تداعيات سقوط النظام الإيراني على بيروت و"العواصم الثلاث"... وما هو مصير "حزب الله"؟ | أخبار اليوم

تداعيات سقوط النظام الإيراني على بيروت و"العواصم الثلاث"... وما هو مصير "حزب الله"؟

| الأربعاء 12 أكتوبر 2022

يواجه النظام الإيراني انتفاضة شعبية تستمرّ منذ أسابيع

المصدر- "النهار"

هل تلفح رياح التغيير إيران، فينسحب ما يجري في الجمهورية الإسلامية على منطقة الشرق الأوسط؟ يواجه النظام الإيراني انتفاضة شعبية تستمرّ منذ أسابيع وتتأجّج، وكان لافتاً انضمام العنصر الطلابيّ إلى الاحتجاجات التي أطلقتها النساء على خلفيّة مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق. وتتوسّع رقعة الاحتجاجات لتطال معظم المحافظات، حتى وصلت إلى العاصمة طهران.

تعدّدت الشعارات التي رُفعت تحت عنوان إسقاط النظام، وكان أبرزها إسقاط السلطة الدينية القمعيّة في البلاد، إلّا أن معاناة الشعب الإيراني لا تتوقّف على فرض الحجاب، بل تطال كافة جوانب الحياة، بدءاً من حرمانه من المشاركة في الحياة السياسية وحرية التعبير عن الرأي، وصولاً إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي نتجت عن العقوبات الغربية.

لا نية دولية بإسقاط النظام... لكن؟
وبالرغم من إرادة قسم من الإيرانيين إسقاط النظام، فإن الواقعية السياسية تفرض نفسها في هذا السياق، ومن المستبعد الحديث عن انهيار نظام ولاية الفقيه، لأن الدولة بمؤسساتها السياسية، الاقتصادية والأمنية قوية ومتماسكة، وتفرض من خلال سلطتها القمعية العنفية المسار الذي تريده، كما أن المجتمع الدولي لا يُساند الداخل الإيراني لإسقاط النظام، ولا نيّة لديه في هذا الإطار، واقتصر موقفه منذ بداية الانتفاضة على وجوب تعزيز الحريات، وليس إسقاط النظام الذي يحاول عقد الاتفاق النووي معه.

لكن طبيعة الحياة السياسية لا تقبل دوام الأحوال، بل هي متغيّرة. وبالرغم من القوّة الكبيرة التي تتمتّع بها الأنظمة والحركات السياسية، فإن الزمن يتبدّل ويشهد على سقوطها لمصلحة قيام أنظمة أو حركات أخرى. وشهد التاريخ على سقوط امبراطوريات تمتّع بنفوذ واسع وقوّة عظمى، بدءاً من الإمبراطورية البريطانية التي لم تغب عنها الشمس، مروراً بالسلطنة العثمانية التي استمرّت لأكثر من أربعمئة سنة، وصولاً إلى الاتحاد السوفياتي الذي قارع الغرب بقوّته، وكان قطباً حاكماً في العالم.

لن يكون النظام الإيراني بعيداً من هذا الواقع، وسيكون عرضة للسقوط متى التقت إرادة الشعب الإيراني مع إرادة المجتمع الدولي يوماً، ليصبح النظام محاصراً من الداخل والخارج، ويتهاوى بفعل الحصار. ولن ينعكس انهيار النظام على الداخل الإيراني فحسب، بل ستطال التداعيات الإقليم بأكمله، والعواصم الأربع التي تُسيطر عليها طهران بشكل مُحكم وتقرّر مصيرها.

يقع لبنان تحت التأثير الإيراني الكامل، حيث الكلمة الأخيرة لـ"حزب الله". تعزّز ذلك منذ توقيع الاتفاق النووي ووصول مرشّح الحزب، ميشال عون، إلى رئاسة الجمهورية، فبات ممكساً إلى جانب حليفه التيار "الوطني الحر" بكافة مفاصل الدولة، وجعل بيروت مدينة مستلحقة بإيران. ظهر ذلك جليّاً على صعيد الساحة الدولية أيضاً. وقد تكون تهديدات الحرس الثوري الإيراني بتحويل لبنان إلى منصّة صواريخ لقصف إسرائيل خير مثال. ولا شك أن لسقوط النظام في إيران، في حال حصل، تبعات ضخمة على لبنان.

ماذا سيحلّ بالدول التي تسيطر عليها إيران؟
الأستاذ في العلاقات الدولية خالد العزي يُشير إلى أن "سقوط النظام الإيراني سيعني تفكّك إيران، وقد يتطوّر الأمر إلى تقسيم البلاد، وذلك لأن الشعب الإيراني مركّبٌ، ويضمّ إلى جانب الفرس، أحواز يعود أصلهم إلى العرب، أكراد، وحتى تُرك".

وفي حديث لـ"النهار"، يلفت إلى أن "التفكّك لن يقتصر على الداخل الإيراني فحسب، بل سيشمل ذلك المحور الذي تقوده في الإقليم". ويعتبر أن "أذرع إيران في الدول التي تتواجد فيها طهران ستُصبح محاصرة خارجياً، بعدما باتت محاصرة محلياً على إثر المعارضة الداخلية التي تلقاها جماعات إيران في دولها؛ وما يحدث في بيروت وبغداد خير دليل على ذلك. فشيعة العراق انقسموا، واندلعت اشتباكات عنيفة بينهم قبل أشهر. وفي لبنان، ثمّة معارضة سياسية وشعبية بوجه حزب الله".

ويفصّل العزي نظريته، ويقول إن "إسقاط النظام في إيران يحتاج إلى جهود دولية ترافق الانتفاضة الداخلية. وفي حال توفّرت هذه النوايا عند الخارج وسقط النظام، فحينها سيشتدّ الحصار على جماعات إيران في الإقليم، التي ستُصبح محرومة من التمويل الإيراني - وهو العنصر الأهم في صمودها اليوم – فيضعف دورها، خصوصاً أنها تعاني الحصار أساساً، والعقوبات المفروضة على "حزب الله" في أوروبا، وحرمانه من الاستفادة من ثروات أفريقيا والخليج، وملاحقته في أميركا اللاتينية دليل".

إلّا أن ذلك لا يعني اختفاء هذه الجماعات بالكامل، وفي هذا الإطار، يذكّر العزي بمنظمة التحرير الفلسطينية، التي لا تزال موجودة على صعيد التنظيم والقيادة والمناصرين، إلّا أن حجم نفوذها تراجع بشكل كبير جداً، ولا وجود فعلياً لها في الحياة السياسية.

ماذا عن البديل؟
ورداً على سؤال عن البديل الذي سيملأ الفراغ الإيراني، وما إذا كان النظام السوري سيستغلّ الفرصة لعودته إلى لبنان، يعتبر العزي أن "النظام السوري غارق في أزماته، ويعاني من أزمة نفوذ وسيطرة في داخل سوريا نفسها التي تقع تحت احتلالات عديدة من الأميركيين، مروراً بالأتراك والإيرانيين والإسرائيليين، وصولاً إلى الروس؛ وبالتالي لن يكون قادراً على ملء الفراغ، كما أن اللبنانيين يرفضون النظام السوري؛ وخسارة مرشّحيه في الانتخابات النيابية مثال على ذلك".

ويتابع في هذا السياق، "برأيي، ليس المطلوب تعويض النفوذ الإيراني بنفوذ خارجي آخر أو احتلال عسكري، والتركيبة الاقتصادية ستكون بمثابة خير بديل في مختلف الدول التي ستتأثر بسقوط نظام ولاية الفقيه، ومنها إيران نفسها، لأن في ذلك الحين، ستُستثمر الأموال في المشاريع المستدامة بدل الأنشطة العسكرية، وستركّز كلّ دولة على شؤونها الخاصة".

وهنا، لا بد من الإشارة إلى الدور العربي الذي قد يعود إلى الدول التي تتواجد فيها إيران اليوم. فالخليج انسحب جزئياً من هذه الدول بسبب رفضه للسياسات الجارية على إثر التدخّل الإيراني والانضمام إلى محور طهران، ولكن العرب قد يعودون إلى هذه الدول للاستثمار فيها سياسياً واقتصادياً، واحتضانها مجدّداً ضمن المنظومة العربية.

وفي نهاية حديثه، يرى العزي أن "سقوط النظام في إيران لا يزال بعيداً، لأن النوايا الدولية لم تتوفّر بعد في هذا السياق". لكنه يعتبر أن ما يحصل في طهران ضخم، ولا يجوز تسخيف الانتفاضة، ويذكّر بما حصل في العام 2011 مع انطلاق الثورة السورية، حينما حاول الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله التقليل من قيمة ما يحصل في سوريا، فسخّف التظاهرات الحاصلة آنذاك، ولكننا لاحظنا ما حصل منذ 11 عاماً.

ما مصير مشروع الدولة؟
لا شك في أن وجود قوّة سياسية وعسكرية موازية للدولة يقوّض مشروع الأخيرة ويحدّ من مساحتها، خصوصاً أن سياسات "حزب الله لا تتمتّع بالتوافق والإجماع من قبل كافة اللبنانيين؛ وفي الكثير من الأحيان، تكون رياح الحزب معاكسة، فيحصل التضارب، لكن قوّة الأخير المستمدّة من بنيته العسكرية والشعبية من جهة، وتحالفه مع أركان السلطة من جهة أخرى، تخوّله أن يفرض إرادته على الدولة، مقوّضاً سلطتها.

في هذا السياق، يعتبر الأمين العام للمجلس الأعلى لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان مصطفى علوش أن "مشروع الدولة موجود منذ الاستقلال، لكنه كان دائماً أعرج في ظل التحديات التي فرضت نفسها على مرّ التاريخ؛ والتحدّي الحالي يمكن في مسألة سلاح "حزب الله" والتشرّذم الذي يسبّبه".

وفي حديث لـ"النهار"، يرى علوش في سقوط النظام الإيراني انتهاءً للحزب، لأن ذلك سيكون بمثابة سقوط ولاية الفقيه وتغييب فكرتها، وهي الفكرة التي يستند عليها "حزب الله"، ويستشهد بتجربة الاتحاد السوفياتي والأحزاب الشيوعية التي انتشرت في كافّة أقطاب الأرض حينما كان الاتحاد موجوداً وقوياً".

ويستطرد في هذا الإطار، "إن الأمين العام للحزب حسن نصرالله أعلن مراراً أن تمويل الحزب وعتاده وأفكاره وسياساته مستوردة من إيران، وسقوط النظام سيؤدي إلى تداعي "حزب الله"، وقد لا يتم ذلك في ليلة وضحاها، بل إن الحزب سيصمد لفترة. ولكن مع الوقت سيضعف بسبب دخول فكرته في ما يسمّى "سبات شتوي"، فضلاً عن انقطاع تمويله".

وهنا، يُشير علّوش إلى أن "الفوضى ستعُم في تلك اللحظة. ولكن على الدولة التقاط الفرصة والاستفادة من الظروف، أولاً لإطلاق منظومة عمل جديدة، وثانياً من أجل منع الخارج من الاستثمار في الفراغ الذي سيخلّفه انسحاب إيران من لبنان وتراجع نفوذ الحزب".

وفي هذا السياق، يقول إن "الحزب لن يستسلم عندها، بل سيُحاول الوصول إلى تسوية مع الدولة ليقدّم لها سلاحه، وتلك التسوية قد تكون عبارة عن عقد اجتماعي جديد لتحقيق بعض المكتسبات السياسية".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار