"الذهاب والإياب" الرئاسيّ خلال سنوات عهد عون... | أخبار اليوم

"الذهاب والإياب" الرئاسيّ خلال سنوات عهد عون...

| الإثنين 31 أكتوبر 2022

التراجع الأخطر في علاقات لبنان مع الدول الخليجية


"النهار"- مجد بو مجاهد

في جغرافيا الزيارات الخارجية الرسمية التي عرفها العهد الرئاسي اللبناني الثالث عشر بعد الاستقلال، تنوّعت الدول التي كانت وجهة رئيس الجمهورية ميشال عون على امتداد الأعوام الستّة الماضية. ويتظهّر أن السنوات الثلاث الأولى شهدت "الذهاب والإياب" لغالبية الرحلات الجويّة الرئاسية، بعدما قصد "جواز سفر" الرئاسة الأولى دولاً بارزة عربياً ودولياً. وفي المقابل، انحسرت حركة "الإقلاع والهبوط" في النصف الثاني من الولاية الرئاسية بين 2020 و2022 تزامناً مع انتفاضة شعبية تلتها جائحة "كورونا"، إضافة إلى أخطر تراجع في العلاقات اللبنانية - العربية وتحديدا الخليجية ، فيما يبدو قليلاً عموماً ونادراً على المستوى العربي حضور القادة الرؤساء إلى لبنان طوال سنوات العهد.

وقد بدأت مؤشرات سنوات حكم عون بمنحى أفضل لجهة العلاقات العربية، قبل أن يتراجع المؤشر تدريجاً بشكل أكبر عاماً تِلْوَ الآخر. ويتبيّن ثانياً أنّ الزيارات الخارجية الأكثر "ضخامة" وأهمية ورسوخاً جرت تحديداً في السنة الأولى من عمر العهد. وتتمثل الملاحظة الثالثة الأساسية في جردة الجولات الرئاسية، في أنّ عون لم يَطأْ أرض سوريا أو إيران طوال فترة ترؤّسه الجمهورية. وفي المقابل، يتظهّر رابعاً أن الدول التي قصدها تعتبر الأقرب تاريخياً للبنان. فماذا بدايةً في أبرز الزيارات الخارجية التي طبعت عهده؟

أقلعت طائرة الرحلة الرئاسية الأولى في كانون الثاني 2017 إلى المملكة العربية السعودية التي كانت الوجهة الأولى للزيارات الخارجية الرسمية حيث أمضى رئيس الجمهورية ثلاثة أيام في الرياض والتقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وعُقدت اجتماعات موسّعة بين الجانبين الوزاريين السعودي واللبناني. وتمثّلت الوجهة الثانية بعد أيام قليلة في الدوحة، مع إجرائه مباحثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال زيارة رسمية استغرقت يومين. ووصل الرئيس اللبناني في شباط 2017 إلى القاهرة في زيارة رسمية إلى مصر استغرقت يومين التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في جلسة مباحثات تناولت العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية. وسافر عون إلى الفاتيكان منتصف آذار من العام نفسه في زيارة رسمية، التقى خلالها قداسة البابا فرنسيس وأمين سرّ الكرسي الرسولي الكاردينال بييترو بارولين. أما النداء الموجّه إلى المسافرين قبل إقلاع الطائرة الرئاسية في أواخر آذار 2017، فكانت وجهته الأردن مع حضور رئيس الجمهورية القمة العربية التي شارك فيها 17 من القادة العرب في السويمة على البحر الميت. وحطّت الطائرة التي أقلّت الرئيس عون في فرنسا في أيلول من السنة نفسها، في زيارة رسمية استمرت ثلاثة أيام التقى خلالها الرئيس إيمانويل ماكرون ومسؤولين فرنسيين والجالية اللبنانية. وكانت هذه الزيارة الأولى لرئيس أجنبي منذ وصول الرئيس الفرنسي إلى سدّة الرئاسة.

وكانت الكويت الوجهة الرئاسية اللبنانية في كانون الثاني 2018، حيث تمّ اللقاء مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في قصر بيان. وثُبّتت سلالم الطائرة في بغداد في شباط من السنة نفسها، في زيارة رسمية تخلّلها لقاء مع الرئيس العراقي فؤاد معصوم. وثم إلى أرمينيا حيث عقدت قمة لبنانية - أرمينية مع رئيس جمهورية أرمينيا سيرج سركيسيان في القصر الجمهوري في يريفان. وكانت أضواء نيويورك محطّة وفد لبناني رسمي ترأسه عون في أيلول 2018 لحضور افتتاح أعمال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة. وزار موسكو في آذار 2019 واجتمع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان مدرج مطار قرطاج الدولي في تونس محطة هبوط وإقلاع في أواخر آذار أيضاً، حيث اجتمع بنظيره الباجي القايد السبسي وألقى كلمة في أعمال القمة العربية. إلى ذلك، غدت نيويورك الوجهة مجدّداً في أيلول 2019، حيث ألقى عون كلمة لبنان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وبعد ذلك، سُمع هدير الطائرة المقلّة رئيس الجمهورية في مطار الدوحة الدولي في زيارة جديدة خلال سنوات عهده إلى قطر في أواخر تشرين الثاني 2021 مع إجرائه محادثات موسّعة في الديوان الأميري. وإلى إيطاليا في آذار 2022، وصل مع موفد مرافق إلى مطار فيوميتشينو وكانت له لقاءات مع البابا فرنسيس والرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا.

ماذا في زيارات القادة والرؤساء إلى لبنان في العهد الرئاسي الثالث عشر؟ لا يخفى أن السنوات الماضية اتسمت ببرودة في العلاقات اللبنانية - العربية التي لم تكن في أوجِها لاعتبارات تدخّل "حزب الله" إقليمياً ومشاركته في الحروب الاقليمية ومحاولاته زعزعة أمن الدول العربية. وكان برز مؤشّر تراجع العلاقات اللبنانية - العربية، بدءاً من إلغاء عدد من رؤساء الدول العربية مشاركتهم في القمة الاقتصادية التي عُقدت في كانون الثاني 2019 في بيروت. واقتصر حضور الزعماء العرب على أمير قطر ورئيس موريتانيا. وترافق ذلك مع تصاعد نفوذ "حزب الله" داخلياً وأزمات ديبلوماسية على مراحل تسبب بها عدد من الوزراء الذين عُيّنوا في الحكومات اللبنانية المتعاقبة وصولاً إلى الأزمة التي تسبب بها تصريح جورج قرداحي لجهة انسحاب سفراء دول خليجية وبعثات ديبلوماسية من لبنان قبل استقالته من الحكومة. وإلى ذلك، عرف العهد الرئاسي أيضاً انعقاد ما سميّ "اللقاء المشرقي" في تشرين الأول 2019 الذي افتتح رئيس الجمهورية مؤتمره الأول بعنوان "لقاء صلاة الفطور، لبنان وطن الحوار والحضارات" في حضور سفراء ووزراء دول عدّة في المنطقة من دون أن تشمل مشاركة شخصيات على مستوى القادة والرؤساء.

في سياق آخر، شهدت الأعوام الستة الماضية حضوراً بارزاً للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في لبنان على مستوى القادة الرؤساء، إذ يُعتبر الشخصية الأبرز التي زارت لبنان خلال ولاية العهد الرئاسي. وهو وصل إلى بيروت في زيارة طارئة وتضامنية أولى في 6 آب 2020 عقب انفجار مرفأ بيروت، مؤكداً حاجة لبنان لإجراءات سياسية قوية لمحاربة الفساد وقيادة البلد إلى الإصلاح. وعاد ماكرون بعد قرابة شهر في زيارة ثانية إلى لبنان في 31 آب 2020، وهي المرحلة التي عُرفت بإطلاق المبادرة الفرنسية للحضّ على تنفيذ الاصلاحات العاجلة التي يحتاجها لبنان. وتزامن ذلك أيضاً مع مناسبة حلول مئوية دولة لبنان الكبير. ومن جهة ثانية، بدا بارزاً حضور ممثلي جامعة الدول العربية على امتداد السنوات الماضية إلى لبنان، بما شمل الأمين العام للجامعة أحمد ابو الغيط ومساعده السفير حسام زكي، في زيارات اتخذت بُعداً هادفاً للبحث عن حلول في ظل الأوضاع التي يعيشها لبنان. وزار بيروت أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في كانون الأول 2021، وكانت له لقاءات حضّ خلالها على إيجاد حلول للأزمات التي تعصف بالبلاد. واعتبرت الأمم المتحدة أن هذه الزيارة ذات طابع تضامني في المرحلة الحرجة. والتقى غوتيريس خلال جولته الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، كما عقد لقاءات مع المسؤولين السياسيين. وكان يُنتظر أن يشهد حزيران 2022 زيارة يعتزم البابا فرنسيس القيام بها إلى لبنان، لكنّ الجانب اللبناني عاد وأعلن تأجيلها لأسباب صحية.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار