كيف يرى "حزب الله" من اليوم استخراج الغاز بجوار العدو؟ | أخبار اليوم

كيف يرى "حزب الله" من اليوم استخراج الغاز بجوار العدو؟

| الخميس 27 أكتوبر 2022

السلام الملبّي لحاجات الجانبين سيتضمّن نقل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا الى لبنان؟

 "النهار" أحمد عياش

عشية إنجاز اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل في مقر الأمم المتحدة في الناقورة اليوم، لم يغيّر " حزب الله" توصيفه للدولة العبرية بأنها "عدو". لكنّ تعديلا طرأ أخيرا على هذه الكلمة، بحسب استخدام الحزب لها، فصارت تعني الكيان الصهيوني المجاور للبنان والذي سيتقاسم معه الثروة البحرية على الحدود الجنوبية، بعدما كان كيانا توجَّه اليه المسيّرات الإيرانية الصنع في إطار المواجهة الأمنية المستمرة منذ قيام الحزب قبل 4 عقود.

قبل 48 ساعة من لقاء الناقورة، أعلنت إسرائيل بدء العمل رسميا في حقل كاريش المجاور للبنان. وكتب موقع "العهد" الالكتروني التابع لـ"حزب الله" تحت عنوان "العدو يمنح الترخيص لشركة "إنرجين" لإنتاج الغاز من كاريش". وجاء في النبأ: "منح الكيان الصهيوني شركة "إنرجين" الترخيص لإنتاج الغاز من حقل كاريش، حيث أكَّدت وزارة الطاقة الإسرائيلية أنّ المسؤول عن شؤون البترول في وزارة الطاقة حين بن يوسف أبلغ الشركة البدء بإنتاج الغاز الطبيعي من حقل كاريش".

إذاً، صار التعامل مع نبأ استخراج الغاز من المنطقة البحرية المجاورة بلبنان، والتي كانت بقعة توتر قبل أسابيع، شأنا طبيعيا في إعلام الحزب. ولكن مع ثبات كلمة "عدو"، يعطي هذا الإعلام تميّزا سيستمر طويلا. أما على أرض الواقع فقد صار لزاما اللجوء الى قاموس خاص باللغة العربية يوضح متى تكون كلمة "عدو" تعني "عدواً" كما هو متعارف عليه، ومتى تكون للكلمة معانٍ أخرى، كما بدأ يطلّ في تعامل "حزب الله" مع إسرائيل. فهل من تفسير لهذا الثبات لدى الحزب في استعمال كلمة "عدو" على رغم تغيّر دلالاتها؟

عندما يُطرح على بساط البحث اليوم سؤال: ما هي القضية المركزية في لبنان؟ هناك جواب واحد لا غير يجب ان يتقدم سائر الأجوبة، هو سلاح "حزب الله".

منذ اتفاق الطائف الذي أنهى أطول فترة في حرب لبنان عام 1975 والتي لا تزال مستمرة بأشكال مختلفة حتى يومنا هذا، كان هناك بند أساسي في هذا الاتفاق هو نزع سلاح الميليشيات التي لم يبقَ منها، بعد مرور 33 عاما على إنجاز هذا الاتفاق، سوى "حزب الله" وسلاحه.

منذ ذلك التاريخ ولغاية الآن يجري تبرير بقاء هذا السلاح بأسباب شتى. فقيل أولا في تسعينات القرن الماضي، إن هذا السلاح باقٍ لغاية تحرير الجزء المحتل من لبنان في جنوبه. لكن هذا التحرير تحقق بانسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي عام 2000 تنفيذا للقرار الدولي الرقم 425 والذي هو آخر قرارات زمن السلاح الفلسطيني في لبنان، فرحلت هذه القوات لكن سلاح الحزب بقيَ ولم يُسحب.

ثم قيل في بداية هذا القرن، إن سلاح "حزب الله" ضروري حتى تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لكن هذا لم يتحقق حتى يومنا هذا. في المقابل، تسبب هذا السلاح بالحرب المدمرة عام 2006، التي شنتها إسرائيل من جراء عملية نفّذها الحزب باجتياز "الخط الأزرق" الحدودي والمصادق عليه دوليا وخطفِ جنود إسرائيليين وقتلهم، ما كاد أن يؤدي الى تدمير لبنان. فكان أن وُلد القرار 1701، ومن بين بنوده سحب سلاح الحزب وإعطاء الدولة اللبنانية الدور الكامل لحفظ الأمن والسيادة على كامل أراضي هذا البلد. لكن طوال فترة 2006 ولغاية اليوم كانت ذريعة "حزب الله" ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة" والتي نال من خلالها أهم غطاء مسيحي في تاريخ لبنان ممثلا بـ"التيار الوطني الحر"، ما رسّخ السلاح اللاشرعي مقابل فوز زعيم "التيار" ومؤسسه العماد ميشال عون برئاسة الجمهورية عام 2016 والذي ستنتهي ولايته بعد أيام.

وآخر الذرائع لتغطية بقاء سلاح "حزب الله"، كان الترسيم البحري الذي سنشهد الاحتفال بولادته اليوم الخميس في الناقورة. ولولا "العيب والحياء" كما يقال، يجدر بالأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ان ينتدب مَن يتصدّر الوفد اللبناني الى الناقورة، لأنه هو صاحب الفضل وليس مَن يزعم انه هو صاحبه والذي سيرحل عن قصر بعبدا في نهاية هذا الأسبوع.

لكي نفهم ماذا يعني الترسيم البحري وبقاء سلاح "حزب الله"، نقتبس من مقال كتبه فريديريك هوف، أول وسيط أميركي في مفاوضات الترسيم بين لبنان وإسرئيل ونشرته صحيفة "النهار" امس. يسأل هوف: "ماذا يحصل إذا وجّهت إسرائيل الى لبنان إشارة الى أن السلام الملبّي لحاجات الجانبين سيتضمّن نقل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا الى لبنان؟

ماذا سيكون رد فعل "حزب الله" على عرض كهذا؟ لا يبدو المرء مستعداً لخسارة مال في الرهان على ذلك، من جرّاء استمرار التمسّك بالحقّ الأبدي بحمل السلاح وبالعزم على تحرير القدس". إنتهى الاقتباس من مقال هوف.

ماذا بعد؟ هل علينا أن ننتظر حربا أخرى في لبنان او في العالم كي يكون هناك قرار أممي جديد لنزع سلاح "حزب الله"؟ تلك هي المسألة وتلك هي المعضلة. وحتى يتبيّن الخيط الأبيض من "الخط الأزرق" أو سواه، سيكون مألوفا ان تبقى كلمة "عدو" ثابتة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار