه اعتمد آلية مركّبة ومعقدة لادارة الموقف، خصوصا انه ينطلق من فرضية ان ثمة وقتا متاحا وان ثمة مياها كثيرة من الآن الى اليوم الموعود ستنساب تحت جسور هذا الاستحقاق الذي بات مدار صراع اكثر من اي وقت مضى، لاسيما ان ثمة من يخوضه تحت عنوان عريض هو الحيلولة دون وصول اي مرشح يزكّيه الحزب لسدة الرئاسة الاولى مهما بلغت الاثمان.

هل هذا يعني ان الحزب ليس لديه الى الآن مرشح او اكثر يرتاح اليه اذا ما ولج عتبة قصر بعبدا مقيماً لست سنوات؟

الذين يجيدون قراءة العقل الباطني للحزب يخرجون باستنتاج فحواه انه ليس من النوع الذي يترك مجالا للمصادفات والمفاجآت في مسألة بقدر اهمية الانتخابات الرئاسية. لذلك ثمة من يقدّر بان على طاولة اتخاذ القرار في الحزب خريطة واضحة لمسار الامور ومصيرها تأخذ في الاعتبار كل الاحتمالات.

ولاريب في ان هذه الخريطة قد تبدّت اكثر بعد النتائج التي اظهرتها دورة الانتخاب الاولى التي شهدتها القاعة العامة ل#مجلس النواب قبل بضعة ايام.

وعليه يرى الحزب بلسان النائب اياه ان هذه الجلسة كانت اكثر من جلسة كشف النيات وفق البعض، فهي اعطت صورة استشرافية لا تخطئها العين عن واقعتين هما: حقيقة الأحجام، وجوهر الانتظام.

فعلى سبيل المثال، ان الاوراق البيض الـ 63 كشفت وجود كتلة نيابية - سياسية متراصة نواتها الصلبة من نواب الحزب وحركة "امل" (كتلة التنمية والتحرير) و"التيار الوطني الحر" وحلفائه (كتلة الطاشناق) الى "تيار المردة" وحلفائه ونواب آخرين.

وفي تبيان اوسع لأعماق هذا التقدير يتبدى ان فرص رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ضئيلة جدا، وان ثمة مرشحَين يملكان فرصة التقدم هما زعيم "المردة" سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون. و"بالتقريش السياسي" فان العماد عون لديه فرصة ان يأخذ من قاعدة "التيار البرتقالي"، فهو على رأس المؤسسة التي انتجت زعيم هذا التيار ومؤسسه وشكلت تاريخيا عصبا له، فضلا عن انه يحظى بدعم واضح من جهات خارجية كونه ربط نفسه بها منذ زمن بعيد من دون ان يكتم ذلك.

لكن في المقابل، يمثل فرنجية رغم حال التراجع الذي اصاب تياره في الآونة الاخيرة وتجلى ذلك في الانتخابات الاخيرة، زعامة مارونية راسخة رغم انها زعامة طرفية. الى ذلك فان فرنجية اثبت في الآونة الاخيرة قدرة على تدوير الزوايا وقدم نفسه مرشحا غير استفزازي، وهي صورة تعززت سابقا بعد لقائه مع الراحل سمير فرنجية، اضافة الى ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وإن صوّت لخصمه في الدورة الاولى، الا ان ثمة فرصا ووعودا للتوصل الى نقاط تفاهمات مشتركة.

ومع ذلك كله فالحزب يدرك وقد قالها مرارا ان باسيل بما يمثل هو ممر الزامي لكل الطامحين الى العبور الى قصر بعبدا وفي مقدمهم زعيم "المردة". لذا فان الحزب يفترض ان على فرنجية اعادة النظر بالعلاقة مع باسيل وترسيخها على قواعد اكثر عقلانية لان سلبيات المضي بالتصادم معه اكبر بكثير من امكانات ابرام تفاهم ما معه.

ولا شك في ان نتائج الدورة الاولى من انتخابات الرئاسة قد عززت اكثر من السابق رهانات الحزب وحساباته على امكان ضمان وصول مرشح تجمع عليه القوى الثلاث الاساسية وحلفاؤها، اضافة الى آخرين سيدلون بقناعاتهم ويعيدون النظر في حساباتهم عند ساعة الحسم.

والى ذلك الحين يكتفي الحزب بتأكيد امرين:

- الاصرار على رئيس توافقي يترك باب التفاهمات مفتوحا.

- التركيز على مواصفات لا تشمل الا قلة قليلة.

وبالعموم فان الاستنتاج الاول لدى الحزب من الجولة الاولى هو انه خلافا لكل ما اشاعه خصومه فانه لم يفقد زمام المبادرة، واستطرادا زمام التحكم.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار