هل يقفل باب المزايدات ؟
"النهار"- روزانا بومنصف
هل هي زلة لسان من نائب رئيس مجلس النواب مستشار الرئيس ميشال عون في مفاوضات الترسيم الحدودي مع اسرائيل الياس بو صعب الذي استحضر "اتفاقات ابراهام" في كلمته في بعبدا في الاعلان عن توقيع اتفاق الترسيم ؟
استحضار اتفاقات ابراهام بدا لافتا ومن خارج السياق المتوقع مثيرا الخشية ان يعزز ما ذهب اليه بعضهم من وصف الاتفاق بانه خطوة نحو تطبيع مع اسرائيل علما انه لا شك في رفض بو صعب الثابت للتطبيع .
قال بو صعب : "منذ صغري كنت أسمع عن اتفاقات أبراهام، ويمكنني القول اليوم إن لدينا الآن اتفاقات هوكشتاين" لينتقل بسرعة الى توجيه الشكر للوسيط الاميركي مضيفا : "عهد جديد قد بدأ بعد توقيع اتفاق الحدود البحرية مع اسرائيل". كان لافتا استخدام كلمة اتفاق من جانب الفريق العوني فيما انه ولايام خلت كان يطغى ولا يزال تعبير "التفاهم" في وسائل الاعلام الموالية لـ"#حزب الله" في الكلام على الاتفاق الى درجة اثارت التباسا كبيرا يعبر عنه المؤيدون والمناصرون للحزب لجهة اذا كان الاتفاق هو انجاز تاريخي فعلا ام لا.
وتاليا ما الكلمة التي يمكن ان تطلق عليه وهل هو تفاهم ، بمعنى اقل من اتفاق او اتفاقية ،علما ان تعبير تفاهم باللغة الانكليزية لم يستخدم ابدا من الوسيط الاميركي ، ام هو اتفاق او اتفاقية او سوى ذلك علما ان كل هذه التسميات تخضع لشروط مشابهة تقريبا اذا كان الكلام على اتفاق ثنائي يوقعه كل طرف برضاه بغض النظر عن الية ذلك في الموافقات الداخلية ، واذا كان الكلام ايضا على ضمانة خارجية هي ضمانة الولايات المتحدة الاميركية .
فالعبرة الاولى تكمن في القبول العلني والطوعي والرسمي بهذا الاتفاق الذي ورد باللغة الانكليزية انه اتفاق وليس تفاهما . والعبرة الثانية وفقا لقانون المعاهدات الدولية ان قبول الدولة أن تلتزم بمعاهدة يمكن أن يُعبّر عنه بالتوقيع أو بتبادل أدوات قانونية أو بقبول أو بموافقة أو بأي وسيلة أخرى يُتفق عليها ولكنها تصبح ملزمة المعاهدة التي تلزم الدولتين بغض النظر عن تغيير الحكومات فيهما . وايداع الامم المتحدة رسائل الاتفاق التي وافق عليها كل من لبنان واسرائيل وان بتواقيع منفصلة لا ينفي هذا الواقع . ولكن الاهم ان ذكر اتفاقات ابراهام التي تطلق على مجموعة من اتفاقات السلام التي عُقِدت بين اسرائيل ودول عربية برعاية الولايات المتحدة واستخدم هذا التوصيف أوّل مرة في بيان مشترك لإسرائيل والامارات العربية المتحدة والولايات المتحدة ، تثير التساؤل اذا كان ذلك اتى في معرض المقارنة او المعادلة لاتفاق ترسيم مع اتفاق تطبيع او انها هفوة في ذكر اتفاقات ابراهام التي تمحورت على تطبيع العلاقات بين دول عربية واسرائيل قبل نهاية ولاية الرئيس دونالد ترامب ، في معرض الاعلان عن توقيع الاتفاق. طبعا بو صعب قصد من ذلك ابراز مرجعية هوكشتاين وصناعته لاتفاق الترسيم .
لكن لفت كثر مسارعة عون الى اعلان موقف فسره البعض بانه للالتفاف على اي تفسيرات فوزع له ظهرا قوله أن "انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية عمل تقني ليست له أي أبعاد سياسية أو مفاعيل تتناقض مع السياسة الخارجية للبنان في علاقاته مع الدول " فيما توجت مواقف الامين العام ل" حزب الله" السيد حسن نصرالله تبديد المخاوف والاعتراضات الضمنية بتأكيده حصول انجاز يفترض انه يواكب اعلانه سابقا في تموز الماضي من ان " الدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ القرار المناسب الذي يحمي لبنان وثرواته لذلك فإنّ المقاومة مضطرة إلى اتخاذ هذا القرار " وتاليا دخوله على خط المفاوضات لعدم تركها تتحقق من دونه .
ما لاحظته مصادر مراقبة ان الوسيط الاميركي ابرز بعض التوضيحات في حرص لافت على اطلاقها من عين التينة بمقدار اطلاقها من بعبدا متحدثا باسهاب عن الدور البعيد المدى لرئيس المجلس في الوصول الى اتفاق الترسيم وتاكيد اهمية هذا الدور ، وذلك في ظل التزام بري صمت كلي منذ الاعلان عن الوصول الى الاتفاق واحتفالياته.
قال هوكشتاين ان :"الرئيس بري لعب دورا رائدا خلال العشر سنوات الاخيرة في قيادة هذا المسار وسبق وان التقيته خلال هذه الفترة مرات عدة، هو داعم جدا الى ما وصلنا اليه اليوم"." وبغض النظر عن نتائج الانتخابات وبغض النظر عمن سيكون الرئيس المقبل للبنان انا متأكد ان هذا التفاهم آمن ومحمي ويجب ان يطبق من سائر الاطراف . ان جزءا اساسيا من هذا المسار الذي اوصلنا الى ما هو عليه الآن كان إتفاق الاطار والناقورة المحطة الاخيرة ، وفقا لهذا الاتفاق الذي توافقنا عليه مع الرئيس نبيه بري".
و قال ايضا ان " الحكومتين ملتزمتان كل على حدة، وبشكل منفصل ".
وقال من بعبدا " والمهمّ اليوم هو ما سيحصل بعد الاتفاق وأعتقد أنه سيكون نقطة تحوّل اقتصاديّة للبنان ولنهوضه".وتابع "لا شيء في هذا الاتفاق سيعرقل أو يؤخّر العمل من الجهة اللبنانية وهو يسمح ببدء التنقيب ولا شيء سيأخذ عائدات النفط من اللبنانيين".
وقال ايضا " أهمّ ما في الاتفاق هو أنّه في خدمة الفريقين وليس من مصلحة البلدين خرقه وإذا خرق أيّ طرف الاتفاق لن يكون هذا لصالحهما".و ان "الاتفاق يسمح ببدء العمل في حقل قانا وحق الشعب اللبناني مضمون ببنود الاتفاق ".
الكثير مما قاله هوكشتاين مدروس ، وفق ما علم، في ظل مراقبة عن كثب لتفاعل الاعلان عن الاتفاق منذ حصوله واي تساؤلات يثيرها اللبنانيون في ظل تحفظ، ان لم يكن غياب للشفافية في مناقشة الاتفاق اعلاميا وسياسيا والحاجة الى اجوبة تبدد الكثير من التساؤلات .
المهم ان الجميع دخل الى الاحتفال بالاتفاق للمشاركة فيه بمن فيهم الحزب . فهل يقفل باب المزايدات ؟