الترسيم لا يغني أبداً عن صندوق النقد | أخبار اليوم

الترسيم لا يغني أبداً عن صندوق النقد

| الخميس 20 أكتوبر 2022

"النهار"- روزانا بومنصف

لا يمل ديبلوماسيون وخبراء في الخارج عن التأكيد ان اتفاق الترسيم الحدودي بين لبنان واسرائيل على اهميته وابعاده ، لا يغني عن اتفاق مع صندوق النقد الدولي . يعلق البعض منهم على ما لفته في ما جاء في كلمة الامين العام ل" حزب الله" السيد حسن نصرالله في الترحيب باتفاق الترسيم من "أن أمل اللبنانيين الوحيد للخروج من أزمتهم الاقتصادية المالية النقدية المعيشية هو هذا الباب، غير واضح إن كان هناك باب آخر، لا صندوق النقد الدولي سيستطيع أن يخرج لبنان من هذه الحفرة العميقة الذي هو فيها ولا المجتمع الدولي المشغول بنفسه " . فيما ان الكباش في مجلس النواب حول رفع السرية المصرفية هو من باب المزايدات وتسجيل النقاط لان التسوية الاساسية مع الصندوق لا تتصل بقانون السرية المصرفية التي انتهت عمليا حين يسلم القضاء الفرنسي معلومات يتم رفض اعطاءها للقضاء اللبناني . ففي هذه النقطة انتهت السيادة الوطنية وذهبت في قانون السرية المصرفية . وكذلك الخلاف ليس على اقرار الموازنة التي اصبحت وراءنا بل ان المشكلة هي في معالجة الخسائر ومن سيتحملها . ووفق برنامج الصندوق يتحمل الخسائر اصحاب المصارف واصحاب الرساميل والودائع الكبيرة في حين ان الاكثرية من المودعين لا يجب ان يتحملوا الخسائر .

يقول هؤلاء ان الاشارة الى هذه النقطة بالذات تتصل بواقع ضرورة الاطلالة على المرحلة المقبلة من زاويتين مترابطتين : الاولى على صلة وثيقة بالانتخابات الرئاسية فيما انه وعلى رغم تحديد كل الاطراف او غالبيتها مواصفات للرئيس المقبل، فان الموضوع لم يطرح من زاوية ما يحتاج اليه البلد راهنا وهل ان الوضع يحتمل ان يوضع البلد في الانتظار . الذهاب الى اتفاق الترسيم اظهر ادراكا ان ذلك غير ممكن ولكن على رغم الاتفاق الذي لن تصرف نتائجه فورا، فان وضع البلد في الانتظار يعني المزيد من الانهيار . الامر الاخر يتصل بالوظيفة المقبلة للبنان وهل هي وظيفة امنية في ضوء التوجه القسري او الطوعي الى الهدوء الطويل ، ام وظيفة اقتصادية او اي شيء اخر ، فيما ان الترجيح يصب لمصلحة الوظيفة الاقتصادية التي تعيد المقومات الاقتصادية للبلد .

الحاجة الى صندوق النقد الدولي والتي يظللها انتقادات توحي بالتردد الكبير وربما ممانعته وحتى رفضه ضمنيا وليس علنيا مبنية على واقع ان التنقيب عن النفط قد لا يؤتي الثمار المرجوة فضلا عن ان دولا نفطية عدة في العالم هي في واقع انهياري كذلك ما لا يعوض تاليا عن معالجة الازمة الاقتصادية عبر صندوق النقد الدولي الذي ووفق الديبلوماسيين المعنيين لا يضع شروطا ليس لبنان في حاجة اليها . والتحفظ على الصندوق او رفضه يبدو مستغربا لا سيما في في هذه المرحلة انطلاقا من ان الذرائع التي قدمت سابقا عن الخضوع لهيمنة الولايات المتحدة اذا تمت الموافقة على التعاون مع صندوق النقد لم تعد تجد اي صدى بعد الانخراط الاميركي في ترسيم الحدود والاعتماد لبنانيا على نحو كلي على الاميركيين لتأمين حقوق لبنان. واذا كان صندوق النقد اميركيا، لماذا تطلب ايران ان يكون لديها برنامجا مع الصندوق ولماذا تجلس في مجلس ادارته كذلك ؟ فكل هذه الذرائع تبدو اكثر فاكثر للاستهلاك السياسي الذي يرفعه افرقاء كثر انما على اختلاف نقطة مهمة يفترض ان الحزب يملكها ولا يملكها الاخرون . فمن يعارض الاتفاق مع الصندوق راهنا هم اصحاب المصارف والرساميل الكبيرة اي القطاع المالي الذي بات يجاهر بذلك علنا . واذا كان الحزب يعارض الاتفاق مع الصندوق ايضا فانما يكون عن معرفة او غير معرفة شريكا لاصحاب رؤوس الاموال في لبنان . فيما انه يتمايز عن هؤلاء من حيث المبدأ بانه خارج النظام المصرفي حسب قوله بالاضافة الى قاعدته الشعبية لا يجب ان تتأثر بالاتفاق مع الصندوق الذي يتأثر به اصحاب الرساميل الكبيرة الذين ليس من مصلحتهم انجاز الاتفاق وهم اكثر المتضررين منه وليس من كلفة عالية على المواطن العادي او اصحاب الودائع الصغيرة او اصحاب الدخل المحدود في الادارة العامة والفقراء، وفقا لهؤلاء الخبراء. ولذلك فان الاصوات السياسية التي تسمع ضد الاتفاق مع الصندوق ، وهي ليست حصرا بالحزب او سياسييه فحسب وفق ما يتضح من المواقف الاعلامية، وكثر باتوا يعارضون على المكشوف ويريدون تفشيل الاتفاق لانه يؤثر عليهم بحيث يندرجون من بين هذه الفئة المتضررة التي لا تريد للاتفاق مع الصندوق ان يمشي ولكن غالبيتهم يختبىء وراء التحفظات السابقة والمستمرة بين وقت واخر للحزب.

ولكن ما قد لا يخرج الى العلن على الارجح وبوضوح كاف ، والذي قد يكون يثير التحفظ الفعلي عن الاتفاق مع الصندوق ، هو ان البرنامج مع هذا الاخير متى سلك الطريق الى التنفيذ ، سيعيد حكما فتح الابواب الاقتصادية والمالية مع دول الخليج العربي على نحو قد يماثل الى حد كبير ما حصل في التسعينات من خلال عملية اعادة اعمار لبنان . ولعل هذه النقطة بالذات التي يعتقد البعض ان الحزب وما يمثله من اتجاه اقليمي قد لا يريدها لانها قد تعيد التوازن السياسي الى لبنان وبقوة اكبر . وترجيح هذه الفرضية التي لا يرغب كثيرون في اثارتها مرده الى ان الواقع السياسي في لبنان سيتغير وليس فقط المشهد السياسي .

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار